لقد كان لقرار منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” مؤخرا ، بالإبقاء على سقف إنتاجها دون تغيير عاصفة في أسوق المال العالمية نتيجة لانخفاض أسعار النفط بشكل كبير وانخفاض أسهم الشركات النفطية هذا فضلا عن تراجع سعر صرف العملات للبلدان المنتجة للنفط.
وهنا يتناول المحللين القرار الذي دخل في اسبوعه الثاني بالتحليل والنقد ، فقد صدر مؤخرا العديد من التقارير التي تباينت في الطرح بين مهدأ ومحذر.
وتذهب بعض هذه التقارير الى أن قرار المنظمة بالابقاء على سقف الإنتاج خطوة جريئة ترمي إلى تقييد المنتجين خارج المنظمة، في اشارة الى شركات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، ويعكس القرار أن المنظمة تريد من هذا القرار الابقاء على حصصها السوقية في الدول الرئيسية التي تصدر إليها النفط، و تحاول الإبقاء على قدرتها على المنافسة من خلال خفض الأسعار.
تقرير اخر يربط هبوط أسعار النفط بمجموعة عوامل بعضها ذو طابع بعيد المدى (تسارع زيادة الإمدادات الأميركية وزيادة معدلات كفاءة استخدام الوقود لدى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) وأخرى ذات طابع قصير المدى (نمو الاقتصاد العالمي بمستويات أضعف مما كان متوقعاً واستقرار الأوضاع الجيوسياسية وارتفاع قيمة الدولار).
وعرض التقرير، لعدد من المتغيرات، التي قد تؤدي إلى سيناريوهات مختلفة من الأسعار للنفط خلال العامين المقبلين، أقربها للحدوث هو أن تكون الأسعار في حدود بين 83 إلى 85 دولاراً للبرميل لعامي 2015/2016. وهذا المستوى من الأسعار سيدعم انتعاش الاقتصاد العالمي، كما أنه سيدفع ببعض النفط الصخري الأميركي خارج السوق.
من جهة اخرى قال كلود مانديل رئيس وكالة الطاقة في وقت سابق بعيد الاعلان عن قرار اوبك بخفض الانتاج ان توقيت قرار المنظمة سيء جدا لان نصف الكرة الارضية الشمالي مقبل على موسم ذروة الطلب على النفط في الشتاء ولان مخاطر تراجع الامدادات مازالت قائمة،
ويضيف “على الارجح هذا أسوأ توقيت لتطبيق خفض” انتاجي، وأضاف “نحن مقبلون على موسم التدفئة. مازالت المخاطر في جانب العرض كبيرة.”
وتشير التقارير الى انه سيكون لتراجع أسعار النفط تأثير مباشر على السعودية، ورغم أن التقارير تتوقع إبقاء الحكومة على الإنفاق العام مرتفعاً، إلا أن تراجع ثقة المستثمرين نتيجة لحدوث عجز في الميزانية ربما يؤدي إلى إبطاء النشاط الاقتصادي غير النفطي.
وهنا يشير العديد من الخبراء الى اوجه الشبه بين موقف أوبك الحالي،والوضع الذي تعرضت له المنظمة مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، لذلك، من المهم النظر إلى كيفية تعامل أوبك مع ذلك الوضع حتى يتسنى للجميع فهم مبررات قرار عدم خفض الإنتاج خلال الاجتماع الأخير.
ومنذ عام مطلع الثمانينات بدأت أوبك خفض إنتاجها للمحافظة على أسعار النفط عند مستويات مرتفعة، لكن هذه الأسعار المرتفعة شكّلت حافزاً اقتصادياً لمنتجين جدد خارج أوبك (المكسيك والمملكة المتحدة والنرويج) لزيادة إنتاجهم ومن ثم سد أي عجز ينتج عن تراجع الإمدادات من أوبك.
وهنا تتفق التقارير على ان ما يحصل الان قد اعاد لبعض اعضاء درس مطلع الثمانينيات وليدركوا أن خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط سيؤدي، أوتوماتيكيا، إلى زيادة الإنتاج من قبل الدول خارج أوبك، خاصة النفط الصخري في الولايات المتحدة، وبالتالي فقدان أوبك لجزء من حصتها السوقية.
لقد كان قرار اوبك موجها بشكل رئيسي الى قطاع النفط الصخري إلا أن هناك استثمارات نفطية طويلة الأجل ستتأثر أيضاً، مثل تطوير الاحتياطي الروسي في القطب الشمالي وتطوير حقول نفط المياه العميقة في البرازيل، وكلاهما يحتاج إلى أسعار تزيد عن مستوى 100 دولار للبرميل حتى يصبح إنتاج النفط مربحاً.
وهنا يذهب المحللين الاقتصاديين الى أن استراتيجية أوبك تنطوي على بعض المخاطر، أهمها أن قرار عدم خفض الإنتاج قد يقود إلى المزيد من التراجع في أسعار النفط وقد لا تقود تلك التراجعات إلى إبطاء نمو الإمدادات من النفط الصخري الأميركي.
عامر العمران