كيف يؤثر التضخم على تكلفة معيشتك؟‌ وما العمل؟ وماذا عن الدول الأعلى تضخما عالميا؟‎

كيف يؤثر التضخم على تكلفة معيشتك؟‌ وما العمل؟ وماذا عن الدول الأعلى تضخما عالميا؟‎

أثرت المستويات المرتفعة للتضخم على اقتصادات البلدان خلال العامين الماضيين وفرض هذا الوضع على المستهلكين تكاليف أعلى وخيارات مالية أصعب.

لماذا يرتفع معدل التضخم في الوقت الحالي؟ وكيف يؤثر على معيشة الناس؟ وما العمل؟ وكيف تبدو الآفاق مستقبلا؟

ما أسباب ارتفاع التضخم؟
يقول تقرير بمجلة “فوربس” (Forbes) الأميركية، إن بيانات التضخم الشهرية في الولايات المتحدة بلغت ذروتها بمعدل سنوي قدر 9.1% في يونيو/ حزيران 2022، قبل أن تتراجع نسبيا منذ ذلك الحين.

وينقل تقرير فوربس عن خبراء اعتقادهم بأن التضخم المرتفع الذي نشهده اليوم قد يكون حدث بسبب مجموعة من العوامل بينها:

الانتعاش القوي الذي شهدته فترة ما بعد الوباء
استمرار تأثر سلاسل التوريد
الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة والغذاء
رفع أسعار الفائدة
الزيادات في الأجور بعد سنوات من النمو المنخفض
وعاد التضخم في أميركا -أكبر اقتصاد في العالم- مرة أخرى للتسارع، فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.5% في يناير/كانون الثاني الماضي بعد ارتفاعه 0.1% في ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، نتيجة زيادة أسعار البنزين 3.6%.

وحسب وزارة العمل الأميركية، زاد مؤشر أسعار المستهلك في 12 شهرا حتى يناير/كانون الثاني الماضي بـ 6.4%، وفق ما نقلت وكالة رويترز.

متى يحدث التضخم؟
يقول تقرير مجلة فوربس إن التضخم يحدث عندما تؤدي التغييرات في الاقتصاد إلى ارتفاع الأسعار على نطاق واسع، مما يقلل من القوة الشرائية للمستهلكين، وتضيف أن السبب الأساسي لزيادة الأسعار هو التفاوت بين العرض والطلب.

وتعتقد أن هناك 3 أسباب رئيسية قد تجعل الطلب يفوق العرض وهي:

اضطرابات العرض، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19
زيادة المعروض النقدي
توقعات المستهلكين
ما الفرق بين التضخم وتكلفة المعيشة؟
توضح كاتبة التقرير كوريان هيكس أن التضخم يصف الزيادة التدريجية في الأسعار، في حين أن تكلفة المعيشة تمثل مقدار ما يحتاج الشخص إلى إنفاقه في فترة معينة من الوقت.

وتنقل عن الخبراء أنه عندما يرتفع التضخم ترتفع كذلك تكاليف السلع والخدمات، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية، وهذا أمر مقلق خصوصا لذوي الدخل الثابت المنخفض.

ما تأثيرات التضخم؟
يمكن أن يؤثر التضخم على سعر كل ما تحتاجه للحياة اليومية، من الطعام إلى السكن وصولا إلى تكلفة ملء خزان الوقود حتى تتمكن من الذهاب إلى عملك أو شراء الملابس.

وبحسب الكاتبة كوريان هيكس، فإن للتضخم تأثيرا على سوق العقارات بقدر تأثيره على تكلفة المعيشة، من جهة ارتفاع تكاليف المواد والعمالة جنبا إلى جنب مع ارتفاع أسعار الفائدة.

ويقول تقرير للبنك الدولي إن ارتفاع معدلات التضخم يشكل تحديا كبيرا للكثير من الأسر في جميع أنحاء العالم، فالأسعار المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى تآكل قيمة الأجور والمدخرات الحقيقية، مما يجعل الأسر أكثر فقرا.

ويضيف أن الشعور بهذه الآثار يتفاوت من فئة إلى أخرى، حيث تكون الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل أكثر عرضة لمخاطر ارتفاع معدلات التضخم من الأسر الأكثر ثراء، ويعكس هذا الأمر تركيبة دخلهم، وما لديهم من ممتلكات، وأنواع سلة سلعهم الاستهلاكية.

ويؤكد التقرير أن ارتفاع معدلات التضخم يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة أو الفقر، مشيرا إلى أنه حتى الأسر التي تمكنت من الإفلات من الفقر في الآونة الأخيرة ربما تجد نفسها تسقط مرة أخرى في براثنه بسبب هذه الارتفاعات.
تركيبة سلة الاستهلاك
يقول تقرير البنك الدولي إن حساب مقاييس تضخم أسعار المستهلك تتم عن طريق استخدام سلة السلع التي تمثل استهلاك الشخص العادي، إلا أن التركيبة الفعلية للإنفاق تختلف اختلافا كبيرا حسب شرائح الدخل.

ويضيف التقرير أن الأسر الأقل دخلا في بلدان الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تنفق -على سبيل المثال- نحو 50% من دخلها للحصول على المواد الغذائية، أما الأسر الأعلى دخلا، فلا تتجاوز نسبة إنفاقها على المواد الغذائية 20% من دخلها.

