تمر التحالفات السياسية التي تشكلت في العراق عقب الانتخابات التشريعية المبكرة، بوضع ضاغط في علاقة بصراعات على الحصص من التعيينات، وسط نذر انقسامات وتصدعات تهدد لاسيما تحالف السيادة السني.
بغداد – تشهد الساحة العراقية حالة من السيولة السياسية في علاقة بالصراعات الدائرة بين التحالفات وداخلها بشأن المناصب الإدارية والمالية والأمنية، الأمر الذي قد تكون له تداعيات على تماسك هذه التحالفات، وقد يجد بعضها نفسه معرضا للتفكك قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات المقررة في الخريف المقبل.
ويشهد الإطار التنسيقي الحاكم، الذي يضم القوى الموالية لإيران، خلافات بين أقطابه بشأن توزيع عدد من المناصب لاسيما تلك المتعلقة بالجهازين الأمني والاستخباري. وترتبط هذه الخلافات أساسا بائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتائب عصائب أهل الحق التي يقودها قيس الخزعلي.
ويستبعد مراقبون أن تخرج الخلافات داخل الإطار التنسيقي عن السيطرة، لعدة أسباب أهمها استشعار هذه القوى وجود حاجة ماسة للحفاظ على هذا الحلف، في ظل التحديات التي يواجهونها في الداخل لاسيما مع إبداء خصمهم التيار الصدري النية للعودة إلى المشهد السياسي مجددا، فضلا عن الوضع الخارجي المرتبط بالضغوط الأميركية.
ويلفت المراقبون إلى أن من الأسباب الرئيسية الأخرى هو موقف إيران التي تسمح بهامش من الحركة داخل التحالف العراقي الموالي لها، ضمن ضوابط محددة تمنع أي تصدع أو انقسام، لاسيما في الظرف الراهن والصراع الدائر على أشده مع الولايات المتحدة في العراق.
وفي مقابل استبعاد فرضية أن تؤثر الخلافات الدائرة على تماسك الإطار التنسيقي، فإن الوضع يبدو مختلفا بالنسبة إلى الساحة السنية، في ظل الصراعات التي تعصف بتحالف السيادة سواء كان مع محيطه السياسي السني أو في داخله، تغذيه بعض القوى المنتمية للإطار التنسيقي.
وقد قادت هذه الخلافات إلى انشقاق عدد من الأعضاء عن التحالف ولاسيما عن حزب تقدم الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي يواجه هذه الأيام هجمة شرسة تطالب بإقالته من منصبه. وأكد القيادي في تحالف تقدم، كامل نواف الغريري الثلاثاء أن الخلاف الدائر في تحالف السيادة وتقديم أكثر من نائب استقالته يرتبطان أساسا بصراع مصالح.
وقال الغريري في تصريحات لوسائل إعلام عراقية إن “الذي يحصل في المكون السني سببه عدم تمكن رئيس البرلمان العراقي من إرضاء أغلب القيادات السنية، وأيضا بسبب عدم نجاح أغلب الذين رشحوا أنفسهم”. وأضاف القيادي في تحالف السيادة أن “الكل يبحث عن المناصب في الدولة والخلاف من أجل المصالح”، مشيرا إلى أن “الجميع كان مع مشروع الحلبوسي والخنجر لكن بعد توزيع المناصب أغلب المرشحين انسحبوا إلى السيادة”، موضحا أن “الخلافات لن تبقى في المكون السني فقط بل ستتجه إلى الشيعي والكردي أيضا”.
ولفت إلى أن “بعض شيوخ العشائر السنية يتصلون برئيس مجلس النواب ويطالبونه بوضع إحدى الشخصيات وزيرا ليمثل مناطقهم”. وتشكل تحالف السيادة في خضم الأزمة السياسية التي عصفت بالعراق لأكثر من عام عقب الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في العراق في أكتوبر من العام 2021، وضم هذا التحالف الذي تم برعاية تركية حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي وتحالف العزم الذي يقوده رجل الأعمال خميس الخنجر.
ويرى مراقبون أن تشكيل تحالف السيادة لم يجر وفق منطلقات مبدئية، ولم يأت نتاج مراجعات قام بها الحلبوسي أو الخنجر، بل تشكل لدوافع ظرفية مؤقتة، وبالتالي فإن فرضية استمراره غير واردة وقد ينتهي هذا التحالف قبل انتخابات مجالس المحافظات.
ويلفت المراقبون إلى أن منسوب عدم الثقة بين الحلبوسي والخنجر تضاعف خلال الفترة الأخيرة، في ظل شكوك كبيرة لدى رئيس تقدم بأن زعيم تحالف العزم منخرط خلف الكواليس في الحملة التي يتعرض لها والتي تتصدرها قوى عشائرية وسياسية سنية.
◙ تشكيل تحالف السيادة لم يجر وفق منطلقات مبدئية، ولم يأت نتاج مراجعات قام بها الحلبوسي أو الخنجر
ويشيرون إلى أن الحلبوسي يحاول في الفترة الأخيرة الحفاظ على شعرة معاوية قائمة مع الخنجر، في سياق الحرص على تحييده، لكن مآلات الأمور لا تبدو أنها تسير وفق ما يريده، حيث أن الأخير بالتأكيد سيحرص على استغلال الضغوط المسلطة على الحلبوسي من أجل حصد تنازلات منه لاسيما في التعيينات الجارية في الحكومات المحلية والهيئات الرسمية.
ويعتقد المراقبون أن فرص استمرار تحالف السيادة إلى حين انتخابات مجالس المحافظات تبدو ضعيفة، وهي مرهونة بمدى قابلية رئيس حزب تقدم للمزيد من التنازلات لحليفه اللدود.
والوضع ليس بأفضل بالنسبة إلى المكون الكردي الذي يشهد هو الآخر انقسامات خطيرة بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي، والتي تنذر بإمكانية عودة نظام الإدارتين. وأكدت لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية الثلاثاء أن إجراء انتخابات مجالس المحافظات محسوم وستجرى وفق الموعد المحدد له، مشيرة إلى توفر العوامل الرئيسية لإجراء الاستحقاق.
وقال عضو اللجنة النائب محمد الشمري في تصريح صحفي، إن “حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بصدد مناقشة قانون الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات مع مفوضية الانتخابات بهدف استكماله وإرساله إلى مجلس النواب لإقراره”.
وأضاف الشمري أن “إجراء انتخابات مجالس المحافظات محسوم وسيجرى وفق الموعد الذي حدده البرنامج الحكومي”، وأوضح أن “ثلاثة عوامل رئيسية لإجراء الانتخابات متوفرة وهي وجود إرادة سياسية والإعداد متواصل مع مفوضية الانتخابات لغرض تهيئة الإجراءات اللوجستية وأن الموازنة ستتضمن أموالا مخصصة لإجراء الانتخابات”. وكان البرنامج الحكومي لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد حدد موعد إجراء الانتخابات في أكتوبر من السنة الحالية.
العرب