حركة النهضة تحث أنصارها على التظاهر مع اقتراب فتح ملفاتها

حركة النهضة تحث أنصارها على التظاهر مع اقتراب فتح ملفاتها

تونس – دعت حركة النهضة الإسلامية أنصارها إلى المشاركة بقوة في مسيرة احتجاجية بوسط العاصمة مقررة ليوم الأحد، في خطوة تظهر أن الحركة قد خيرت اللجوء إلى التصعيد لعرقلة فتح ملفاتها أمام القضاء بعد إيقافات طالت وجوها تصنف كصقور داخلها.

وراهنت الحركة على أن تظل بعيدا عن المواجهة المباشرة مع الرئيس قيس سعيد، ودفعت بجبهة الخلاص الوطني التي يقودها أحمد نجيب الشابي لتكون في الواجهة بدلا منها، لكن بعد التوقيفات التي طالت وجوها بارزة في هذه الجبهة، يبدو أن الدور قد جاء الآن على النهضة، ولأجل ذلك فهي تعمل على الضغط المسبق بالشارع في محاولة لتأجيل الصدام مع السلطة.

وقالت أوساط سياسية تونسية إن اتساع دائرة الإيقافات القضائية قد فاجأ النهضة التي كانت تعتقد أن خطة المواجهة بالوكالة ستربك قيس سعيد، خاصة أن عددا من الوجوه التي تم توقيفها يحسب على بعض دوائر الضغط الداخلية والخارجية. لكن الذي حصل أن السلطات التونسية مضت في خطتها، وفي نفس الوقت وجهت إشارات تحذير لبعض السفارات بالتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي، في رسالة واضحة على أنها لا تعترف سوى بالملفات التي بين أيديها.

قيس سعيد لم يستعجل المواجهة مع النهضة، وترك لنفسه الوقت الكافي لتكوين ملفات واضحة ضد من يتم توقيفه

وترى هذه الأوساط أن توقيف أبرز قادة جبهة الخلاص سيجعل الجبهة تظهر على حقيقتها كونها واجهة لحركة النهضة، التي لا مناص لها من مواجهة مسار فتح الملفات سواء ضد بعض قادتها بشكل منفرد أو ضدها كحركة إن وجدت وثائق ومعطيات تدينها.

وقالت النهضة الخميس إن السلطات أوقفت القيادي التاريخي في الحركة الحبيب اللوز، الذي يوصف بأنه من صقور الحركة، وقد عرف بمواقفه المثيرة للجدل خاصة بشأن القتال في سوريا. وعقب خسارة الحركة للحكم بعد 2013 تم الدفع به إلى الظل وتكليفه بالملف الدعوي من خلال جمعية الدعوة والإصلاح كواجهة دعوية للحركة.

ونقلت إذاعة موزاييك المحلية أنّ “وحدات الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني (الدرك) قامت بضبط وزير الفلاحة السابق والقيادي المستقيل من حركة النهضة محمد بن سالم بصدد محاولة اجتياز الحدود التونسية – الليبية وبحوزته مبلغ مالي هام”.

ويأتي اعتقال اللوز وبن سالم بعد فترة من اعتقال قيادات في النهضة على غرار وزير العدل الأسبق نورالدين البحيري وفوزي كمون مدير مكتب رئيس الحركة راشد الغنوشي والقيادي البارز في الحركة السيد الفرجاني والقيادي المستقيل عبدالحميد الجلاصي.

وبالتوازي، يجري التحقيق مع الغنوشي في عدة قضايا ترتبط بشبكات تسفير جهاديين إلى الخارج، وتحديدا إلى سوريا، وشبهات إرهاب وفساد مالي كما صدر بحقه قرار تحجير السفر منذ مايو 2022.

ويعتقد مراقبون أن قيس سعيد لم يستعجل المواجهة مع النهضة، وترك لنفسه الوقت الكافي من أجل تكوين ملفات واضحة ضد كل شخصية يتم توقيفها من النهضة أو من خارجها، وأن التحرك ضد بعض القيادات دون أخرى هدفه إظهار أن الخيار حاليا ليس فتح مواجهة شاملة ضد الحركة وحلفائها، ولكن توقيف كل من تتوفر ضده أدلة وبراهين وعن طريق جهاز القضاء.

وتقول الحركة إن الملفات التي تم على ضوئها توقيف بعض قادتها ملفات فارغة من أيّ تهم، وإن قيس سعيد يقوم بتلفيق تهم سياسية لخصومه باستخدام القضاء من أجل تعزيز حكمه، بينما يقول الرئيس سعيد بأنه يعمل على تصحيح مسار الثورة ومكافحة الفساد والفوضى بمؤسسات الدولة.

ويشير المراقبون إلى أن النهضة ومن معها من معارضين كانوا يعتقدون أن الضغوط الخارجية ستمنع قيس سعيد من تنفيذ حملة التوقيفات، لكن الضغوط لم تفعل شيئا، واستمرت السلطات في خطتها بالرغم من بعض البيانات المقتضبة لبعض الجهات الخارجية مثل الولايات المتحدة التي عبّرت الخميس عن “قلقها” إزاء تقارير عن بدء إجراءات قضائية ضد نشطاء على خلفية تواصلهم مع مسؤولين في السفارة الأميركية في تونس.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس “نحن قلقون بشأن تقارير تفيد ببدء إجراءات قضائية بحق أفراد في تونس بسبب لقاءاتهم أو محادثاتهم مع موظفين في سفارة الولايات المتحدة على ما يبدو”.

وأضاف في تصريح للصحافيين “هذا، كما سبق أن قلت، جزء من تصعيد في (حملة) توقيف أشخاص يُنظر إليهم على أنهم ينتقدون الحكومة” التونسية.

وطالبت وزارة الخارجية التونسية الثلاثاء السفراء الأجانب باحترام قوانين البلاد وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وذلك غداة حديث سياسية معارضة عن اتهام السلطات لمعتقلين بالتخابر مع سفراء.

وهذا الطلب، وفق الخارجية في بيان، يأتي “على إثر ما تم تداوله في عدد من وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بخصوص تتبّع (ملاحقة) بعض الأشخاص على خلفيّة اتصالاتهم مع بعثات دبلوماسية معتمدة بتونس”.

وشددت على ضرورة تقيد السفراء بـ”مقتضيات اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تنص على واجب احترام الدبلوماسيين لقوانين الدولة المعتمدين لديها وعدم التدخل في شؤونها الدّاخلية”.

العرب