الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة: إيران تمول الإرهاب الشيعي والسني في العراق

الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة: إيران تمول الإرهاب الشيعي والسني في العراق

_69630_iraq3

قال الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة، نائب رئيس مجلس الأمناء والمدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي بمملكة البحرين، في حوار على هامش مؤتمر “في نقض أسس التطرف ومقولاته: مقاربات وتجارب”، الذي أقيم بالرباط بالتعاون بين مكتبة الإسكندرية والرابطة المحمدية للعلماء أن “الثوب الذي يلبسه الإرهاب في البحرين هو إرهاب شيعي مكلف من إيران”، إن “الثوب الذي يلبسه الإرهاب في البحرين هو إرهاب شيعي مكلف من إيران”.

وأكد، في حوار معه على هامش مؤتمر “في نقض أسس التطرف ومقولاته: مقاربات وتجارب” الذي أقيم بالرباط بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية والرابطة المحمدية للعلماء، أن الإرهاب لا دين له ولا مذهب، فللإرهاب أدواة واحدة وأهداف واحدة، وإن لبس ثيابا مختلفة.

وأشار إلى أن هناك شكوكا كثيرة تدور حول علاقة إيران بالإرهاب السني “يجب ألا ننسى أن القاعدة مركزها الأساسي مدينة ‘قم’ بإيران، رغم أن التنظيم سني، كما استطاعت طهران أن تمول الشيعة وتسلحهم في العراق فضلا عن تمويلها للقاعدة وجماعات من السنة المتطرفين، لكي يكون هناك صدام بين العرب والعرب، ومن ثم تصبح الأرض فارغة ومهيأة للسيطرة الإيرانية على العراق، وهذا ما حدث بالفعل.

وهناك أدلة تؤكد علاقة القاعدة بإيران، إلى جانب الشكوك الرائجة اليوم حول وجود علاقة بين إيران وتنظيم الدولة الإسلامية. فداعش لا يهاجم أي مصالح إيرانية سواء في العراق أو سوريا ولا يهاجم الجيش السوري، بل يركز على تصفية السنة وتهجيرهم وإعادة تسكينهم في مناطق محددة، والهجرات المتدفقة غربيا وعربيا من العراق وسوريا هي في الحقيقة هجرة سنية، فخلال الأشهر الأخيرة اتجه قرابة 300 ألف سني سوري إلى أوروبا وشكلوا مشكلة للغرب”.

في حال تقديم محاضرات من مفكرين وفلاسفة إلى الشباب، فإنهم يعتبرون أنها أفكار لا تصيب عقولهم

وشدد الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة على أن إيران لديها أجندتها وأدواتها التي بينها بعضا من ذوي النفوس الضعيفة من الشيعة العرب، وهم ممّن يتسلمون فضلا على المساعدات المالية، الدعم اللوجيستي والعسكري والتدريبي للقيام بعمليات إرهابية في البحرين، ما يعني أن الإرهاب في البحرين شيعي بأياد إيرانية. وفي العراق أيضا هناك الإرهاب الشيعي بموازاة الإرهاب السني، فهناك الحشد الشعبي الشيعي الذي تدعمه الحكومة العرقية بتوجيهات إيرانية، وهذا أيضا يستهدف تهجير السنة وإعادة إيوائهم في مناطق أخرى في العراق، ومن ثمة إنشاء مناطق خاضعة مذهبيا وعقائديا وفكريا لإيران.

النفوذ الإيراني في العراق

وقال الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة إن إيران اليوم تدير العراق سياسيا وعسكريا وأمنيا، وإن كامل بلاد الرافدين واقعة تحت قبضتها، ولولا ظهور بعض المقاومة السنية، وهي مقاومة غير متطرفة، لانتهى أمر العراق إليها. كما أن بزوغ تنظيم داعش جعل الأوراق تختلط، حتى أصبح العالم اليوم يعتبر أن السنة هم المتطرفون والإرهابيون دون غيرهم، فيما تم إخراج الشيعة من هذه الدائرة، والتعامل معهم على أن لا علاقة لهم بالإرهاب بل هم مستهدفون مثل باقي شعوب العالم، وبالتالي هناك خلط للأوراق بتوجيه وإدارة إيرانية تحت قيادة الحكومة العراقية.

