المناخ محور الإنجازات والاحتجاجات وحتى الانتخابات في العام 2023

المناخ محور الإنجازات والاحتجاجات وحتى الانتخابات في العام 2023

واشنطن – وسط الانشغال بتطورات الحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها العالمية، يظل تغير المناخ القضية الأكثر أهمية وخطورة في نفس الوقت بسبب تأثيراتها التي تشمل الجميع، والتي باتت في عدد من الدول ترسم توجهات الشعوب والحكومات للفترة المقبلة وخياراتهم في صناديق الاقتراع.

وشغلت تلك القضية كثيرا من جداول أعمال اجتماعات دولية خلال العام الماضي الذي شهد كوارث وتقلبات جوية غير مسبوقة بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.

وشهد العام الماضي بالفعل مستويات مرتفعة للغاية من هطول الأمطار والفيضانات في مناطق، وجفافا حادا في مناطق أخرى على نحو غير معتاد، حتى أن بحيرات وأنهارا جفت بالفعل، وذلك كله وسط ارتفاع قياسي في درجات الحرارة. ومع استمرار تلك الظواهر، ما الذي يمكن فعله خلال العام الحالي؟

يقول أكشات راثي الكاتب المتخصص في شؤون المناخ في تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ للأنباء إن عام 2022 شهد كثيرا من الأحداث، حيث تسببت حرب روسيا على أوكرانيا في عرقلة عجلة الاقتصاد العالمية التي كانت قد عادت للتو إلى الحركة.

وكما أصبح موضوعا متكررا على كوكبنا الدافئ، حافظت أخبار المناخ، الجيدة والسيئة على حد سواء، على وتيرتها التي لا هوادة فيها.

وقال راثي إن قضية المناخ وصلت بالفعل إلى صناديق الاقتراع في أوائل العام الماضي، حيث صوت الأستراليون في ما وصف بأنه “انتخابات المناخ”. واختاروا التخلص من حكومة كانت في السلطة لما يقرب من عقد من الزمان وبالكاد تتشدق بالحد من انبعاثات غازات الاحترار في الكوكب.

وبانتقال السلطة إلى المعارضة، انتخب الأستراليون مجموعة كبيرة من المشرعين المستقلين الذين من المرجح أن يدفعوا حزب العمال ليكون أكثر تأييدا لقضايا البيئة مما وعد به. وما حدث في أستراليا يحمل دروسا للاقتصادات الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والهند والمملكة المتحدة وإندونيسيا، وكلها تستعد هذا العام للانتخابات في عام 2024.

وعلى الرغم من أزمة الطاقة وارتفاع التضخم، أو ربما بسبب ذلك، واصل الاتحاد الأوروبي عملية إضفاء الطابع الرسمي على الصفقة الخضراء. إنها مجموعة من اللوائح والإعانات واسعة النطاق التي ستحفز جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة على جعل مصادر الطاقة نظيفة وتقليل استخدام الطاقة.

ومع ذلك، جاءت أكبر أخبار المناخ لهذا العام خلال الصيف، عندما مكن انعكاس مفاجئ من قبل السيناتور الأميركي جو مانشين إدارة الرئيس جو بايدن من تمرير مشروع قانون المناخ الأكثر طموحا في التاريخ الأميركي.

وكان الكم الهائل من الدعم الحكومي للتكنولوجيات الخضراء، الذي طالما دعا إليه الملياردير الأميركي بيل غيتس وآخرون، سببا في دفع سياسة المناخ من مرحلة التعاون إلى مرحلة المنافسة. وبالفعل هذا العام، أعلنت فرنسا عن مشروع قانون للصناعة الخضراء لوقف الشركات من الانجذاب إلى حوافز المناخ الأميركية. ويمكننا أن نتوقع المزيد من هذه التحركات مع مرور أيام عام 2023.

ومن شأن هذه الحوافز الحكومية والإعفاءات الضريبية أن تسرع من تطوير التكنولوجيات الخضراء كما لم يحدث من قبل، وتشجع الشركات القائمة على الانتقال إلى ممارسات تجارية أكثر استدامة.

ويقول راثي إنه في العام الماضي سمعنا من “إلكترا”، وهي شركة ناشئة، أنها قادرة على صنع حديد خال من الكربون في درجات حرارة أكثر برودة من قهوتك. وستقوم “إلكترا” ببناء منشأة في عام 2023 بهدف إثبات جدواها المالية. ويضيف أن توسيع نطاق التقنيات الجديدة أمر صعب بما فيه الكفاية والقيام بذلك في الموعد النهائي يضيف المزيد من الضغط ويفرض حلولا أكثر إبداعا.

ويقول “توقعوا أن تسمعوا عن المزيد من الإنجازات في عام 2023 وأن تروا المزيد من الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ تنمو لتصبح شركات ناضجة”.

2022 سنة شهدت شهد كثيرا من الأحداث، وحافظت أخبار المناخ، الجيدة والسيئة على حد سواء، على وتيرتها التي لا هوادة فيها

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض أسعار الأسهم والتضخم المستمر، ضاعفت الشركات الكبرى أهدافها المناخية. ومع ذلك، كما أظهر تحقيق “بلومبيرغ غرين”، فإن هذه الضغوط تعني أن الكثيرين تحولوا إلى تعويضات رخيصة وحيل إبداعية لتحقيق أهدافهم. وليس هناك شك في أن عام 2023 سيجلب المزيد من الأموال والمزيد من الأشخاص للتعويضات، وربما سيكون هناك المزيد من الجهود لتجنب المزالق.

ويقول راثي إنه خارج القوى الاقتصادية والسياسية، سيكون هناك بلا شك ضغط سياسي متزايد في شكل احتجاجات لبذل المزيد من الجهد. لكن عام 2022 شهد قيام الحكومات بقمع النشطاء بشكل أقوى من ذي قبل.

ويتساءل “ماذا سيجلب عام 2023؟”، ويقول إن البعض يدعو إلى اتخاذ إجراءات أكثر راديكالية، لكن فرع المملكة المتحدة من حركة “تمرد ضد الانقراض”، أكبر الجماعات الراديكالية، قال إنه سيتخلى عن الاحتجاجات التي تعطل الحياة العامة.

وتقول بلومبيرغ إن الأيام القليلة الأولى من عام 2023 تُظهر على ما يبدو أن اتجاه الاحترار سوف يستمر. وبدأ العام بواحدة من أقسى فترات الشتاء الدافئة في السجلات الأوروبية، وفقا لخبراء الأرصاد الجوية. وبعد أن

حطمت القارة الأرقام القياسية للحرارة الصيفية للعام الثاني على التوالي في عام 2022، تم تسجيل ارتفاعات موسمية جديدة في العديد من الدول الأوروبية في يوم رأس السنة الجديدة. ويرى العلماء أن درجات الحرارة قد تخترق الحد الأدنى لاتفاقية باريس البالغ 1.5 درجة مئوية في غضون عقد من الزمان.

العرب