الاشتباكات بين إيران وإسرائيل في سوريا قد تمتد إلى الخليج

الاشتباكات بين إيران وإسرائيل في سوريا قد تمتد إلى الخليج

على غرار الحوادث السابقة التي قُتل فيها ضباط من الحرس الثوري الإيراني، يؤكد محللون أنه يجب على القوات البحرية الأميركية أن تراقب عن كثب أي محاولة إيرانية للانتقام من إسرائيل عبر مهاجمة إحدى سفنها التجارية في المياه المجاورة.

واشنطن – شهدت الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف العسكرية التابعة لإيران ووكلائها في سوريا ارتفاعاً ملحوظاً خلال شهر مارس، مع تكثيف خاص في الأسابيع الماضية. ففي 31 مارس أسفرت غارة جوية إسرائيلية مزعومة بالقرب من دمشق عن مقتل النقيب ميلاد حيدري والملازم مقداد مهقاني، وهما ضابطان في قيادة الحرب السيبرانية والإلكترونية التابعة للحرس الثوري، والتي تعمل في سوريا تحت مظلة فيلق القدس. وفي أعقاب تلك الغارة أدان الحرس الثوري ووزارة الخارجية الإيرانية الهجوم وتوعّدا بالانتقام في الوقت والمكان اللذين يختارانهما.

وفي 1 أبريل الجاري أفادت بعض التقارير بأن إسرائيل هاجمت عدة قواعد جوية في غرب سوريا، من بينها الضبعة (بالقرب من حمص) والشعيرات والتياس (تي – 4)، حيث يُعتقد أنها تضم جميعاً طائرات دون طيار تابعة للحرس الثوري وحزب الله، وأنظمة تشويش إلكترونية ومستودعات للأسلحة.

وعلى سبيل المثال أظهرت صور الأقمار الصناعية من مطار الضبعة بعد الهجوم ضربات دقيقة ناجحة ضد حظيرة دعم وشاحنة تحكم بعيدة المدى للطائرات دون طيار، بالإضافة إلى رادار مراقبة متنقل متوسط المدى من طراز “مطلع الفجر” الإيراني متواجد في الجوار وتشغله إيران على الأرجح.

على القوات البحرية الأميركية أن تحافظ على حالة اليقظة القصوى بهدف منع أي محاولة إيرانية لتهديد الملاحة الدولية

وهذا الرادار هو عبارة عن نظام إنذار مبكر طوّرته شركة شيراز للصناعات الإلكترونية في وسط إيران وتشغّله قيادة الدفاع الجوي للحرس الثوري وقوات الدفاع الجوي التابعة لجيش الجمهورية الإسلامية (أرتش).

ويُدّعى أن نطاق الكشف والرصد الخاص به يصل إلى 500 كيلومتر، وفي نسخته الأكثر تقدماً يمكنه تتبع ما يصل إلى 200 هدف جوي في الوقت نفسه. وعادةً ما يتم تثبيت الرادار على شاحنة ثقيلة يمكن نقلها بواسطة طائرات شحن من نوع “إليوشين إل – 76” التي تشغلها القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وعلى الرغم من أن أنظمة “مطلع الفجر” كان قد تم نشرها في الضبعة منذ عام 2016 على الأقل، إلّا أنه لم يتم استهداف أي منها حتى الأسبوع الماضي، مما يشير إلى زيادة التوترات بين إيران وإسرائيل وإلى أنشطة الحرب الإلكترونية الأكثر عدوانية للحرس الثوري الإيراني في سوريا. كما كثفت إيران جهودها لتعزيز الدفاعات الجوية السورية وسط الضربات الإسرائيلية المستمرة التي تهدف إلى منع تسليم ونقل وتخزين الأسلحة المتطورة ومعدات المراقبة للقوات في سوريا ولبنان. وتم شن المئات من الضربات الجوية والصاروخية لهذا الغرض، غالباً عبر شرق البحر الأبيض المتوسط أو المجال الجوي اللبناني أو مرتفعات الجولان.

وربما كانت ضربات 1 أبريل تهدف أيضاً إلى إحباط هجوم كبير بالطائرات دون طيار منسق بين إيران وحزب الله وحماس، انتقاما لضابطي الحرس الثوري الإيراني اللذين قتلا في اليوم السابق.

وإذا كان الأمر كذلك، يبدو أن الغارة الإسرائيلية قد عرقلت مثل هذه الخطط، حيث تم إطلاق طائرة مسيّرة واحدة فقط من نوع غير معروف إلى إسرائيل من سوريا في 2 أبريل؛ وبعد ذلك بيوم أعلنت إسرائيل أنها أسقطت طائرة مسيرة انتحارية من طراز “شهاب” فوق قطاع غزة.

واستناداً إلى مقاطع الفيديو الدعائية التي نشرتها حماس سابقاً فإن “شهاب” هي نسخة مصغرة من طائرة “قاصف” الانتحارية المسيّرة التي يستخدمها الحوثيون في اليمن والميليشيات الشيعية العراقية في سوريا.

وهذه المحاولات، على غرار العمليات المماثلة في فبراير 2018 ومايو 2021، تم اكتشافها بسرعة من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث سارعت طائرات مقاتلة ومروحيات “أباتشي” لاعتراضها (في هذه الحالة، تم إسقاط الطائرات دون طيار بالوسائل الإلكترونية بدلاً من الوسائل الحركية). وفي 3 أبريل ألقت إسرائيل باللوم علناً على إيران في حادثة 2 أبريل.

وعلى الرغم من التوغل غير الناجح كما يبدو للطائرة المسيّرة في 2 أبريل، فإن إيران تملك خيارات أخرى للانتقام لمقتل ضباطها في سوريا، والتي يمكن أن تمارس أياً منها في الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة.

وسابقاً، على سبيل المثال، شنّت هجوماً قاتلاً بطائرة دون طيار من طراز “شاهد – 136” على الناقلة “ميرسر ستريت” المرتبطة بإسرائيل في خليج عُمان في 31 يوليو 2021، بعد تسعة أيام من شن غارة جوية إسرائيلية على الضبعة أسفرت عن مقتل ضابطين من الحرس الثوري الإيراني. وقُتل اثنان من طاقم الناقلة، من بينهما القبطان، في استهداف متعمّد على ما يبدو لحجرة القبطان.

وهناك خيار آخر هو ببساطة محاولة إنقاذ نصر دعائي من محاولة التوغل الفاشلة في 2 أبريل. وفي الواقع ادعى متحدث باسم الحرس الثوري في 4 أبريل أن إيران قد انتقمت فعلاً من إسرائيل في وقت سابق من ذلك اليوم، دون أن يقدم أي تفاصيل.

وتشمل الخيارات المحتملة الأخرى إطلاق المزيد من الطائرات المسيّرة على إسرائيل و/أو محاولة شن هجوم إرهابي ضد المواطنين الإسرائيليين في الخارج. إلا أن الاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أن تحاول إيران مهاجمة سفن أخرى مرتبطة بإسرائيل في خليج عُمان باستخدام طائرات مسيّرة انتحارية أو أسلحة أخرى، بهدف التسبب في وقوع إصابات.

ومن المرجح أن تتم أي عملية من هذا القبيل في منطقة بمنأى عن المملكة العربية السعودية، لأن طهران تحاول جاهدة إصلاح العلاقات مع الرياض وتقوم الولايات المتحدة بعمليات أمنية بحرية كبيرة في المنطقة، لذلك يجب أن تحافظ قواتها البحرية على درجة عالية من اليقظة لمنع أي محاولة إيرانية لتهديد الملاحة الدولية في هذه الممرات المائية.

العرب