الخرطوم – تتعالى صرخات الاستغاثة الداخلية وتحذيرات المنظمات الإنسانية من وضع غذائي كارثي في السودان، تضاعفت فيه أعداد الجوعى ورصدت حالات من الموت جوعاً في معسكرات النزوح بدارفور وبعض المناطق الملتهبة الأخرى وفق تقارير أممية، مع استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع” وتواصل دوي المدافع والراجمات الصاروخية في العاصمة السودانية وجبهات ولائية عدة أخرى.
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه يتلقى تقارير عن أشخاص يموتون جوعا في السودان وإن عدد الجائعين تضاعف خلال العام الماضي مع حرمان المدنيين من المساعدات بسبب الحرب.
ودعا البرنامج طرفي الحرب في السودان، وهما الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، إلى تقديم ضمانات فورية لإيصال المساعدات الغذائية الإنسانية دون عوائق للمناطق المتضررة من الصراع.
ويعاني ما يقرب من 18 مليون شخص في أنحاء السودان من الجوع الحاد، كما يواجه أكثر من خمسة ملايين شخص مستويات طارئة من الجوع في المناطق الأكثر تضررا من الصراع.
وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان إنه تمكن من إيصال المساعدات إلى واحد فقط من كل عشرة أشخاص في تلك المناطق، والتي تشمل العاصمة الخرطوم ومنطقة دارفور بالغرب وولاية الجزيرة، حيث توغلت قوات الدعم السريع مؤخرا.
وأوضح البيان “أصبح من المستحيل تقريبا على وكالات الإغاثة الوصول بسبب التهديدات الأمنية وحواجز الطرق وطلبات الرسوم والضرائب”.
وبدأت الحرب في السودان في أبريل 2023 مع اندلاع صراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع على خلفية خطة للتحول نحو الحكم المدني.
وتشارك الجانبان السلطة مع المدنيين بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 2019، قبل عرقلة الانتقال إلى الحكم المدني بانقلاب مشترك في 2021.
ولم تسفر الجهود الرامية للتفاوض وإنهاء القتال عن أي انفراجة حتى الآن.
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه يحاول الحصول على ضمانات أمنية لاستئناف العمليات في ولاية الجزيرة التي كانت في السابق مركزا لتوفير المساعدات فر إليه كثيرون من الخرطوم.
وأضاف أن عمليات تسليم المساعدات في السودان محدودة بعدما علقت 70 شاحنة في بورتسودان لأكثر من أسبوعين، ونحو 31 شاحنة أخرى في مدينة الأبيض لأكثر من ثلاثة أشهر. ويسيطر الجيش على المدينتين.
وقال إيدي رو المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي وممثله في السودان “كل شاحنة من شاحناتنا يجب أن تواصل طريقها يوميا لإيصال الغذاء إلى الشعب السوداني”.
لكنه أكد أنه “مع ذلك، فإن المساعدات المنقذة للأرواح لا تصل إلى من هم في أمس الحاجة إليها، ونتلقى بالفعل تقارير عن أشخاص يموتون جوعا”.
وبموجب تصنيف وافقت عليه وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، تعني مستويات الجوع التي تصل لحد الأزمة أن الأسر تعاني من معدلات عالية من سوء التغذية الحاد أو يمكنها تلبية الحد الأدنى فقط من الاحتياجات من خلال استراتيجيات التكيف مع الأزمات أو إنفاق أصول ضرورية.
وتعني المستويات الطارئة من الجوع أن الأسر تعاني من ارتفاع شديد في سوء التغذية الحاد أو أنها معرضة للموت، أو لا تستطيع التكيف إلا من خلال تدابير الطوارئ أو تصفية الأصول.