وبالعودة إلى مواقف الحكومة العراقية ستجدها مواقف تابعة لإيران سواء في سياستها الداخلية أو الخارجية والأمنية كذلك، وبالتالي فإن العراق بالفعل يتحول تدريجيا إلى السيادة الإيرانية، وما يجري على الساحة هناك هو تطهير لبعض المناطق من السنة وإعادة تسكين للشيعة، وما يجري كذلك في سوريا من تسكين لعناصر شيعية بعضها إيراني وبعضها أفغاني وباكستاني وعناصر أخرى شيعية عراقية عربية.

وحول موقف دول التعاون الخليجي، رأى أن دول الخليج تركت في السنوات العشر الماضية ساحات كثيرة خالية بمنطق حسن النوايا، فاستطاعت إيران أن تستغلها ومنها العراق، فبعد سقوط نظام صدام حسين واشتعال الحرب في العراق، لم يكن لدى دول الخليج نوايا للسيطرة على العراق أو جعله منطقة نفوذ تابعة لها، وهذه النوايا الحسنة استغلتها إيران جيدا، عبر سد هذا الفراغ السياسي الذي تركته دول الخليج والمنطقة العربية ككل في العراق، وتغلغلت حتى ظنت أنها ملكت الأمر، لكن “عاصفة الحزم” أوقفت هذا الزحف الإيراني.

فطهران الآن في حالة صدمة، حيث لم تتوقع أن الدول الخليجية والعربية سوف تتحد لتتخذ مثل هذا الموقف التحالفي الموحد، بل إن هناك هوسا وتخوفا إيرانيا من أن يمتد هذا التحالف الموحد الذي أبدته دول التحالف العربي، بما في ذلك مصر والمغرب والأردن ودول الخليج، ليعمل على وقفها في سوريا والعراق.

وأوضح أن الإعلان عن التحالف الإسلامي هو إعلان عن مكافحة الإرهاب بأياد عربية، لأنه واقع في أراض عربية ومن قبل بعض المتطرفين العرب، وبالتالي نحن أولى بمكافحة هذا الفكر المتطرف الذي تتبناه بعض الدول غير العربية. فهذا التحالف سوف يؤكد أن الإرهاب ليس منهج هذه الدول العربية والإسلامية وليس منهج الإسلام بل هو منهج الدول التي لها أطماع توسعية في المنطقة. ويرى الشيخ خالد بن خليفة أن الدول التي تخضع للسيطرة الإيرانية ومنها سوريا والعراق وبعض الدول الأخرى، تمثل دليلا قاطعا على أنها لا ترغب في حل قضية الإرهاب بل تستغل الإرهاب كأداة للسيطرة.

المكافحة الثقافية للإرهاب

وطالب الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة المؤسسات المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب، على اختلاف مكوناتها، داعيا إياها إلى الاتحاد ومضافرة جهودها والتكامل في ما بينها لمواجهة هذا الخطر، وقال إن المؤسسات الدينية وحدها لن تستطيع مكافحة الإرهاب، وكذلك المؤسسات الأمنية والمؤسسات الفكرية والثقافية، لذا يجب أن تعمل كلها مشتركة على اجتثاث هذه الآفة، وبالتالي يجب أن تكون هناك جوانب من هذا التكامل.

فمثلا خلال الملتقى الفكري الحضاري الذي نظمته الرابطة المحمدية للعلماء مع مكتبة الإسكندرية، كان لا بد أن يشارك فيه ممثلون عن المؤسسات الأمنية والمؤسسات الشبابية والجامعات وغيرها، ولا يمكن أن تعمل المؤسسات الدينية لوحدها وكذلك لا يمكن أن تعمل المؤسسات الفكرية لوحدها دون الاستفادة من رؤى وأفكار المؤسسات الأخرى.

يجب أن لا نغفل عن دور المؤسسات التكنولوجية التي تضم الأدوات الرئيسية لشبكات التواصل الاجتماعي

ويجب ألا نغفل عن دور المؤسسات التكنولوجية ذات الأبعاد التقنية والعلمية التي تضم الأدوات الرئيسية لشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت وتشكل محطة لاستهداف الشباب، إضافة إلى أن الشباب يجب أن يكون ممثلا في المحافل الفكرية والدينية التي تدور حول مكافحة التطرف، فهذه المؤتمرات مهمة جدا لكن ينقصها مداخلات ومشاركات الجهات الأخرى المعنية، فالإرهاب يعني كل أطراف المجتمع بدءا من الأسرة والمؤسسات الأمنية والدينية والفكرية والجامعات وغيرها.

