الباحثة شذى خليل*
برزت الهند كدولة رائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة، حيث أصبحت ثالث أكبر دولة منتجة لها عالمياً، والرابعة في إنتاج طاقة الرياح المثبتة، وخامس أكبر دولة منتجة للطاقة الشمسية المثبتة، إذ يشهد القطاع في البلاد ازدهاراً ملموساً مع الابتكارات الجديدة وذلك منذ إطلاقها سياسة الطاقة المتجددة والتي تواصل بها بثبات مسيرتها نحو ضمان توفير ظروف بيئية أفضل وحماية العدالة المناخية.
بحسب تقرير معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي وتمويل طاقة المناخ العالمي ، أخذ قطاع الطاقة المتجددة في الهند ينمو بشكل سريع ومتطور، على الرغم من أن البلاد قطعت أشواطا كبيرة في مجال الطاقة النظيفة، إلا أن الخبراء يقولون إنه لا يزال هناك مجال للتحسين، إذ أظهرت بعض التوقعات أنه من الممكن أن تضيف الهند حوالي 35 إلى 40 جيجاوات من الطاقة المتجددة سنويًا حتى عام 2030، وهو ما يكفي لتزويد ما يصل إلى 30 مليون منزل إضافي بالطاقة كل عام.
تقدر توقعات الحكومة الهندية أن البلاد ستنتج المزيد من الطاقة المتجددة – 500 جيجاوات – في نفس الإطار الزمني. حاليًا، يمثل الوقود الأحفوري 59 بالمئة من قدرة الطاقة المركبة في الهند، ولكن من المتوقع أن يشكل 31.6 بالمئة فقط من مزيج الطاقة بحلول عام 2030.
و رفعت الهند قدرتها للطاقة المتجددة أكثر من 250 في المائة خلال ست سنوات، محققة وتيرة نمو سريعة مقارنةً بأي بلد آخر، لا سيما لكونها دولة نامية تضم 1.4 مليار شخص، ما جعلها رائدة عالمياً في مجال الطاقة المتجددة ومكّنها من قيادة المجتمع الدولي نحو العدالة المناخية والاستدامة البيئية.
وتمكنت الحكومة الهندية من تحقيق طموحاتها للعام 2022 بتوليد 100 جيجا واط من مصادر الطاقة المتجددة قبل وقت طويل من الجدول الزمني المحدد سابقاً، مما يضمن خفض تكلفة الطاقة الشمسية بشكل كبير حتى تاريخه، وقامت باختيار المسار الذي يمكن أن يتعايش فيه الاقتصاد والبيئة جنباً إلى جنب وبسعادة، حيث تمكنت من حماية البيئة دون عرقلة عدد كبير من مشاريع البنية التحتية.
ومن المشاريع المهمة التي تسعى الدولة الى تحقيقها ، مشروع الطاقة النظيفة الذي يستهدف مشروع الطاقة المتجددة في الهند ربط محطات الطاقة الشمسية الكائنة في صحاري راجستان وغوجارات المشمسة، وكذا مزارع الرياح في ولاية تاميل نادو، بالشبكة الوطنية، وفق ما ذكره بيان صادر عن وزارة الطاقة.
سيساعد المشروع كذلك على تعزيز قدرات نقل الكهرباء النظيفة بين الأقاليم في الهند، من 112 جيجا واط إلى 150 جيجا واط، بحلول نهاية العقد الجاري.
تخطط الحكومة الهندية إلى رفع قدرتها الإنتاجية للطاقة المتجددة من 100 جيجا واط الحالية إلى 500 جيجا واط المستهدفة بحلول عام 2030، وبعدما كانت مربوطة في عام 2014 بـ20 جيجا واط.
هذا، وتقرر الهند تنفيذ خطة بقيمة 2.44 تريليون روبية (29.6 مليار دولار أميركي) لبناء خطوط نقل لتوصيل إنتاج الكهرباء النظيفة، في إطار جهود لمضاعفة سعة إنتاج الطاقة المتجددة في الهند بواقع 3 مرات بحلول 2050، حسبما ذكرت وكالة “بلومبرغ”.
التحالف الدولي للطاقة الشمسية ذكر في عام 2015م أكد أن الشعب الهندي تمكن من تقليل انبعاثات الكربون في البلاد، وكذلك استبدال الوقود الأحفوري في قطاع الطاقة وتحويله كاملاً إلى إنتاج الوقود الحيوي، فضلاً عن الخطوات القوية التي تم اتخاذها من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي في الأهداف الخضراء.
وبينما يشغل الشعب الهندي أكثر من 17 في المائة من سكان العالم، إلا أن انبعاثات البلاد تمثل نحو 5 في المائة فقط من الانبعاثات العالمية، كما تمكنت الهند من تخفيض أكثر من 50 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً على مدار العامين الماضيين. وتحث على تغيير نمط الحياة للشعب، ما يؤدي إلى استدامة أفضل للبيئة التي نعيش فيها.
أما دور الفحم في توليد الكهرباء، فتعمل نيودلهي على رفع حصة الطاقة المتجددة في الهند إلى 50% من مزيج الكهرباء الوطني بحلول نهاية العقد الحالي، وسد تحديات كبيرة من التحول بعيدًا عن الفحم بوصفه مصدرًا لتوليد الكهرباء.
إن الهند تستخدم الوقود الأحفوري في تغذية قطاع الكهرباء؛ بما يتوافق مع نمط الاستهلاك الحالي وضوابطه، حيث مثّل الفحم ما نسبته 69.9% من إجمالي توليد الكهرباء في الهند، البالغ 1490.277 مليار وحدة في العام المالي 2021-2022، بارتفاع نسبته 9.5% عن العام المالي السابق، إذ وصل معدل توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في الهند إلى 11.4%، أو ما يعادل قيمته 169.369 مليار وحدة، بينما بلغ معدل توليد الكهرباء من الفحم 1041.459 مليار وحدة.
ختاما ستصبح الهند بالفعل قوة دولية عظمى، لأن لدى الهنود حلم وطموح يرتقي إلى مستوى تحقيق تلك الغاية، وتخطط للتنمية والاستثمار في الاقتصاد سيجعلها في مصاف الدولة العظمى .
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية