السليمانية (العراق)- شكل المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني لجنة تحقيق حول قضية شهادات ودعوى قضائية سجَّلها أعضاء بارزون في الحزب أمام المحاكم في بغداد لصالح لاهور الشيخ جنكي الرئيس المشترك سابقا في الاتحاد الوطني الذي يحاول استرداد منصبه.
وحصلت “جريدة العرب” على نسخة من الكتاب الذي يحمل توقيع رفعت عبدالله مقرر الاتحاد الوطني بشأن تشكيل لجنة تحقيقية مؤلفة من عضوين للمجلس القيادي وعضو في الهيئة العاملة للحزب، وسط ترجيحات بطرد هؤلاء الأعضاء المقربين من الشيخ جنكي من صفوف الاتحاد الوطني.
وبحسب المعلومات المتداولة فإن كلا من جتو صالح، بروين كاكه حمه، سردار هركي الأعضاء في المجلس القيادي بالحزب أدلوا بشهاداتهم أمام المحاكم في بغداد لصالح لاهور الشيخ جنكي إذ اعتبروا التغييرات التي تلت ما يُعرف بأحداث الثامن من يوليو 2021 في الاتحاد الوطني بأنها تخالف القوانين المعمول بها والنظام الداخلي للحزب، لتثير تلك الشهادات غضب بافل جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني.
◙ الاتحاد الوطني تعرض لانشقاق كبير في العام 2016 بقيادة كوسرت رسول وبرهم صالح، نائبي رئيس الاتحاد الوطني حينها
وكان المجلس القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني قد ألغى في الثامن من أغسطس 2022 نظام الرئاسة المشتركة للحزب، وانتخب بافل جلال طالباني رئيسا للاتحاد، وذلك بعد نجاحه في إبعاد ابن عمه لاهور الشيخ جنكي من الرئاسة المشتركة للحزب واتهامه بمحاولة تصفيته وقتله بالسمّ في حين أن الشيخ جنكي كان قد حصل على غالبية أصوات المؤتمر التنظيمي للاتحاد الوطني الذي جرى بداية 2020.
ويقول مراقبون إن سعي بافل طالباني للانفراد بالقرار وتهميش القيادات المؤثرة الأخرى من شأنه أن يقود إلى تعميق الخلافات داخل الحزب ويمهد لانشقاقات جديدة خاصة بعد ما راج من تسريبات عن اعتزام زعيم الحزب حل المجلس الأعلى الذي يشكل مركز القرار داخل الحزب.
وتأسس الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو أحد الأحزاب السياسية العلمانية الليبرالية، في الفاتح من يونيو 1975 كرد فعل على الانهيار الذي مُنيت به حركة التحرر الكردية بزعامة مصطفى بارزاني وحزبه الديمقراطي الكردستاني عقب توقيع اتفاقية الجزائر بين الحكومة العراقية وإيران التي كانت تدعم الحركات المسلحة الكردية، ليحمل الاتحاد الوطني شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق تقرير المصير للشعب الكردي في العراق.
وقبل الانتكاسة الكردية كانت هناك بوادر خلافات ظهرت بين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مصطفى بارزاني وجلال طالباني الذي كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب آنذاك مما أدّى إلى انشقاق جناح إبراهيم أحمد وجلال طالباني عن الحزب ليشكل حلفا مع الحكومة المركزية العراقية آنذاك.
وتشكلت قاعدة الحزب من المثقفين والمحاربين المتطوعين “البيشمركة”، وبدأ الحزب حملات مسلحة بشكل مباغت ضد الحكومة المركزية، لتتوقف الحملات في مرحلة المفاوضات بين الاتحاد الوطني والحكومة العراقية بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين.
ولكن هذه المفاوضات فشلت وبدأ الصراع مرة أخرى حيث استخدم عناصر الاتحاد الوطني مختلف الأساليب لاغتيال وتصفية ضباط الجيش العراقي في القطعات المنتشرة على الحدود العراقية في كردستان العراق مع إيران حتى حصلت للحزب انتكاسة قاسية في عام 1988 واضطر حينها طالباني لمغادرة شمال العراق واللجوء إلى إيران.
وشهد الاتحاد الوطني مسلسلا لانشقاقات في صفوفه طوال مسيرته السياسية، أبرزها انشقاق نوشيروان مصطفى أمين “العقل المدبر” للانتفاضة الكردية عام 1991 مع مجموعة من قيادات الحزب حين أعلنوا عن تأسيس حركة جديدة عام 2009 باسم حركة التغيير التي كانت تتبنى سياسة محاربة الفساد وتوريث نظام الحكم والحزب في إقليم كردستان.
وفازت الحركة بـ25 مقعدا في البرلمان الكردستاني في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2009 و9 مقاعد في الانتخابات التشريعية العراقية عام 2010.
وكان الاتحاد الوطني تعرض لانشقاق كبير في العام 2016 بقيادة كوسرت رسول وبرهم صالح، نائبي رئيس الاتحاد الوطني حينها، إلى جانب قيادات بارزة أخرى على غرار الشيخ جعفر ومحمود سنكاوي وحاكم قادر وآخرين يقدر عددهم بأكثر من عشرين قياديا في الاتحاد، وشكلوا مركزا للقرار داخل الاتحاد الوطني الكردستاني.
واعتبر هؤلاء أنفسهم القيادة الشرعية التي تمثل الاتحاد الوطني وأن أيّ قيادة أخرى لا تحظى بأيّ شرعية أو مشروعية، في إشارة حينها إلى هيرو إبراهيم أحمد زوجة الراحل جلال طالباني وأبنائه ولاهور شيخ جنكي وملا بختيار.
وعقب وفاة جلال طالباني الأمين العام للاتحاد الوطني عام 2017 عاد أغلب قادة جناح مركز القرار إلى صفوف الحزب لكن برهم صالح أسس تحالف الديمقراطية الوطنية للمشاركة في الانتخابات التشريعية في العراق، وعقب الانتخابات عاد إلى صف الاتحاد الوطني ليكون رئيسا للجمهورية العراقية.
العرب