وقال الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة إن مركز عيسى الثقافي في البحرين يسعى إلى تكوين شراكة علمية مع الرابطة المحمدية للعلماء في الرباط وذلك بالنظر إلى تماثل الأهداف خاصة خلال السنوات القادمة، فنحن في هذا المركز نركز على ظاهرة التطرف كما هو الحال في الرابطة ولهذا فنحن نكمل بعضنا البعض، حيث أن الرابطة تركز على الناحية الفكرية لمكافحة الإرهاب، في حين يركز المركز على حماية الشباب من التطرف والعنف والوقوع في قبضة منظمات إرهابية مثل داعش، وبالتالي هذا التكامل يجعل من الأهمية بمكان وجود شراكة بين هاتين المؤسستين، ومشاركتنا هنا في الرباط هي مشاركة تكميلية لهذه الجوانب.

وأضاف أن المركز أقام الكثير من المحاضرات والندوات لمكافحة الفكر المتطرف والإرهاب، وسيكون عام 2016 في البحرين عام “شباب ضد التطرف” وتحت هذا الشعار سوف نقيم في النصف الأول من العام ما لا يقل عن ثلاثة مؤتمرات فضلا عن الندوات، كما سنطلق حلقات فكرية تحت عنوان “عاصفة الفكر” تناقش قضايا التطرف والإرهاب من منظور دول التحالف العربي بمشاركة مفكرين واستراتيجيين متخصصين في مكافحة الإرهاب من دول الخليج ومصر والمغرب والأردن، وبالتالي سيكون عام 2016 عاما حافلا بالاهتمام بالشباب لحمايته من آفات الفكر المتطرف والإرهاب.

وأوضح أن من بين المؤتمرات المبرمجة سيكون هناك مؤتمر نوعي يشارك فيه شباب من 14 جامعة بحرينية، وسيكون هؤلاء هم المنظمون والمتحدثون والرعاة، ولن يكون هنالك مفكرون أو فلاسفة بل سيكون أغلب الممثلين من فئة شباب وهم من سيتحدثون إلى غيرهم من الشباب.

ونحن نعتقد أن هذا التفاهم والتواصل بين الشباب سيكون أنجع وأكثر تأثيرا، حيث لاحظنا أنه في حال تقديم محاضرات من مفكرين وفلاسفة إلى الشباب، فإنهم يعتبرون أنها أفكار لا تصيب عقولهم، على خلاف محادثة الشاب المثقف والمستنير مع زميله الشاب بنفس العقلية والفكر، وبلا شك سيكون التأثير أكبر وأكثر عمقا.

وقد لاحظنا ذلك في الأدوات التي يستخدمها تنظيم داعش في استقطاب الشباب، حيث يوظف شبابا للعمل على شبكات التواصل الاجتماعي بهدف الوصول إلى غيرهم من الشباب ومخاطبتهم وزرع أفكارهم المتطرفة.

ورأى الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أنه لا تزال هناك ثغرات كثيرة في الحرب ضد الإرهاب من قبل المثقفين، فلازلنا كمثقفين ومفكرين في خانة التنظير وابتعدنا كثيرا عن الحلول العملية السياسية المباشرة، لذا يجب على المثقفين بذل جهود أكبر في التواصل مع المؤسسات الدينية لكي يكتمل الدور ونستطيع التغلب على الأفكار المتطرفة، لأنك لن تستطيع أن تهزم التطرف دون سلاح فكري.

وكما هو واضح فإن التطرف الآن أصبح يمتد إلى بيوتنا ويخاطب أبناءنا عبر وسائل كثيرة منها التقنيات التكنولوجية الحديثة وأدوات التواصل الاجتماعي، وبالتالي وجب محاربته فكريا أيضا بتقنيات عالية كما أنه يجب تحصين الشباب والاستماع إلى آرائهم وأفكارهم وأن نهيّئ لهم الأرضية الخصبة للاعتدال لأنهم هم المستهدفون.
محمد الحمامصي
صحيفة العرب اللندنية