تجمع، أمس السبت، الآلاف من المحتجين، ومعظمهم من عناصر الحشد الشعبي الشيعي الموالي لطهران، وسط بغداد، للمطالبة بانسحاب القوات التركية من شمال العراق، منتقدين رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي اتهموه بالتهاون فيما يتعلق بسيادة العراق.
يأتي ذلك في وقت تقدمت بغداد رسميا بشكوى إلى الأمم المتحدة احتجاجا على التدخل التركي.
وتقول بغداد إن تركيا نشرت جنودا ودبابات في قاعدة شمال البلاد الأسبوع الماضي دون موافقتها، بالمقابل تصر تركيا على أن الهدف من نشر قواتها حماية المدربين الذين يعملون مع القوات العراقية في الموقع.
ودعت مجموعات من الحشد الشعبي المؤلفة في معظمها من ميلشيات شيعية مدعومة من طهران، إلى هذه التظاهرة ضد التواجد العسكري التركي.
وصرح علي الربيعي قائد لواء من الحشد متمركز في منطقة أبو غريب غرب بغداد “كوني أمير لواء عسكري، لست راضيا تماما عن تحرك الحكومة، ونحن هنا لنقول إن صبر العراق قد نفد”.
وأضاف أنه كان على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن يضرب “بيد من حديد منذ البداية” بدلا من تقديم التنازلات لمسعود البارزاني، زعيم إقليم كردستان العراق، وغيره.
وقال “ولكننا لسنا هنا للتشكيك في قدرة القائد العام للقوات المسلحة (حيدر العبادي) ، ونحن كلواء جاهزون وبانتظار ساعة الصفر لأي تحرك عسكري”.
وكان من بين المحتجين رجل الأعمال حسين السماوي الذي جاء من مدينة السماوة غرب بغداد للمشاركة في التظاهرة، وقال “نحن نوافق على كل خطوة يتخذها رئيس الوزراء الان (..) علينا اتباع مسار سياسي، ولكن إذا لم يجد ذلك، فإن القوة ستكون الخيار الوحيد”.
ولقيت تحركات الحشد الشعبي ضد التدخل التركي انتقادات واسعة، حيث اعتبر الكثيرون أن دوافع هذه التحركات ليست الخشية على سيادة العراق والدليل الحضور الإيراني العسكري القوي، ولكن الأمر ذو أبعاد طائفية وسياسية تتمثل في رفض طهران وبقوّة وجود منافس لها على أرض العراق.
ويرى المنتقدون أن تحرك أمس الاحتجاجي يأتي في سياق تسليط المزيد من الضغوط على رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يجد نفسه مكبلا.
وقال محافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، أمس السبت، إنّ الميليشيات الشيعية المدعومة من قِبل إيران، تقف وراء معارضة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المستجدة لتواجد القوات التركية في العراق.
وأوضح النجيفي، أنّ تواجد الوحدة التركية في منطقة بعشيقة القريبة من الموصل، جاءت بناء على طلب شخصي من العبادي، لتدريب وتأهيل الفصائل العراقية التي تحارب تنظيم داعش، وذلك خلال زيارة أجراها إلى العاصمة التركية أنقرة، العام الماضي.
ولفت النجيفي إلى أنّ تركيا وعدت العبادي بإرسال معدات لتجهيز معسكرات في العراق، وأنها قامت بإرسال طائرة شحن محملة بالأسلحة والمعدات العسكرية آنذاك، لوزارة الدفاع العراقية.
وأشار المحافظ السابق، إلى أنّ عدداً من المسؤولين العراقيين وممثلين عن التحالف الدولي، زاروا المعسكر المذكور، وأنهم تعرّفوا على المشرفين الأتراك، وأعربوا عن امتنانهم لسير عمليات التدريب فيه.
وذكر أثيل النجيفي تلقي كافة الميليشيات الشيعية العراقية، أوامرها من القيادة الإيرانية للتحرك ضد الوجود التركي، وأنّ طهران تقف وراء الخلاف الحاصل بين بغداد وأنقرة، وذلك من خلال تحريض الميليشيات الشيعية كي تمارس ضغوطات على العبادي.
ويحاول العبادي إيجاد مخرج له من هذا التحدي الجديد المسلط عليه من قبل الحشد بالسير قدما في تدويل قضية التدخل التركي.
وأعلنت أمس السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامنثا باور أن العراق وجه رسالة إلى مجلس الأمن الدولي ليحتج على نشر أنقرة للمئات من الجنود والدبابات في محافظة الموصل شمال البلاد.
وسلم السفير العراقي في الأمم المتحدة محمد علي الحكيم هذه الرسالة إلى باور بصفتها رئيسة المجلس في ديسمبر لتوزعها على الدول الـ14 الأعضاء الأخرى.
وقالت باور إنه “لم يتقدم بطلبات محددة” ولم يطلب اجتماعا طارئا لمجلس الأمن الدولي، مضيفة “لكنه عبّر عن القلق المتزايد لحكومته” من هذا الوضع الذي “لم تتم تسويته”.
وأكدت السفيرة الأميركية من جديد موقف الولايات المتحدة التي ترى أن “نشر أيّ قوات في العراق يجب أن يتم بالاتفاق مع الحكومة العراقية ذات السيادة”.
صحيفة العرب اللندنية