هل حان موعد مغادرة الإمارات لأوبك

هل حان موعد مغادرة الإمارات لأوبك

أبوظبي- قال خبراء نفطيون إن الإمارات لا تحصل من عضويتها في أوبك وتحالف أوبك+ على الزيادة التي تتلاءم مع طاقتها الإنتاجية من ناحية، ومع الحاجيات المتزايدة لاقتصادها من ناحية ثانية، في حين أن دولا أخرى في التحالف النفطي تعمل على إبطاء زيادة الإنتاج ضمن خطط تخدم بعض الاقتصادات دون سواها، وهو وضع قد يدفع الإمارات إلى التفكير في مغادرة أوبك+ والتوقف عن تقديم التضحيات لمنظمة تسير وفق أجندات لا تراعي مصالحها وعلاقاتها.

وأشار الخبراء إلى أنه مثلما يحق لروسيا أن تضغط لخفض الإنتاج ضمن خططها للاحتفاظ بسعر عال لبرميل النفط، بما يمكّنها من الإنفاق على الحرب في أوكرانيا، فإن من حق الإمارات أن تلوّح بمغادرة أوبك/أوبك+ لتعزيز موقفها التفاوضي داخل المنظمة من جهة، والتمهيد للمغادرة إذا فشلت المفاوضات في تحسين شروط بقائها من جهة ثانية، خاصة أن أوبك+ أقرت زيادات محدودة لحصة الإمارات، وآخرها في اجتماع يوم 4 يونيو الجاري.

ووافق وزراء تحالف أوبك+ خلال اجتماعهم الأخير على زيادة حصة الإمارات بمقدار 200 ألف برميل يوميًا في العام المقبل. وسيصل إنتاج الإمارات من النفط إلى 3.075 مليون برميل يوميًا في المدّة من 1 يناير حتى 31 ديسمبر 2024.

◙ الإمارات يمكن أن تكسب الكثير من المال بطريقتها الخاصة دون مشاكل ولا تحتاج إلى أن تكون في أوبك

ورحّب وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي بهذه الخطوة وإن كانت محدودة. وقال “ليس سرًا بأن الحصة الإنتاجية للإمارات أقلّ بكثير من قدرتها، وقد رُفِعَت في السابق، وأشكر التحالف على دعمه للإمارات لرفع الحصة الإنتاجية بمقدار 200 ألف برميل يوميًا”.

وكان رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قد وجّه في نوفمبر 2022 شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” بتسريع خطط زيادة الإنتاج إلى 5 ملايين برميل يوميًا بحلول 2027، بدلًا من 2030 حتى تكون الشركة قادرة على تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة خلال السنوات المقبلة.

ويقول الخبراء إن أوبك+ تقدر حصة الإمارات وفق مقاييس قديمة لا تتماشى مع قدرتها الإنتاجية الموسعة، وإن هذا يجعلها تحصل على نسبة أقل بكثير من أي طرف آخر داخل التكتل النفطي.

ولم تفلح المنظمة في التوصل إلى حل عادل حتى مع الزيادات التي أقرتها لفائدة الإمارات، وهي زيادات محدودة.

ويرى جيم كرين، وهو زميل أبحاث في مجال الطاقة في معهد بيكر بجامعة رايس في هيوستن بتكساس، أن الإماراتيين “شعروا بالتهميش واشتكوا من ذلك. لقد كانوا صُرَحاء جدا”.

وأضاف كرين في مقابلة مع عرب دايجست “أعتقد أن نتيجة اجتماع أوبك في 4 يونيو عكست مشروعية شكاوى الإمارات، وأن أوبك تعالجها بينما تتوفر خيارات أخرى أمام أبوظبي. وكانت الإمارات تشكو على مدى السنوات القليلة الماضية من هذا العبء غير العادل”.

وتتمتع الإمارات باقتصاد أغنى وأكثر تنوعا، وهي مختلفة عن جل الدول الأعضاء الأخرى في أوبك+. ويمكن أن تتحمل الاستثمارات الكبيرة والمتنوعة. وليس لمعظم أعضاء التحالف النفطي الآخرين المال الكافي لذلك. ولهذا ترى الإمارات نفسها من منظور مختلف، وتعتبر نفسها أكبر من أوبك+ واشتراطاتها الخانقة.

وتابع كرين أن في الزيادة المحدودة التي عرضها تحالف أوبك+ “اعترافا بخيار الإمارات الصريح بشأن الانسحاب من أوبك. ولها دافع قوي بشكل متزايد. وأصبح من الواضح أن الإمارات يمكن أن تكسب الكثير من المال بطريقتها الخاصة دون مشاكل ولا تحتاج إلى أن تكون في أوبك”.

ومن شأن مغادرة الإمارات لأوبك+ أن توفر لها حرية أكبر في إنتاج النفط وتصديره، وتحقق فوائد أخرى طويلة المدى ليس فقط على المستوى الاقتصادي، وإنما أيضا في مجالات أخرى من بينها المجال الدبلوماسي.

◙ وزراء تحالف أوبك+ وافقوا خلال اجتماعهم الأخير على زيادة حصة الإمارات بمقدار 200 ألف برميل يوميًا في العام المقبل

وإذا كان تحالف أوبك+ يبدو الآن في مواجهة مع الولايات المتحدة بسبب الخلاف بينها وبين السعودية، أو بينها وبين روسيا، فإن الإمارات ليست ملزمة بأن تكون في صف هذا أو ذاك. والاتفاق على السياسة النفطية داخل التحالف لا يعني التوافق حول المواقف السياسية، فلكل دولة أجندتها ومواقفها ومصالحها.

ويرى مراقبون أن مغادرة الإمارات أوبك+ ستمنحها حرية المناورة الدبلوماسية، وتأكيد أن إستراتيجية “تصفير المشاكل” التي تعتمدها أبوظبي في علاقاتها الخارجية خيار يشمل مختلف المسارات، ولا يقف عند المستوى الإقليمي.

وفيما ترتبط الإمارات بعلاقات وطيدة مع روسيا والصين، ضمن مسار تنويع الشركاء، ليس ثمة ما يجعلها تنأى بنفسها عن الولايات المتحدة الشريك الإستراتيجي لدول الخليج، حتى وإن كانت بينهما نقاط خلاف في تقييم بعض المواضيع كما حصل في موضوع السياسة الدفاعية الأميركية المتذبذبة تجاه الخليج، أو في موضوع أوكرانيا، وخفض الإنتاج النفطي.

لكن كل ذلك كان يأتي ضمن مسار الاختلاف بين الحلفاء، ولم تنظر الإمارات إلى هذا المسار على أنه سيضعها في صف هذه الجهة أو تلك، وهو ما منحها وضعا يسمح لها بأن تكون وسيطا في ملف أوكرانيا، وربما في ملفات أخرى.

ويعتقد كرين أن الإمارات لاعب ذكي، وأنها مهتمة أكثر بالشراكة التكنولوجية في الولايات المتحدة وبقية دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وبالحصول على استثمارات أجنبية مباشرة عوضا عن الاعتماد على أسعار النفط، وأن لديها رغبة في أن تظل صديقة وفية لواشنطن.

العرب