واشنطن – تعتبر البشرية مسؤولة عن إنتاج المزيد والمزيد من غاز أكسيد النيتروز (إن 2 أو) المدمر للمناخ، وهو ثالث أهم الغازات الدفيئة حول العالم بعد غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان.
وقد زادت خلال العقود الأربعة التي بدأت في عام 1980، انبعاثات أكسيد النيتروز المتسبب فيها البشر بنحو 40 في المئة، بحسب ما أظهرته شبكة أبحاث“غلوبال كاربون بروجيكت” (مشروع الكربون العالمي)، التي تقودها كلية بوسطن في ولاية ماساتشوستس الواقعة في شمال شرق الولايات المتحدة.
ويستخدم الأطباء غاز أكسيد النيتروز (المعروف أيضا باسم أول أكسيد النيتروجين)، كمخدر. أما بوصفه عقارا ترفيهيا، فإنه يعرف باسم “غاز الضحك”.
ومع ذلك، يتم إنتاج كميات أكبر بكثير من تلك المطلوبة عن طريق الخطأ، وذلك عن طريق تسميد الحقول أو حرق الوقود الأحفوري، على سبيل المثال، وبالتالي يتم إطلاق تلك الكميات الزائدة في الغلاف الجوي.
ويتم إطلاق أكسيد النيتروز في الهواء بشكل طبيعي أيضا. ووفقا للباحثين، فإنه من الممكن أن يكون ذلك هو السبب وراء إطلاق ثلثي حجم الانبعاثات الحالية. ومع ذلك، فإن هذا عادة ما يتم تكسيره مرة أخرى. وقد تدخل البشر في دورة الأرض الطبيعية للنيتروجين.
ويتم استخدام النيتروجين الموجود في الهواء – مثل الـ“إن 2” وليس الـ“إن 2 أو” – لإنتاج الأسمدة خلال عمليات كيميائية. وتتم إضافة روث البهائم الذي يترك في المراعي أو ينتشر في الحقول إلى ذلك. ففي حال لم يمتص النبات كل هذا الكم من السماد بالكامل، فإنه يمكن تحويله بصورة مباشرة إلى أكسيد النيتروز، أو إطلاقه في وقت لاحق بشكل غير مباشر في الغلاف الجوي.
وبحسب الدراسة، فقد صارت الزراعة مسؤولة في الوقت الحالي عن 74 في المئة من انبعاثات أكسيد النيتروز البشرية. وقد ارتفعت أيضا على مدار العقود الأربعة التي شملها التحليل، انبعاثات أكسيد النيتروز بشكل حاد، في الدول التي ارتفع عدد السكان لديها بعدة ملايين على وجه الخصوص، ولاسيما في الصين والهند. ومن ناحية أخرى، انخفضت الانبعاثات في أوروبا، حيث يرجع ذلك جزئيا إلى استخدام كميات أقل من الوقود الأحفوري، وتغيير الصناعة الكيميائية لعملياتها.
من الممكن أن يكون غاز أكسيد النيتروز “غاز الضحك” هو السبب وراء إطلاق ثلثي حجم الانبعاثات الحالية
وبحسب ما ذكرته كلية بوسطن، فقد أنتجت البشرية نحو 10 ملايين طن من أكسيد النيتروز سنويا خلال عامي 2020 و.2021 وبينما لايزال هناك 270 جزيئا من أكسيد النيتروز في كل مليار جزيء بالغلاف الجوي في عام1750، أي قبل انطلاق الثورة الصناعية مباشرة، فقد ارتفع هذا الرقم في عام 2022 ليصل إلى 336 جزيئا، وذلك بزيادة نسبتها 25 في المئة تقريبا.
ويؤكد معدو الدراسة على أنه من الضروري تقليل انبعاثات أكسيد النيتروز من أجل تحقيق أهداف المناخ. وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة، هانكين تيان، وهو من كلية بوسطن، أنه عندئذ فقط يمكن أن يقتصر ارتفاع درجة الحرارة عالميا على درجتين فحسب.
وقالوا إن “تقليل انبعاثات أكسيد النيتروز هو الحل الوحيد، حيث أنه ليست هناك في الوقت الحالي أي تقنيات لإزالة أكسيد النيتروز من الغلاف الجوي”.
ويقترح الخبراء عدة طرق لتقليل كمية أكسيد النيتروز الناتجة عن صنع الإنسان. فعلى سبيل المثال، ترى وكالة حماية البيئة الأميركية أنه من الضروري استخدام الأسمدة بصورة أكثر كفاءة – حيث أنه في حال تم استخدام كمية أقل من الأسمدة، سيتبقى فائض أقل في التربة، وهو ما يمكن أن يتحول إلى أكسيد النيتروز.
كما توصي وكالة حماية البيئة الأميركية باستخدام كميات أقل من النفط والغاز والفحم، أو استخدام المحولات الحفازة (أو الوسيطية) عند حرقها.
وتضمنت الدراسة الشاملة للغاية مشاركة 58 خبيرا من 15 دولة، من بينها أوروبا. وقد استخدموا ملايين القياسات على مدار أربعة عقود: من الهواء، والمياه العذبة، والمحيطات.
ووفقا للمؤلف الرئيسي للتحليل، هانكين تيان، فإن الدراسة تعد الأكثر شمولا لأكسيد النيتروز حول العالم حتى الآن.
ونظرا للشكوك الكبيرة، فيما يتعلق بظروف التربة على سبيل المثال، فإن الباحثين يقدمون نطاقا واسعا لانبعاثات أكسيد النيتروز. ومن ناحية أخرى، فإن قياسات محتوى أكسيد النيتروز في الغلاف الجوي تعتبر دقيقة للغاية.
العرب