وعلى الصعيد ذاته، حذر المتحدث باسم منسقية اللاجئين والنازحين بدارفور آدم رجال من أن الوضع في معسكرات النازحين تجاوز مرحلة الكارثة وعلى أبواب حالة من الموت الجماعي المتتالي، بخاصة بالنسبة إلى كبار السن والمرضعات والأطفال الذين تضاعفت معدلات موتهم في معسكر “كلمة” للنازحين من 10 وفيات إلى 20 حالة وفاة شهرياً، بسبب الجوع وسوء التغذية والأمراض، التي كان يعمل برنامج الغذاء العالمي على مكافحتها.
وأوضح رجال أن النازحين بالمعسكرات يعيشون وضعاً مزرياً بالمعني الحرفي للكلمة، إذ لم يتلقوا حصصهم الغذائية التي كان يقدمها لهم البرنامج أو أي معونات أو أغذية من أية جهة أخرى منذ 10 أشهر مضت.
وتابع “في الوقت نفسه ما زالت المعسكرات تستقبل أفراداً وأسراً جديدة بصورة مستمرة هرباً من الحرب، مما أدى إلى نفاد كل المخزونات، وبات الجميع يعيشون على وجبة واحدة هي المديدة، وهي وجبة تقليدية شبه سائلة تصنع من طحين الذرة”.
ولفت المتحدث باسم المنسقية إلى أن معظم مدن وقرى دارفور بات على أعتاب مجاعة حقيقية بعد الانقطاع الطويل لوصول أي إمدادات أو سلع غذائية، نتيجة إغلاق الطرق وخطورتها، فضلاً عن توقف المساعدات والمعونات التي كانت تقدمها المنظمات الإنسانية بسبب الحرب.
وناشد رجال المجتمع الدولي والضمير الإنساني العالمي تشديد الضغط على الطرفين المتحاربين لوقف هذه الحرب بالنظر إلى المأساة الرهيبة التي يعيشها الشعب السوداني.
وميدانياً، تعرضت أنحاء متفرقة من العاصمة السودانية الخرطوم لقصف مدفعي وجوي، خصوصا في محيط القيادة العامة وسط الخرطوم حيث تجددت الهجمات المتبادلة، كما شهدت المناطق المتاخمة لسلاح المدرعات، جنوب العاصمة، تبادلا للقصف المدفعي بين الجانبين في مناطق عدة جنوب الحزام ومحلية شرق النيل بالخرطوم بحري.
وفي الخرطوم بحري، استهدفت مدفعية قوات الدعم السريع معسكر سلاح الإشارة التابع للجيش وسط المدينة.
وفي الأثناء أعلنت قوة كبيرة من حركة تحرير السودان جناح مناوي بقيادة العقيد علي درشة انحيازها لخيار الشعب والانضمام لقوات الدعم السريع بجبل مون. وفق بيان للدعم السريع.
ويأتي ذلك بعد إعلان قوات من حركة تحرير السودان “جناح مناوي” بقيادة مفتش الحركة العقيد علي جبل مون، بالإضافة لقوات من حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، انضمامها إلى قوات الدعم السريع بغرب دارفور.
وكانت قوات الدعم السريع بثت مقطع فيديو في ديسمبر الماضي يظهر فيه العقيد علي جبل مون مع عدد من الجنود، يعلنون انضمامهم لقوات الدعم السريع.
وقال المتحدث في الفيديو من مدينة صليعة غرب دارفور، أن القوة المنضمة قوامها ستة آلاف جندي و85 عربة قتالية و80 ضابط، انشقوا من حركتي جبريل ومناوي.
ووجدت هذه الخطوة اشادة كبيرة من القيادة العليا لقوات الدعم السريع ورحب الفريق أول محمد حمدان دقلو بهذا القرار الشجاع في الوقت التاريخي والمفصلي من عمر السودان.
ويذكر أن هؤلاء المقاتلين أعلنوا انشقاقهم من حركاتهم وانضمامهم لخيار الشعب بعد أن أعلن مناوي وجبريل قتالهم بجانب كتائب الاسلاميين وقوات الفلول والجيش.
العرب