بارزاني في طهران لتهدئة قلقها من تطورات العلاقة بين أربيل وأنقرة

بارزاني في طهران لتهدئة قلقها من تطورات العلاقة بين أربيل وأنقرة

طهران- احتاجت أربيل مركز إقليم كردستان العراق ومعقل الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى إيفاد القيادي الكبير في الحزب رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى طهران لاستكمال خطوات التقارب وخفض التوتر مع بغداد مقر الحكم الاتّحادي في العراق والذي يهيمن عليه حلفاء إيران من قادة أحزاب وفصائل شيعية مسلّحة.

ونجح بارزاني خلال زيارة قام بها قبل أيام إلى بغداد في إطلاق مسار مصالحة بين حزبه وتلك الأحزاب والفصائل، بعد فترة من التوترات والضغوط الشديدة السياسية والقضائية والمالية والأمنية التي خضعت لها أربيل على يد تلك الأحزاب والفصائل واعتبرها مطّلعون على الشأن العراقي انعكاسا مباشرا لموقف إيران السلبي من الحزب الديمقراطي الذي يقوده أفراد أسرة بارزاني، والذي لم يعد في منظور الإيرانييين مجرّد حليف الولايات المتّحدة بل تحوّل أيضا إلى جسر للنفوذ التركي المنافس للنفوذ الإيراني في العراق، بالنظر إلى التطوّر الكبير المسجّل في علاقات الحزب بأنقرة.

وحل بارزاني الأحد بطهران وعلى رأس أجندته تقديم توضيحات للقيادة الإيرانية بشأن علاقات الحزب الديمقراطي مع تركيا ومحاولة إقناعها بأنّها علاقات لا تنطوي على ضرر لمصالح إيران في العراق، وبأنّ قيادة الحزب حريصة على إحداث توازن في العلاقة مع الجارتين كلتيهما.

ويعلم رئيس إقليم كردستان العراق وسائر قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني أن مفتاح نجاح التقارب مع القوى الشيعية الحاكمة في العراق واتّقاء ضغوطها وحلّ المشاكل العويصة معها والمتعلّقة بمسائل حيوية مثل قضية حصّة الإقليم من موازنة الدولة الاتحادية والتزام بغداد بدفع رواتب موظفي الإقليم، وأيضا وقف استهداف الميليشيات لأربيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة، يظل بيد القيادة الإيرانية ذات الكلمة المسموعة من قبل كبار قادة تلك القوى الشيعية.

وخلال السنوات الأخيرة تحوّلت كثافة التواصل والتنسيق بين قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني وأركان حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ظاهرة لافتة.

وأثمر ذلك التواصل إقامة علاقات متينة بين أنقرة وأربيل تجاوزت الجوانب الاقتصادية والتجارية إلى تنسيق أمني ضمن الحرب التي تخوضها تركيا في مناطق شمال العراق ضدّ مقاتلي حزب العمال الكردستاني.

وتجلت تلك العلاقات مؤخّرا في زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أربيل ضمن الزيارة التي قام بها إلى العراق.

وعلى الطرف المقابل أصبح امتعاض طهران من توسّع علاقات الحزب الديمقراطي الكردستاني مع كبار منافسيها على النفوذ في العراق واضحا للعيان من خلال اتهامها له باحتضان نشاط استخباراتي إسرائيلي مضاد لإيران في مناطق نفوذه بإقليم كردستان العراق، واستهدافها لأربيل بالصواريخ حينا لادعاء ضرب مراكز ذلك النشاط والتي لم يتوفّر أي دليل مادي على وجودها بالفعل، وحينا آخر لادّعاء الردّ على القوات الأميركية لقتلها القيادي في الحرس الإيراني قاسم سليماني.

وعلى الرغم من طغيان الأهداف والدوافع الحزبية على زيارة بارزاني إلى إيران، إلى أنّه يستخدم في الزيارة الرسمية صفته كرئيس لإقليم كردستان العراق.

وقالت رئاسة الإقليم في بيان إنّ “الزيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية من جمهورية إيران الإسلامية بهدف تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي بين ايران والعراق وإقليم كردستان، إلى جانب مناقشة الأوضاع والتطورات التي تشهدها المنطقة بصورة عامة”.

وتعليقا على الزيارة، قال مدير المركز الفرنسي للدراسات حول العراق عادل باخوان إن تطبيع العلاقات مع إيران أمر “جيد جدا” لإقليم كردستان على صعيد الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي، مضيفا في تصريحات لوسائل إعلام محلية قوله إنّ “تطبيع العلاقات مع إيران يعادل تطبيع العلاقات مع العديد من الجهات العراقية الفاعلة التي أصبحت الآن تشكل تهديدا إستراتيجيا لإقليم كوردستان”.

ويشير باخوان ضمنا إلى الزيارة التي قام بها بارزاني قبل أيام إلى بغداد حيث التقى بعدد من المسؤولين الاتّحاديين وقادة الأحزاب المشاركة في تشكيل حكومة السوداني وفي مقدمتهم قادة أحزاب شيعية رئيسية.

وجاء من ضمن الأهداف المعلنة لتلك الزيارة إعادة ترميم تحالف الدولة المشكّل للحكومة وتطبيق الاتفاقات التي قام عليها وما يستتبع ذلك من مصالحة الحزب الديمقراطي الكردستاني مع عدد من القوى الشيعية.

وخلال الأشهر الأخيرة توتّرت علاقة الحزب مع عدد من الأحزاب والفصائل الشيعية العراقية الحليفة لإيران، وبلغت التوتّرات مداها مع إصدار المحكمة الاتّحادية أعلى سلطة قضائية في العراق جملة من القرارات تتعلّق بقانون انتخابات برلمان إقليم كردستان والهيئة المكلّفة بالإشراف عليها، وكذلك بطريقة صرف رواتب موظّفي الإقليم، وذلك بالضدّ من إرادة قيادات الحزب الديمقراطي الذين أعلنوا مقاطعة حزبهم للانتخابات البرلمانية المقرّرة لشهر يونيو القادم.

وقال السياسي الكردي العراقي لطيف الشيخ إن الغرض من زيارة بارزاني إلى طهران فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران. وأضاف مصرّحا لوكالة بغداد اليوم الإخبارية أن “علاقة إيران مع الحزب الديمقراطي الكردستاني تدهورت بشكل كبير وتراجعت مؤخرا”، مبينا أن “هناك الكثير من الملفات التي تحتاج كردستان فيها طهران بشكل مباشر”.

كما أوضح أن الهدف من الزيارة هو “إصلاح الخلل وعودة العلاقات بين الجانبين وأيضا محاولة إيجاد مخرج لأزمة انتخابات كردستان في ظل العلاقة الوطيدة بين طهران وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إضافة إلى حسم الملفات العالقة مع بغداد من خلال تأثير إيران على بعض القوى السياسية العراقية”.

العرب