تونس – رفض الرئيس التونسي قيس سعيد أن تكون بلاده موقعا لقواعد عسكرية أجنبية، مثمّنا مجهودات المؤسسة العسكرية والتضحيات الجسام التي تقدمها من أجل الدفاع عن الأراضي التونسية.
ويقول مراقبون إن تصريحات الرئيس تأتي بعد رواج عدد من الشائعات والأخبار الزائفة بثّتها وسائل إعلام غربية، وأهمها منذ أسابيع قليلة، عندما روجت وسائل إعلام فرنسية لوجود عناصر من مجموعة فاغنر في جزيرة جربة (جنوب) ونزول مقاتلات روسية في مطارها.
وقال قيس سعيد “تونس لن تقبل أبدا بوجود قواعد عسكرية فوق أراضيها من غير التونسيين ولن تحيد أبدا عن هذا الاختيار قيد أنملة”، مضيفا “نقبل بالتعاون وتبادل التجارب والخبرات وهو أمر تقليدي ومألوف بين الدول ولكن لن يكون مثل هذا التعاون إلا في ظل الاختيارات الوطنية النابعة من مصالح الشعب التونسي ولن نقبل بأن تكون حبة رمل واحدة ولا قطرة ماء واحدة خارج السيادة الكاملة للدولة التونسية”.
وأكد سعيّد في كلمته بمناسبة الذكرى الـ68 لانبعاث الجيش الوطني “إننا نعمل جميعا على أن تكون تونس عصية على كل من يتربص بها ونريدها شامخة وأبية في كل محفل وتحت كل سماء”.
وطالب الرئيس التونسي المجموعة الوطنية بأن تساهم في توفير الاعتمادات اللازمة لتطوير قدرات القوات المسلحة من بنية تحتية ومن تسليح، فضلا عن الإحاطة بكل العسكريين بكل رتبهم واختصاصاتهم، واصفا العسكريين بـ”الصقور التي ترصد من يعادينا وتقضي على من يسعى إلى تمزيق شملنا أو يؤذينا”، لافتا في رسالة موجهة إلى الضباط وضباط الصف ورجال الجيش إلى أنه “ستتم ترجمة إرادة المجموعة الوطنية في الإحاطة بالعسكريين في مخطط إستراتيجي سواء في إطار قانون المالية أو أطر قانونية أخرى”.
كما أكد سعيد أن تونس لن تنسى شهداء الوطن والمصابين ولن تتركهم دون رعاية، مشيرا إلى أن “مؤسسة فداء” للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من العسكريين ورجال قوات الأمن الداخلي.
وفي مايو الماضي، نفت السلطات التونسية ما نشرته وسائل إعلام فرنسية بشأن وجود عناصر من مجموعة فاغنر في جزيرة جربة أو نزول مقاتلات روسية في مطارها.
واعتبرت السفارة التونسية في باريس أن ما نشرته القناة الإخبارية الفرنسية “أل.سي.إي” الخميس في برنامج “24 ساعة بوجاداس” من “ادعاءات” بشأن وجود عناصر من مجموعة فاغنر بجزيرة جربة هو أمر غير صحيح.
وقال مختار بن نصر، العميد المتقاعد من الجيش الوطني والرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، “في الأسابيع الماضية تم تداول بعض الأخبار الزائفة والشائعات حول هبوط طائرات روسية في الجنوب التونسي وتم تفنيد ذلك”.
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “اليوم أكد الرئيس سعيد على سيادة التراب الوطني، وشدّد على أن تونس لن تقبل أي تدخل خارجي على أراضيها”، لافتا إلى أنه “ما زالت هناك تهديدات إقليمية في دول جنوب الصحراء، وليبيا أيضا ليست في وضع مستقر، وهناك مجموعات إرهابية تستقطب الشباب، وهي تهديدات مؤثرة”.
وأشار مختار بن نصر إلى أن “الجيش الوطني له مهامه وقدّم تضحيات جسام، مع تأكيد الرئيس على أن تونس لن تقبل بقواعد غربية على أراضيها”.
وكثيرا ما يراهن الرئيس التونسي على دور الجيش خصوصا بعد الإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021، فبالإضافة إلى دوره الدفاعي عن الوطن، لعب الجيش التونسي أدوارا فعّالة في عدد من المحطات السياسية والاجتماعية التي مرت بها البلاد منذ الاستقلال في العام 1956.
وتبذل القوات المسلحة العسكرية جهودا في كل المجالات من مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية، والصحة والنجدة وإخماد الحرائق وتأمين الامتحانات الوطنية والمواعيد الانتخابية، فضلا عن مشاركتها في بعثات حفظ السلام الأممية.
وأفاد علية العلاني، الأستاذ الجامعي والباحث في الجماعات الإسلامية، “يمكن القول إن ما صرّح به الرئيس سعيد هو في الحقيقة استمرار لمواقف الرؤساء الذين تعاقبوا على تونس”.
وأكد لـ”العرب” أن “تصريح الرئيس فيه رسالة للداخل والخارج وخصوصا لمن يتحدثون عن وجود قواعد عسكرية ومسيرات، وهذا ما تمّ تكذيبه”، لافتا إلى أن “تونس لا تزال تحافظ على مواقفها والتزاماتها العسكرية والأمنية”.
وتحرص تونس على تحييد الجيش عن الحياة المدنية، لكنه يمتلك خبرات كبيرة في العمل المدني، سواء في مرحلة حكم قيس سعيد أو قبل الثورة، حيث كانت الدولة توكل إليه مهام مختلفة مستفيدة من سرعة أداء المؤسسة العسكرية والتزامها بالمواعيد.
وخلال جائحة كورونا استعان الرئيس سعيد بالجيش لمواجهة تفشي الوباء وإيصال الأمصال إلى مختلف مناطق البلاد بالطائرات العسكرية وشاحنات الجيش مع تدخل مباشر من الطب العسكري، وهو ما مكّن من تقليل الخسائر البشرية وتجاوز حالة الإرباك التي سيطرت على عمل الحكومة.
العرب