توتر حدودي بين لبنان وإسرائيل يثير المخاوف من اندلاع مواجهة شاملة

توتر حدودي بين لبنان وإسرائيل يثير المخاوف من اندلاع مواجهة شاملة

تشهد الحدود بين لبنان وإسرائيل توترات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي اللذين خاضا آخر حرب واسعة بينهما في يوليو 2006. وحذرت مصادر أمنية إسرائيلية من أن تململ هذه الجبهة نحو التصعيد بات مسألة وقت.

بيروت – يعكس طلب إسرائيل من فرنسا ممارسة نفوذها في لبنان لمنع اندلاع مواجهة عسكرية مع حزب الله، حدة التوتر على الحدود بين تل أبيب ولبنان بعد أن اتخذ منحى تصعيديا وضعت فيه الحكومة الإسرائيلية جيشها في وضع استنفار.

ويخشى مسؤولون أمنيون إسرائيليون من اتساع دائرة التوتر على الحدود الجنوبية تزامنا مع الاشتباكات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يعزز سيناريو المواجهة الشاملة، رغم أن تل أبيب وحزب الله يحاولان عدم تجاوز الخطوط الحمراء خلال المناوشات، إذ إن ذلك لا يصب في مصلحة الطرفين.

وطلبت إسرائيل، الأربعاء، من فرنسا التدخل بممارسة نفوذها على لبنان لمنع اندلاع مواجهة عسكرية مع حزب الله.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان إن الطلب “جاء خلال لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بالعاصمة باريس مع نظيرته الفرنسية كاثرين كولونا”.

ونقل البيان عن كوهين قوله “استفزاز منظمة حزب الله الإرهابية على الحدود اللبنانية يمكن أن يتحول إلى مواجهة عسكرية”. وأضاف “طلبت من صديقتي وزيرة الخارجية كولونا ممارسة نفوذ فرنسا في لبنان للمساعدة في حل التوترات بشكل فعال وسريع”.

ولفرنسا القوة الاستعمارية السابقة للبنان نفوذ وقنوات اتصال غير مباشرة مع حزب الله يمكن توظيفها لتبريد الجبهة الجنوبية وتفادي مواجهة شاملة تزيد من تأزيم الأوضاع الأمنية الهشة في المنطقة.

ودخلت فرنسا في عدة مناسبات في مفاوضات ونقاشات مع قادة حزب الله لحل العديد من الأزمات السياسية في البلاد، وهي الآن في مفاوضات لفك عقدة الاستحقاق الرئاسي في لبنان.

وقامت بلدية منطقة كفرشوبا جنوبي لبنان، الخميس، باستقدام جرافة لشق وتأهيل إحدى الطرق بمحاذاة الخط الحدودي لتسهيل عمليات مرور السكان، وسط استنفار للجيش الإسرائيلي.

وعملت بلدية كفرشوبا على شق طريق بطول مئتي متر بمحاذاة الشريط الحدودي مع الأراضي المحتلة.

وأوضح شاهد عيان أنه بالتزامن مع عمليات الجرف تم إطلاق قنبلة دخانية من الجهة الإسرائيلية سقطت داخل الأرض المحتلة في مزارع شبعا (جنوب).

وقال رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري إن “قسما من الطريق واقعة ضمن الأراضي المحررة، لهذا ربحنا 200 متر من الأرض”. وأضاف “عملنا على جرف وشق الطريق ووعدتنا وزارة الأشغال اللبنانية بأنها ستعمل على تعبيد الطريق لاحقا”.

وأوضح القادري أن الطريق “تصل بلدتي بعثائيل وعذرائيل بمزارع شبعا”. كما أكد أن هذه العمليات “سبقها تنسيق مع الأمم المتحدة والجيش اللبناني”، مشددا على أنه “عمل مدني وسلمي”.

وشهدت المنطقة الحدودية توترا أمنيا في الأيام الماضية، بسبب محاولات القوات الإسرائيلية تجريف أراض وإنشاء جدار إسمنتي في المنطقة، وهذا ما يرفضه الجانب اللبناني لكون المنطقة أرضا لبنانية تحتلها إسرائيل.

ومطلع الشهر الجاري، أزال عدد من الأهالي والمحتجين اللبنانيين شريطا شائكا وضعه الجيش الإسرائيلي عند أطراف بلدة كفرشوبا الحدودية، ما أدى إلى استنفار كبير من الجانبين، فيما تدخلت قوات اليونيفيل وعملت على تهدئة الأوضاع.

