لماذا يرفض السودان رئاسة كينيا لإيغاد؟

لماذا يرفض السودان رئاسة كينيا لإيغاد؟

الخرطوم- على خلفية العلاقة السياسية والاقتصادية التي وُصفت بالوثيقة بين الرئيس الكيني وليام روتو وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان (حميدتي)، ولمواقف رسمية كينية اعتُبرت انتقاصا من سيادة السودان، أعلنت الخرطوم -أمس الخميس- رفضها رئاسة كينيا للجنة الرباعية الخاصة بحل أزمة السودان (إيغاد).

وقال مصدر دبلوماسي سوداني للجزيرة نت إنّ لرفض الخرطوم رئاسة كينيا لآلية إيغاد أسباب “إجرائية وموضوعية”، حيث لم تُبحث في قمة إيغاد العادية التي عُقدت في جيبوتي في 12 يونيو/حزيران قضية رئاسة كينيا للجنة، ولم يتم الاتفاق أثناءها على هذا الأمر.

وأضاف أن القمة الطارئة للآلية في 17 أبريل/نيسان، قررت تشكيل لجنة من الرؤساء واختارت رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وهذا القرار يظل ساريا حتى بعد توسعة اللجنة بإضافة رئيس وزراء إثيوبيا.

وترى الخرطوم أن سلفاكير ميارديت هو الأنسب لرئاسة اللجنة وفق ذلك القرار، ولدوره في التوصل إلى اتفاقية “جوبا” للسلام في السودان.

وأخطر رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رسميًا رئيس الدورة الحالية لإيغاد بموقف بلاده، مؤكداً دعم مبادرتها الرامية لإيجاد الحلول الممكنة من أجل السلام في السودان.

سيادة السودان
وقال بيان لمجلس السيادة الذي يقوده البرهان إن كينيا “طرف غير مُحايد” في الأزمة التي تعصف ببلادهم منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي. وذكرت الخرطوم أنّ تصريحات كبار المسؤولين الكينيين وسلوك حكومتها تتبنى مواقف قوات الدعم السريع/ وأنها تؤوي عناصرها وتقدم لهم مختلف أنواع الدعم.

وقال المصدر الدبلوماسي للجزيرة نت إن الحكومة الكينية، وعلى لسان رئيسها ووزير خارجيته، عبّرت عقب اندلاع الأزمة عن مواقف تمثل انتقاصا من سيادة السودان وتدخلا في شأنه الخاص.

وقال إنّ الحكومة الكينية ودون التشاور مع السودان وبلا أي تفويض لها من أيّ جهة دولية أو إقليمية، رتبت اجتماعات خاصة بالأزمة السودانية بمشاركة شخصيات سودانية وأجنبية، وصدّرت مواقف من هذه الاجتماعات تضمّنت قدرا من الوصاية على السودان، وعدم احترام المؤسسية في إيغاد التي كانت الخرطوم وقتها رئيسًا لها، على حد قول المصدر.

نظم وأعراف الإيغاد
وخلال قمة إيغاد التي انعقدت الاثنين 12 يونيو/حزيران واستضافتها جيبوتي، أُعلن تشكيل لجنة رباعية برئاسة كينيا وجنوب السودان، وعضوية إثيوبيا والصومال؛ لحل الأزمة في السودان.

ويقول المصدر الدبلوماسي إن “العرف جرى أن تتخذ قرارات إيغاد في مثل هذه المسائل بالتوافق، وليس هناك توافق على هذا الأمر”، مؤكداً أن السودان عبّر بشكل واضح عن رفضه رئاسة كينيا للجنة، وظهر هذا التوجه بعد ذلك في مسودة البيان الختامي التي أعدت بعد ختام القمة.

ووصف المصدر الدبلوماسي للجزيرة نت الإصرار على ذلك بالأمر الغريب الذي يمثل خروجا على نظم وأعراف إيغاد وفكرة العمل الجماعي بين دولها، وقال إن “إيغاد منظمة للحكومات التي تمثل سيادة الدول الأعضاء، وتعبر عن إرادة هذه الحكومات، وبالتالي لا يمكنها أن تفرض على أيّ حكومة منها أمرا لا توافق عليه، خاصة إذا كان يتصل بشأن داخلي يخصها”.

