توقع المحلّل السياسي والكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس “نقطة انعطاف” في حرب غزة تشمل استئناف المفاوضات بشأن الإفراج عن الرهائن مع حماس ووقف إطلاق نار لعدّة أسابيع، يليه انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، لا سيما من شمال قطاع غزة.
على الرغم من أنّ التخطيط الإسرائيلي ما زال غير واضح، رأى اغناتيوس أنّ المسؤولين الإسرائيليين باتوا يدركون الحاجة إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة من الصراع، بما في ذلك السماح لجنود الاحتياط بمغادرة الخطوط الأمامية والعودة إلى وظائفهم. وهم يتّفقون مع إدارة بايدن على الأساسيّات الآتية:
– منع حماس من فرض إرادتها السياسية في غزة ما بعد الحرب.
– أن يتولّى فلسطينيون آخرون، ربّما من السلطة الفلسطينية، مسؤولية الحكم.
– أن تتشكّل قوة لحفظ السلام تدعمها الدول العربية المعتدلة الرئيسية.
– وأن تكون الهيئة الانتقالية في الواقع “سلطة إعادة إعمار غزة”.
عمليّة انتقاليّة بداية كانون الثاني
أشار إغناتيوس إلى أنّ إدارة بايدن تضغط ليتمّ الانتقال إلى هذه المرحلة قبل نهاية العام، لتجنّب المزيد من الضحايا المدنيين، بينما يتحدّث بعض المسؤولين الإسرائيليين عن عملية انتقالية في كانون الثاني أو بعده، مشيراً إلى أنّ وزارة الخارجية الأميركية أعدّت بالفعل وثيقة من 20 صفحة تقريباً تحدّد الخطوات والخيارات الرئيسة لمرحلة ما بعد الصراع، بما في ذلك أن يتولّى الفلسطينيون أدواراً جديدة في الحكم والأمن، بدعم من الحكومات العربية المعتدلة.
توقع المحلّل السياسي والكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس “نقطة انعطاف” في حرب غزة تشمل استئناف المفاوضات بشأن الإفراج عن الرهائن مع حماس ووقف إطلاق نار لعدّة أسابيع، يليه انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، لا سيما من شمال قطاع غزة
على الرغم من أنّ الوضع في ساحة المعركة في غزة بعيد عن الحلّ، ينقل إغناتيوس عن القادة الإسرائيليين اعتقادهم بأنّ هيكل القيادة والسيطرة التابع لحماس في شمال غزة قد انقسم، وأنّ هذه القيادة غير قادرة على التواصل بشكل فعّال مع القادة السياسيين والعسكريين الرئيسيين لحماس مثل يحيى السنوار ومحمد ضيف، المتحصّنين في الجنوب، ربّما بالقرب من خان يونس. وحيث إنّ قتلهما، الذي هو أحد أهداف الحرب الأساسية لإسرائيل، مهمة معقّدة بسبب احتمال أن يكونا قد أحاطا نفسيهما ببعض الرهائن الإسرائيليين الباقين، فهذا يمثّل نفس المعضلة السابقة في أهداف إسرائيل المعلنة: سحق حماس وإنقاذ حياة الرهائن. وهي معضلة أدّت إلى تعقيد التخطيط العسكري الإسرائيلي منذ بداية الحرب مع هجوم حماس الإرهابي في 7 أكتوبر (تشرين الأول).
في رأي إغناتيوس أنّ الانتقال إلى المرحلة التالية يمكن ملاحظته من التطوّرات الآتية:
– سعي المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين إلى استئناف الحوار مع حماس، من خلال قطر، لإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الرهائن الإسرائيليين.
– تدارس المسؤولين الإسرائيليين تمديد وقف إطلاق النار، ربّما لمدّة أسبوعين، للسماح لحماس بجمع هؤلاء الرهائن وتسليمهم إلى برّ الأمان.
– إمكانية تعهّد إسرائيل بسحب قواتها والقيام بعمليات مواجهة، خاصة في الشمال، بعد انتهاء وقف إطلاق النار، حيث إنّها تريد حرّية التهدئة على مراحل، حسب ما تسمح به الظروف.
– اتفاق المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من الأزمة الإنسانية في غزة، والحدّ من انتقادات المجتمع الدولي الشديدة للبلدين بسبب عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين الذي يقترب من 20 ألف شخص.
– خشية السلطات الإسرائيلية من احتمال انتشار الأمراض في غزة، على الرغم من اعتقادها أنّه تمّت السيطرة على تفشّي الكوليرا.
نقل أغناتيوس عن مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اعتقاده بتقبّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضغوط الأميركية للانتقال إلى مرحلة الهدوء
“جزر إنسانيّة” جنوب غزّة؟
لفت إغناتيوس إلى سقوط خطة إسرائيل في أن يستضيف مخيّم ضخم في المواصي، شمال الحدود المصرية مباشرة، مئات الآلاف من اللاجئين من الشمال، وذلك بسبب احتدام القتال سخونة في جنوب غزة. وقال إنّ المسؤولين الإسرائيليين يفكّرون الآن في إنشاء ما يسمّى بـ”الجزر الإنسانية” في شمال قطاع غزة لجذب الفلسطينيين الفارّين من العنف.
يبقى أنّ إحدى المشاكل التي لم يتمّ حلّها، بل ولم تتمّ مناقشتها بالتفصيل، وفقاً لإغناتيوس: تشكيل القوة الأمنية التي ستحافظ على النظام في غزة بمجرد أن تبدأ القوات الإسرائيلية بالانسحاب. وقد يقوم الكوماندوس الإسرائيلي بشنّ غارات على وسط غزة عندما يتلقّى معلومات استخبارية حول أهداف عالية القيمة. لكنّ هذا لن يحمي المدنيين الفلسطينيين من العصابات واللصوص الذين يملأون الفراغ الأمني بالفعل. وقد تتألّف القوة الأمنية، في البداية، بشكل أساسي من فلسطينيين غير مرتبطين بحماس ومستعدّين للتعاون مع القوات الإسرائيلية التي لا تزال تطوّق الحدود. وقد يتمّ تعزيز القوة الأمنية هذه بقوات أجنبية تعمل بموجب تفويض من الأمم المتحدة. وفي ظلّ الفوضى التي ستعمّ غزة بعد الحرب، ستكون هناك حاجة إلى قوات منضبطة تتمتّع بالخبرة، وتسمح لها قواعد الاشتباك باستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر.
السعوديّة والإمارات ودحلان
على المدى الطويل، أضاف إغناتيوس، وعندما يأتي “اليوم التالي” أخيراً، يأمل المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن تتمكّن دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من لعب دور رئيسي في توفير المال والقيادة والشرعية لإعادة إعمار غزة. وقال إنّ لدى كلا البلدين أسباباً للمساهمة في نهضة غزة:
– سعى وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان إلى إظهار قيادة ذات رؤية في العالم العربي.
– كما أنّ تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه دعم إقامة دولة فلسطينية تتمتّع بالحكم الجيّد في غزة والضفة الغربية، سوف يكونان أمراً حكيماً في واقع الأمر.
إقرأ أيضاً: مفاوض إسرائيليّ عتيق: الحلّ بانتخابات… وضمّ حماس إلى “فتح
– وستأتي الإمارات بمهارات خاصة، باعتبارها أوّل دولة عربية تنضمّ إلى اتفاقيات أبراهام. فهي تحظى بثقة الإسرائيليين. وتتمتّع الشركات الإماراتية مثل “إعمار”، بالخبرة في إدارة مشاريع البناء الضخمة التي ستحتاج إليها غزة. وقد آوت لأكثر من 10 سنوات محمد دحلان، الذي كان القوة السياسية المهيمنة في غزة حتى أطاحت حماس بالسلطة الفلسطينية في عام 2006.
نقل أغناتيوس عن مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اعتقاده بتقبّل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الضغوط الأميركية للانتقال إلى مرحلة الهدوء. حيث إنّه مع تراجع صدمة السابع من أكتوبر بشكل طفيف، حان الوقت لإسرائيل للانتقال إلى مرحلة من هذه الحرب حيث يكون المدنيون الفلسطينيون أقلّ عرضة للهجمات، ويمكن إطلاق سراح المزيد من الرهائن الإسرائيليين والبدء بالتخطيط لِما سيكون عملية إعادة بناء ضخمة للمشهد المدمّر في غزة، والنظام السياسي الأوسع في الشرق الأوسط.