وتحظى منطقة كفرشوبا وتلالها بموقع إستراتيجي هام، حيث تتربع على المنحدرات الغربية لجبل الشيخ، وتطل على سهل الحولة والجليل الأعلى في أرض فلسطين التاريخية، وعلى قمم جبل عامل جنوبا وغربا.

وعلى الرغم من جهود دبلوماسية عديدة، فإن الجيش الإسرائيلي لا يستبعد أن يكون مستعدا لأيام قتالية عدة، في حال قررت تل أبيب إزالة الخيمة التي أقامها حزب الله بمزارع شبعا.

فيما قام قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، الأحد، بالاجتماع مع رؤساء المستوطنات الحدودية مع لبنان في محاولة لطمأنتهم بظل التوتر الحاصل.

وقبل أسابيع، نصب حزب الله خيمتين في مزارع شبعا، إحداهما على الجانب المحتل من إسرائيل. كما أعلن في السادس والعشرين من يونيو إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد اختراقها الحدود الجنوبية.

والأربعاء، أصيبت ثلاثة عناصر من حزب الله بجروح طفيفة جراء إلقاء الجيش الإسرائيلي قنبلة صوتية، فيما قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن “عددا من المشتبه بهم اقتربوا من السياج الأمني الشمالي وحاولوا تخريبه في المنطقة”، مشيرا إلى أن قواته “رصدت المشتبه بهم واستخدمت وسائل لإبعادهم”.

وأتى حادث الأربعاء بعد أقل من أسبوع على إطلاق الجيش الإسرائيلي قذائف عدة باتجاه الأراضي اللبنانية ردا على صاروخ مضاد للدبابات قال إنه أطلق من لبنان وانفجر في بلدة الغجر التي يطالب لبنان باستعادة الجزء الشمالي منها.

وخلال الأسابيع الماضية، أنهت إسرائيل بناء سياج حول بلدة الغجر، الأمر الذي اعتبرته السلطات اللبنانية “محاولة لضمها” من قبل إسرائيل. فيما يطالب لبنان باستعادة الجزء الشمالي من الغجر وباستعادة مناطق حدودية من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

ويرى مسؤولون إسرائيليون أن عدم الاستقرار السياسي في لبنان قد يدفع الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله إلى صرف انتباه الرأي العام إلى نزاع مع إسرائيل.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني أن المسؤولين نقلوا تحذيرا إلى الحزب المدعوم من إيران الأحد، من أن استفزازاته على طول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية، مضيفين أن زعيم الحزب نصرالله قد يعتقد أنه بمنأى عن أي خطر.

وقال المسؤولون الإسرائيليون الذين لم تكشف الصحيفة عن هوياتهم، إن أفعال حزب الله حتى الآن ليست بالخطورة التي كانت عليها في السنوات الماضية، عندما جرى إطلاق صواريخ على فترات على إسرائيل، والقيام بشكل منتظم بمحاولات اختطاف جنود إسرائيليين على الحدود.

ويرى محلل الشؤون العسكرية في موقع “والاه” الإسرائيلي أمير بوحبوط أن خطأ واحدا على الحدود من أحد الطرفين يُفسّر بشكل خاطئ من الطرف الآخر، قد يقود إلى حرب بين إسرائيل وحزب الله.

وقال إنه بعد مرور 17 عاما على حرب لبنان الثانية لا يزال الجيش الإسرائيلي يدير حملة علنية وسرية ضد الحزب بشأن موقع الخط الحدودي. ويقوم يوميا بقيادة قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين بعمليات هندسية واسعة لإقامة عائق حدودي متطوّر.

وخلص بوحبوط إلى أن “حجم النيران التي سيطلقها حزب الله باتجاه الجبهة الإسرائيلية (في حال نشوب مواجهة) لن يترك خيارا للمستوى السياسي سوى إصدار الأوامر من اليوم الأول لإرسال قوات برية من الجيش النظامي وجيش الاحتياط إلى داخل لبنان من أجل السيطرة على مواقع إطلاق الصواريخ الكثيرة”.

وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قد دعا إلى تحرك إسرائيلي ضد حزب الله. وقال “يجب الرد في كل مكان، لا يمكننا السكوت على الاستفزازات وخرق الحدود وعبور الخطوط الحمراء، لا في غزة ولا على الحدود الشمالية”، في إشارة إلى الحدود اللبنانية.

ومع أن إسرائيل تُقدّر أن حزب الله ليس مهتما ببدء حرب في الوقت الحالي، إلّا أن كبار المسؤولين في الجيش حذّروا مؤخرا من ازدياد ميل الجماعة إلى التحديات التي قد تؤدي إلى حدوث تصعيد غير مقصود.

العرب