تململ شعبي من سياسات حركة حماس يخصم من رصيدها

تململ شعبي من سياسات حركة حماس يخصم من رصيدها


خرجت مظاهرات في غزة الجمعة، وللمرة الثانية خلال الأسبوع الجاري تنديدا بانهيار الخدمات رغم لجوء حركة حماس التي تدير القطاع إلى القمع الأمني. وتعكس الاحتجاجات الشعبية نادرة الوقوع غليانا شعبيا يزيد الضغوط على الحركة المأزومة.

غزة – فرقت قوات الأمن التابعة لحكومة حماس في قطاع غزة الجمعة، المئات من المتظاهرين المحتجين ضد أزمة انقطاع الكهرباء والأوضاع الإنسانية الصعبة في القطاع المحاصر والفقير، ما يخصم، حسب مراقبين، من رصيدها.

وجاءت التظاهرة بعد دعوة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي “للمشاركة في التظاهرات والمطالبة بحقوقكم العادلة وإعلاء صوتكم بكل سلمية ضد الظلم وانقطاع الكهرباء والأوضاع الإنسانية الصعبة”.

وتجمع المئات من المتظاهرين شمال مدينة غزة وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع، إلا أن أمن حماس قام بتفريقهم واعتقال عدد منهم، بحسب شهود عيان.

وانتشر عدد كبير من عناصر أمن حماس في الشوارع وعلى المفترقات العامة، كما منع عناصر الأمن التصوير بينما كان عدد كبير منهم بلباس مدني.

سكان غزة يرجعون تفاقم الأوضاع المعيشية إلى الفساد وعدم الكفاءة، وتحويل الأموال إلى البنية التحتية العسكرية

وقال الحراك في بيان نشره على مواقع التواصل الاجتماعي “غرقت الشوارع بالأجهزة الأمنية وأفراد الشرطة والقوات الخاصة والمباحث والأمن الوطني وتفتيش وتوقيف أي شخص كأنه حظر تجول (…) كان الله في عون الناس”.

وينتقد المحتجون حماس أيضا لخصمها ما يقرب من 15 دولارا من رواتب شهرية بقيمة 100 دولار تمنحها دولة قطر للأسر الأشد فقرا في غزة.

ويخضع القطاع لإغلاق منذ 2007 بعد سيطرة حركة حماس عليه. وتقول إسرائيل إن الإغلاق ضروري لمنع حماس من بناء قدراتها العسكرية. ولم يتلق موظفو القطاع العام في غزة رواتبهم كاملة منذ 2013.

وفي 19 يوليو الماضي قالت وزارة المالية التي تديرها حماس إنها بدأت في سداد رواتب يونيو لنحو 50 ألف موظف بالقطاع العام بعد تأخر سداد رواتبهم لنحو ثلاثة أسابيع.

وذكرت الوزارة أن أسباب الأزمة ترجع إلى تأخر وصول منحة أجور شهرية من قطر، وهي مساعدة حيوية للقطاع الفقير، فضلا عن انخفاض عائدات الضرائب وارتفاع الإنفاق.

ووفقا للأمم المتحدة، يعتمد 80 في المئة من سكان قطاع غزة على المساعدات الإنسانية.

ويعد انقطاع التيار الكهربائي أمرا روتينيا بالنسبة إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة. ويقول مسؤولون محليون إن القطاع يحتاج إلى نحو 500 ميغاوات من الطاقة يوميا في الصيف، لكنه لا يحصل إلا على 120 ميغاوات من إسرائيل و60 من محطة الطاقة الوحيدة به.

15دولارا خصمتها حماس من رواتب شهرية تمنحها دولة قطر للأسر الأشد فقرا في غزة

وقد تفاقمت الأزمة بعد أن تجاوزت درجات الحرارة 38 درجة مئوية في غزة.

وتعجز شريحة واسعة من السكان عن توفير بديل للكهرباء في ظل انقطاع يستمر لأكثر من نصف اليوم، رغم أن ذلك يؤثر على حياتهم اليومية، بما في ذلك القدرة على ضخ المياه للمنازل.

ودعت مجموعات شبابية إلى حراك للضغط على حماس من أجل إيجاد حل لمشاكل القطاع. ونظمت المظاهرات حركة شعبية على الإنترنت تسمى “الفايروس الساخر”. ولم يعرف على الفور من يقف وراءها.

وكان تجار في غزة قد لجأوا في أبريل الماضي إلى الإضراب والقضاء ضمن إجراءات قانونية نادرة الحدوث، عندما أعلنت حكومة حماس ضرائب جديدة على بعض الصادرات والواردات في قطاع غزة، وذلك احتجاجا على القرارات التي اعتبروها “غير عادلة”.

وأعلنت الحكومة في يوليو من العام الماضي زيادة قيمة رسوم الاستيراد على قائمة تضم نحو 24 سلعة غذائية من بينها حليب الأطفال والمياه المعدنية وغيرها.

وارتفعت على الفور قيمة رسوم استيراد حليب الأطفال أربعة أضعاف للطن الواحد، و15 ضعفا بالنسبة إلى المياه المعدنية المستوردة، وطال القرار أيضا الزعتر المستورد من الضفة الغربية الذي زاد رسم استيراده عشرة أضعاف.

وشكلت هذه القرارات ضغوطا إضافية على سكان قطاع غزة الذي يعاني أصلا من نسبة فقر مرتفعة.

ويقول الخبير الاقتصادي مازن العجلة إن الرسوم المفروضة “غير قانونية”، مشيرا إلى أن الحكومة (في غزة) اعتمدت على “التقدير الجزافي لتحديد قيمة هذه الرسوم، وتقوم بالتفاوض عليها مع التاجر وهذا يعكس عدم المهنية والابتزاز”.

ولم يعد تحميل الحركة لإسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في القطاع يقنع سكان غزة.

ويلوم سكان غزة بشكل متزايد حماس على تفاقم الأوضاع المعيشية من خلال المحسوبية والفساد وعدم الكفاءة، وتحويل الكثير من الأموال من البرامج الاجتماعية إلى البنية التحتية العسكرية.

وفي مقابلة أجريت معه مؤخرا قال القيادي في حماس وعضو المكتب السياسي للحركة غازي حمد “كل شيء هنا مجمّد، غائم وضبابي”. وأضاف “ليس من الواضح في أي اتجاه نسير”.

وقال المحلل السياسي معتصم دلال إنه على الرغم من تصريحات قيادتها بشأن إسرائيل، فإن هناك نقاشات بين بعض أعضاء حماس حول الحاجة إلى مقاربة أكثر براغماتية تجاه إسرائيل.

وقال دلال إن بعض الأعضاء الشباب في حماس أيدوا بشكل خاص التحدث إلى المسؤولين الإسرائيليين بشكل مباشر.

وأضاف أنه لا يرى أن التحدث إلى إسرائيل مباشرة أمر ليس جيدا. وتابع “أنت تحت الاحتلال الإسرائيلي، إنهم يسيطرون على كل شيء في حياتك، ويمكنهم قتلك. فلماذا لا تتحدث معهم؟”.

وتقرن تل أبيب تخفيف الحصار عن القطاع بمدى التزام حركة حماس بالهدوء.

العرب