علاقات وثيقة
من جانب آخر، قال مصدر عسكري سوداني للجزيرة نت إن تحفظات الخرطوم تجاه رئاسة كينيا للآلية تتعلق بالعلاقات والارتباط الوثيق بين الرئيس الكيني وليام روتو وقائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان “حميدتي”، الذيّ زار نيروبي في يناير/كانون الثاني الماضي، وأعلنت كينيا وقتها دعمها للاتفاق الإطاري الموقّع بين الأطراف السودانية العسكرية والمدنية.

من جانبه، قال المصدر الدبلوماسي “إنّ قوات الدعم السريع المتمردة عندما هاجمت السفارة الكينية الشهر الماضي، لم تصدر من حكومة نيروبي أيّ إشارة حول الأمر”.

في السياق ذاته، قال مصدر في إيغاد للجزيرة نت إن الرئيس الكيني وليام روتو، شرع في وساطة لحضور مستشار قائد الدعم السريع قمة المنظمة التي انعقدت الاثنين الماضي، إلا أن تحركات وزارة الخارجية السودانية حالت دون ذلك.

فرص حلّ النزاعات
والمنظمة الإقليمية التي تتوسط لحل النزاع بين الجيش والدعم السريع في السودان، تعيش 6 دول منها في صراعات وتعاني من حالة عدم الاستقرار السياسي، مما يضعف من فرصها في إيجاد حل لأزمة السودان، بحسب أستاذ العلاقات الدولية راشد محمد علي في حديثه للجزيرة نت.

وقال علي إنّ السودان يمكن أن يتخذ موقفا رافضا لمبادرة إيغاد، لكن ذلك سيضعه في مجال ضغط إضافي على قواته المسلحة لجهة أن الجهود الدبلوماسية لم تحقق أي درجة من درجات النجاح، نتيجة الصراع السياسي الداخلي.

وبشأن مخرجات قمة إيغاد، يرى علي أن جهود المنظمة غير مكتملة، ولا يقتصر ذلك على رفض السودان رئاسة كينيا، بل لافتقار المبادرة للقوة السياسية اللازمة لحل الأزمة، بجانب تقاطع المصالح الإقليمية التي لا تعمل من أجل إنهاء الحرب بل لتحقيق سلام مؤقت.

وقال المحلل إن على السودان أن يبحث عن اختراق خارجي كبير في المجال الإقليمي، متوقعًا زيادة درجة استخدام القوة في الميدان لتحقيق انتصارات سياسية.

وكان الفريق عبد الفتاح البرهان، وخلال اتصال هاتفي برئيس الدورة الحالية لإيغاد رئيس جيبوتي عمر قيلي، قد اتهم كينيا بإيواء قيادات من الدعم السريع. وقال المصدر الدبلوماسي للجزيرة نت إن نيروبي “تمثل مركزًا مهما لتحركات عناصر قوات الدعم السريع المتمردة”.

ومؤخرا، ومع تداول أنباء عن وجود قائد الدعم السريع في إحدى الدول المجاورة، ارتبط الأمر -وفق مصادر عسكرية- ببعض الدول، أبرزها كينيا نظرا للعلاقة بين رئيسها وحميدتي.

في المقابل، قال عزت الماهري المستشار السياسي لقائد الدعم السريع -للجزيرة نت- إنّ كينيا داعمة للتحول الديمقراطي في السودان، ولا تُقدم دعما خاصا للدعم السريع، كما أنه لا يتواجد على أراضيها أيّ قيادي من الدعم، وإن زيارتهم لها تأتي في إطار البحث عن الحل.

ونفى الماهري ما رشح عن تواجد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان “حميدتي” في كينيا، وقال إنّه “موجود في الميدان وسط قواته، ومن أراد التحقق من ذلك فعليه مقابلته في شوارع الخرطوم وأطرافها”، مشيرًا إلى أنها تظل اتهامات للهروب من دفع استحقاقات السلام، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة