التغيير في العراق.. هل أصبح مرهونا بالإرادة الخارجية؟

التغيير في العراق.. هل أصبح مرهونا بالإرادة الخارجية؟

صور-العراق-66

تتداول نخب وقوى عراقية أفكارا ومقترحات لمعالجة أزمات العراق التي باتت مستعصية، جراء الانسداد السياسي وفشل القائمين على إدارة البلد في حلها.
لأجل ذلك، عقدت اجتماعات ولقاءات للنخب العراقية في عدة عواصم عربية وأجنبية، لبلورة رؤى لخريطة طريق تقرب الجميع من الحل المنشود الذي قد يعالج الكوارث التي حلت بالعراقيين، بغياب مشروع وطني عابر للطائفة والعرق. وما يشجع القائمين على هذه المبادرات، هو رغبة الجمهور في تجاوز مخلفات المرحلة التي أعقبت الاحتلال، برؤية جديدة تعيد الأمل للساعين إلى عراق آمن وموحد ومستقر.
ما يعزز فرص استمرار سعي القائمين على هذه الجهود ما قيل عن ضوء أخضر أميركي يدعمهم لتصحيح أخطاء المرحلة الماضية، التي أفرزت طبقة سياسية فشلت في شتى الميادين، وأدخلت العراق في أزمات باتت تحتاج عملية إنقاذية، ورافعة عربية مدعومة من الخارج، لإخراج العراق من محنته التي باتت تهدد الجميع.
حسب المقربين من مسعى الإصلاح المطلوب، فإن الأولوية هي صياغة دستور يجسد إرادة العراقيين، وإعادة النظر بالقوانين الإقصائية، كما إعادة التوازن بالعملية السياسية، وغلق ملفات الاستهداف السياسي، وحصر السلاح بيد الدولة، ومعالجة ملف المليشيات المسلحة، تمهيدا لتحقيق المصالحة الوطنية، مقرونة بشراكة حقيقية في صياغة مستقبل العراق.
الراصد لمسار المبادرات والمساعي والأفكار المتداولة، يلاحظ أنها تصطدم بجدار أصبح من الصعوبة بمكان اختراقه، من فرط تمترس الرافضين لعملية تصحيح المسار، وتحقيق المصالحة التاريخية. والسبب أنهم أول المتضررين من هذا الخيار، لاسيما أنهم رفعوا شعار محاربة “الإرهاب” كأولوية، في محاولة للتنصل من أي التزام وموقف يتناغمان مع دعوات التغيير المنشود.
والسؤال: هل تستطيع النخب والفعاليات العراقية التي تروج للإصلاح تحقيق مبتغاها، وهي بعيدة عن توفير موجبات ميزان القوى على الأرض، وخارج حساباتها، وفيما هي تواجه تمترسا واستقطابا طائفيا مدعوما من الخارج، منح الرافضين لعملية الإصلاح وتصحيح المسار قوة على الأرض، ترى في المسعى الذي نتحدث عنه أنه يمس مصالحها ووجودها وقد يخرجها من المعادلة؟
هنا تكمن إشكالية الساعين إلى تصحيح المسار، إن لم يكونوا مدعومين بتعبئة شعبية عابرة للاستقطاب الطائفي والعرقي، وبما يجسد إرادة العراقيين بالتغيير المطلوب. والأهم أن تكون مدعومة عربيا ودوليا، لتكتسب المشروعية، لأن استقرار العراق ووحدة أبنائه هما ضمان لأمن المنطقة والعالم، والدليل أن تداعيات غزو العراق وفشل القائمين على شؤونه، رغم مضي أكثر من عقد، ما تزال متوالية، من دون أفق لوقفها.
رغم ذلك، فإن المسعى الذي تروج له النخب والفعاليات والقوى الحريصة على العراق، أرضا وشعبا، أصبح يستقطب اهتمام الرأي العام العراقي والعربي، وحتى الدولي، لأنه يصب في مصلحة الجميع، ويبعد عنهم شرور الطائفية المقيتة والكراهية اللتين باتتا تهددان الجميع.

أحمد صبري

صحيفة الغد الأردنية