حيرة الحكومة العراقية في الرد على الميليشيات بعد استهداف السفارة الأميركية

حيرة الحكومة العراقية في الرد على الميليشيات بعد استهداف السفارة الأميركية

بغداد – تجد الحكومة العراقية نفسها في وضع حرج بين الرد أو عدمه على استهداف ميليشيات تدين بالولاء لإيران السفارة الأميركية في بغداد، بعد أن لامت القوات الأميركية على استهداف فصائل من تلك الميليشيات ردا على هجمات سابقة.

ويكمن الحرج في أن رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني لا يقدر على استهداف الميليشيات، التي كان يحتاج إلى دعمها للفوز بالسلطة قبل عام، والتي تشكل الآن كتلة قوية في ائتلافه الحاكم. كما أنه يحتاج إليها لضمان استمرار حكومته.

واكتفى السوداني بالقول إن مهاجمي البعثات الدبلوماسية “يقترفون إساءة إزاء العراق واستقراره وأمنه”، داعيا القوات الأمنية إلى “ملاحقة” مرتكبي “الاعتداء”. وأضاف في بيان أن “استهداف البعثات الدبلوماسية أمر لا يمكن تبريره، ولا يمكن القبول به، تحت أي ظرف”.

ولا يجد السوداني ما يقوله للأميركيين لتفسير تردد حكومته في التصدي للميليشيات، خاصة أن رئيس الحكومة العراقية سبق أن أقرّ لواشنطن برفضه استهداف الميليشيات بالقصف؛ إذ أكد في اتصال مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبل أسبوع “موقف العراق الرافض لأي اعتداء تتعرض له الأراضي العراقية”، حسب بيان صادر عن مكتبه.

وأعلن السوداني في اتصاله ببلينكن “التزام الحكومة العراقية حماية مستشاري التحالف الدولي المتواجدين في العراق”. لكن هذا التعهد لم يتجاوز مجرد الوعود، واستمر تحدي الميليشيات لحكومة السوداني باستهدافها السفارة الأميركية بعدة صواريخ فجر الجمعة.

ولم تتبنّ أي جهة هذا الهجوم بعد، لكنّه الأوّل الذي يطال السفارة منذ أن بدأت فصائل حليفة لإيران في منتصف أكتوبر شنّ هجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ ضدّ القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا بعد اندلاع حرب غزة.

والجمعة دعا متحدّث باسم السفارة الأميركية في بغداد الحكومة العراقية إلى “حماية” الطواقم والمنشآت الدبلوماسية ومنشآت التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وأضاف في بيان “تدلّ المؤشرات على أن الهجمات نفذتها ميليشيات موالية لإيران، تنشط بحرية في العراق”.

ومنذ بدء الهجمات على المصالح الأميركية في العراق، تواجه حكومة السوداني التي وصلت إلى الحكم بدعم أحزاب وتيارات مقربة من إيران، امتحانًا صعبا للحفاظ على علاقاتها الإستراتيجية مع واشنطن.

وشدّد السوداني في بيانه على أن “قواتنا الأمنية والأجهزة الحكومية والتنفيذية… ستواصل حماية البعثات الدبلوماسية وصيانة المعاهدات الدولية والالتزام بتأمينها”. وأكّد مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية فرهاد علاء الدين أن “الحكومة العراقية مصمّمة على الحفاظ على استقرار وأمن الدولة”، مضيفا أنه “لن يتمّ التسامح مع أية محاولة لزعزعة استقرار البلاد”.

وكان مسؤول عسكري أميركي قد ذكر أن “هجوما بعدة صواريخ أطلق على قوات التحالف الدولي والقوات الأميركية” في محيط قاعدة يونيون 3 ومجمّع السفارة الأميركية في بغداد، مؤكدا أنه “لم يتم تسجيل إصابات أو أضرار في البنى التحتية”.

لكن في وقتٍ لاحق أفاد جهاز الأمن الوطني العراقي لوكالة الأنباء العراقية بأن “أضرارا مادية في العجلات والأبنية” لحقت بمقرّه الواقع في المنطقة نفسها، بسبب هذا الهجوم.

وأحصت واشنطن حتى الآن 78 هجوما ضدّ قواتها في العراق وسوريا منذ 17 أكتوبر الماضي، أي بعد عشرة أيام من اندلاع الحرب في غزة إثر هجوم شنته حماس داخل أراضي الدولة العبرية في السابع من الشهر ذاته، وفق حصيلة أفاد بها المسؤول العسكري الأميركي.

وندّدت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بالهجوم على السفارة الأميركية، معتبرةً في بيان نشر على منصة إكس أنه “لا يسع العراق تحمّلُ أن يُجرَّ إلى صراعٍ أوسع نطاقًا، الأمر الذي من شأنه أن يهدّد الاستقرار الذي تحقق بعد جهدٍ جهيدٍ والإنجازات التي تحققت حتى الآن”.

وتبنّت “المقاومة الإسلامية في العراق” التي تضمّ فصائل مرتبطة بالحشد الشعبي معظم تلك الهجمات التي تقول إنها تأتي ردا على الدعم الأميركي لإسرائيل. وردّا على تلك الهجمات شنّت واشنطن عدة ضربات في العراق استهدفت مقاتلين في فصائل متحالفة مع إيران.

وفي الثالث من ديسمبر الجاري شنّ التحالف الدولي ضربة جوية “دفاعا عن النفس” ضدّ “خمسة مسلحين كانوا يستعدون لإطلاق طائرة مسيرة هجومية في اتجاه واحد”، ما أدّى إلى مقتلهم، وفق بيان للقيادة المركزية الأميركية.

وفي أواخر نوفمبر الماضي استهدفت ضربات أميركية مرتين مقاتلين في فصائل موالية لإيران في العراق، ما أسفر عن مقتل تسعة مقاتلين. وقصفت واشنطن ثلاث مرات مواقع مرتبطة بإيران في سوريا.

العرب