أنقرة – عكست أحدث المؤشرات عن حالة الاقتصاد التركي أن ثقة المستهلكين واصلت السير نحو الانحدار، ولكنه الأسوأ منذ سنوات طويلة، بسبب الخطط الحكومية التي تريد فرضها دون إدراك بالتداعيات الوخيمة التي خلفتها على القدرة الشرائية للأتراك.
وانخفضت ثقة المستهلكين إلى أدنى مستوياتها منذ وصول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السلطة قبل عشرين عاما تقريبا، إذ أثر التحول نحو المزيد من السياسات الاقتصادية السائدة في الموارد المالية للأسر.
وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي الأربعاء تراجع مؤشر ثقة المستهلكين الأتراك بنحو 15.1 في المئة إلى 68 نقطة في أغسطس الماضي، قياسا بنحو 80.1 في المئة في يوليو، ليواصل بذلك الانخفاض منذ مايو الماضي.
وهذا هو أكبر انخفاض منذ بدء تسجيل البيانات في 2004، بعد أشهر على تولي أردوغان منصب رئيس الوزراء للمرة الأولى.
وتعني أي قراءة دون المئة نظرة متشائمة، فيما تشير أي قراءة فوقها إلى وجود تفاؤل. وكان مكتب الإحصاء قد قام بتعديل منهجيته للبيانات في عام 2012.
15.1 في المئة نسبة التراجع في مؤشر ثقة المستهلكين بين أغسطس ويوليو وهو الأكبر منذ 2004
وشهدت التوقعات المالية للأسر والاقتصاد التركي للأشهر الاثني عشر المقبلة أيضا انخفاضات قياسية بسبب الآفاق الضبابية حول التضخم.
ويأتي هذا التراجع الحاد في أعقاب سلسلة من الزيادات الضريبية، والعديد من الزيادات في أسعار الفائدة، ومراجعة تصاعدية حادة في توقعات التضخم الرسمية لهذا العام.
وتعمل محافظة البنك المركزي الجديد حفيظة غاية إركان، ووزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، على تنسيق العودة إلى السياسة التقليدية بعد سنوات من إجراءات اتخذتها الدولة لتحقيق النمو دون النظر إلى معدلات التضخم.
وفرض أردوغان تعزيز الدخل المتاح للمستهلكين من خلال الإنفاق العام قبل الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي، في محاولة منه لامتصاص غضب شريحة واسعة من المواطنين حيال السياسات الاقتصادية والنقدية المتبعة.
ويتصاعد السجال الدائر منذ فترة داخل أوساط المحللين والخبراء بشأن خطوات تركيا والتي تحمل في طياتها تباينا في الآراء بين متفائل وآخر متشائم حول جدوى الآليات البدلية حتى تجعل الاقتصاد تظهر عليه علامات التعافي.
وكان الرئيس التركي قد ألقى اللوم كالعادة، خلال مشاركته في حفل توزيع جوائز الإنجازات في خدمات المقاولات الخارجية لرابطة المقاولين الأتراك الثلاثاء الماضي، على جهات تريد تدمير اقتصاد بلاده.
وقال إن “الجزء الأكبر من المشاكل الاقتصادية التي تعانيها البلاد ناجمة عن مؤامرات تم تنفيذها بدوافع سياسية وليست اقتصادية”.
ثقة المستهلكين تنخفض إلى أدنى مستوياتها منذ وصول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السلطة قبل عشرين عاما
وأضاف “وصلنا إلى يومنا هذا بعد أن حاربنا كل من أراد إبقاء تركيا تحت وطأة الفائدة وسعر الصرف والتضخم”.
وفي ما يخص غلاء المعيشة داخل تركيا وخاصة المدن الكبرى، قال “نبذل جهودا كبيرة لحل مشكلة غلاء المعيشة، وأعتقد أننا سنبدأ قريبا بتحقيق نتائج بهذا الصدد بخطوات جديدة سنضيفها إلى الآليات التي وضعناها”.
وأردف “نقوم بتنفيذ برامج من شأنها تعزيز الاقتصاد الكلي دون الإضرار بهدفنا المتمثل في تنمية بلدنا من خلال الاستثمار والتوظيف والإنتاج والصادرات”.
ولفت أردوغان إلى أن المؤسسات المالية الدولية بدأت بضخ عشرات الملايين من الدولارات والموارد إلى تركيا، وذلك بفضل مناخ الثقة الذي تم تعزيزه.
العرب