ويؤكد التقرير أنه في أوقات الأزمات الاقتصادية، يمكن للأسر مرتفعة الدخل التحول بسهولة من سلع أعلى جودة إلى سلع أقل جودة، كما يمكنها الاستفادة على نحو أكبر من الخصومات على عمليات الشراء والمبيعات بالجملة، في حين لا تتاح هذه الخيارات للأسر الفقيرة.

ما العمل؟
يقول تقرير فوربس إنه لا أحد يستطيع أن يتنبأ على وجه التحديد بنسب ارتفاع معدلات التضخم أو متى ستنتهي. وينقل عن خبراء قولهم إن التضخم بلغ ذروته في معظم الأسواق ومن المفترض أن يستمر في الاتجاه الهبوطي، لكنه يعتقد أن إزالة الضغوط التي أدت إلى ارتفاع الأسعار في المقام الأول -مثل البطالة المنخفضة تاريخيا ونمو أعلى للأجور- سيستغرق وقتا أطول بكثير.

لكن التقرير يعتقد أن الشيء الوحيد الذي يتفق عليه معظم الخبراء هو أن التخطيط المسبق أمر بالغ الأهمية لمواجهة الضغوط التضخمية، مضيفا أن امتلاك صندوق للطوارئ يمكن أن يمنحك الحماية من هذه الضغوط للحفاظ على مدخراتك طويلة الأجل مستثمرة بالكامل.

أما على صعيد صناع السياسات في الدول فيقول تقرير البنك الدولي إنه يتعين عليهم:

الاستعانة بسياسات الرعاية الاجتماعية لحماية الأشخاص الأشد فقرا من ارتفاع الأسعار.
الامتناع عن اللجوء إلى القيود على التجارة وحظر التصدير لحماية عمليات توريد المواد الغذائية المحلية.
أن تأخذ البنوك المركزية بعين الاعتبار الآثار المحتملة لتحركاتها -لمواجهة التضخم- على معدلات الفقر وعدم المساواة.
تحفيز مزيد من المنافسة في القطاع المالي للدول كأحد الإجراءات لحماية القيمة الحقيقية لممتلكات الأسر الفقيرة من التضخم.
ما الدول الأعلى تضخما في أسعار الغذاء؟
حسب أحدث بيانات نشرها موقع البنك الدولي جاءت ترتيب الدول الـ10 الأعلى تضخما في أسعار الغذاء كالتالي:

زيمبابوي: 285%
فنزويلا: 158%
لبنان: 143%
الأرجنتين: 95%
تركيا: 77%
غانا: 60
سريلانكا: 59%
رواندا 59%
سورينام: 55%
هايتي: 53%
تشغيل الفيديو
مدة الفيديو 50 minutes 19 seconds
50:19
ما الدول العربية الأعلى تضخما في أسعار الغذاء؟
حسب بيانات البنك الدولي وبيانات رسمية أخرى جاءت الدول الخمس الأعلى تضخما في أسعار الغذاء بالمنطقة العربية -باستثناء السودان واليمن وسوريا وجزر القمر حيث لا تتوفر أية أرقام- كالتالي:

لبنان: 143%
مصر:48.1% حسب آخر بيانات حكومية
المغرب: 16.8% وفق آخر بيانات حكومية
موريتانيا:15.4%
تونس 14.1% حسب آخر البيانات.
ما معدلات تضخم أسعار الغذاء حسب الاقتصادات؟
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن تضخم أسعار الغذاء المحلية لا يزال مرتفعا في مختلف أنحاء العالم.

وتظهر المعلومات الخاصة بالفترة بين سبتمبر/أيلول ويناير/كانون الثاني الماضيين، ارتفاع معدلات التضخم في جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تقريبا، إذ سجل 83.3% من البلدان منخفضة الدخل، و92.9% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، و89% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل ارتفاعا في مستويات تضخم تجاوز 5%، بينما يعاني الكثير منها من تضخم مكون من خانتين.

وبحسب البنك الدولي ارتفعت نسبة البلدان مرتفعة الدخل التي شهدت زيادة تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 85.7%

وتقع البلدان الأكثر تضررا في: أفريقيا، وأميركا الشمالية، وأميركا اللاتينية، وجنوب آسيا، وأوروبا، وآسيا الوسطى.

الآفاق المستقبلية
تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى انخفاض التضخم العالمي من 8.8% في عام 2022 إلى 6.6% في 2023 و4.3% في 2024، لكن هاتان النسبتان تظلان أعلى من مستويات ما قبل جائحة كورونا (من 2017–2019) بنحو 3.5%.

ويقول التقرير إن الأولوية في معظم الاقتصادات -وسط أزمة تكلفة المعيشة- هي الوصول إلى تراجع معدل التضخم بشكل مستدام، مشيرا إلى أن التضخم الكلي العالمي قد يكون بلغ ذروته في الربع الثالث من العام الماضي، بخلاف التضخم الأساسي (الجوهري) الذي لم يبلغ بعد ذروته في معظم الاقتصادات.

وفي وقت لم يستبعد فيه الصندوق احتمالية انخفاض التضخم بأسرع مما يتصوره صناع السياسات، إلا أنه حذر من أن “التيسير النقدي” (خفض أسعار الفائدة) السابق لأوانه يمكن أن يتسبب في عودة التضخم الحاد بمجرد تعافي النشاط، مما يترك البلدان عرضة لمزيد من الصدمات، مؤكدا ضرورة أن يركز صناع السياسات على إعادة التضخم إلى مستواه المستهدف دون إبطاء.

المصدر : الجزيرة + فوربس + مواقع إلكترونية