تونس – عقد اجتماع بين وفدين ليبي وتونسي في منفذ رأس جدير الحدودي مع تونس لبحث ملفي آليات فتح المعبر وإجراءات تسهيل حركة المرور، فيما جرى الكشف عن نقاط الخلاف بين الطرفين حول فتح المنفذ.
وحضر الاجتماع برأس جدير المدير العام للجمارك التونسية والمدير العام لشرطة الحدود والأجانب ونظرائهم من الجانب الليبي، ومجموعة من المسؤولين بالجانبين، في إطار التعاون التونسي الليبي، وفق ما أفادت هيئة الجمارك التونسية في بيان لها مساء الأحد.
واكتفت هيئة الجمارك بالإشارة إلى “تمحور الاجتماع حول آليات إعادة فتح معبر رأس جدير أمام حركة المسافرين والبضائع وتسهيل انسياب العبور في الاتجاهين، وذلك دون الكشف عن نتائج هذا اللقاء الذي لم يكن الأول منذ غلق المعبر منذ مارس الماضي.
ووصف مصطفى عبدالكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، الاجتماع بـ”المهم رغم الصعوبات”، موضحا أنه “كان مخصصا للنظر في النقاط الخلافية العالقة، حيث جرى طرحها وتبادل وجهات النظر وترحيلها في تقرير مفصل إلى السلطات العليا بالبلدين من أجل الحسم النهائي في انتظار المصادقة على الاتفاق الملزم بالفتح”.
وقال عبدالكبير، عبر صفحته على فيسبوك، إن “الجانب الليبي يريد العودة للتفتيش المشترك ومنع بعض البضائع والسيارات من التنقل بين البلدين وفق شروط خاصة”، وتابع أن هذا الأمر رفضه الطرف التونسي، وطالب بمواصلة العمل بنفس الإجراءات المعمول بها قبل غلق معبر رأس جدير في 18 مارس الماضي. وشدد الطرفان على ضرورة توحيد الرؤى من أجل استعادة المعبر حركته.
واستدرك عبدالكبير بقوله إن “الاجتماع كان مهما وتجاوز بعض النقاط المهمة، حيث سيتواصل التنسيق والتشاور من أجل إعادة فتحه في الأيام القادمة وسيكون للمسؤولين بالبلدين الدور المهم في ذلك”.
وسبق أن جرت مكالمة هاتفية بين الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، الجمعة الماضي جرى خلالها تجديد التأكيد على “الحرص المشترك على تذليل كل العقبات لإعادة فتح معبر رأس جدير وتوفير أفضل الظروف للمسافرين في الاتجاهين وتسهيل الحركة التجارية بين البلدين” وفق بيان للرئاسة التونسية.
وماطلت السلطات الليبية في فتح المعبر وقدمت الكثير من الأسباب التي تكمن وراء عرقلة مرور السلع بين البلدين، وهو الأمر الذي عده الكثير من المراقبين التونسيين ابتزازا مفضوحا لبلادهم، خصوصا في مرحلة تجاهد فيها تونس لتعديل ميزانها التجاري وما يتوفر لديها من سيولة، بعد رفضها لشروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بتوفير قرض.
وبرّرت حكومة الدبيبة إقفال المعبر في البداية بخلافات داخلية بين وزير الداخلية عماد الطرابلسي والأمازيغ الذين يسيطرون على المعبر ويتحكمون في مسار تهريب الوقود، لكن سرعان ما تبدّد الحديث عن تلك الخلافات ليحل محلها الحديث عن مشاورات تتعلق بالصيانة مع تونس لإعادة فتحه.
ولاحقا تحدثت تسريبات عن ابتزاز ليبي للحكومة التونسية، حيث اشترط الدبيبة فك التجميد عن الحسابات الليبية التي جمدها المصرف المركزي التونسي في 2016، بالإضافة إلى حسابات أخرى تم تجميدها مباشرة بعد سقوط نظام معمر القذافي، بالإضافة إلى موضوع تشابه الأسماء الليبية الذي تتمسك تونس بتوضيحه لحل مشكلة الداخلين إلى أراضيها.
وكان الدبيبة وضع ملف الأموال الليبية المجمدة في تونس في صدارة اهتماماته منذ توليه رسميا منصب رئيس الوزراء في مارس 2021، منتقدا قيام عدد كبير من الليبيين بتهريب أموالهم إلى تونس. وأصدر الدبيبة قرارا حمل رقم 110 لسنة 2021 بتشكيل لجنة لمتابعة إجراءات رفع القيود عن أموال وممتلكات الليبيين المصادرة في تونس.
وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان في تصريحات إذاعية الاثنين إن الاجتماع التونسي الليبي الذي جرى الأحد لم يتوصل الى نتائج ايجابية في علاقة بفتح المعبر، مبينا أن أسباب استمرار غلق المعبر مرتبط بمشاكل داخلية ليبية متعلقة بالجانب الأمني أساسا .
وأشار إلى أن هناك موقف سياسي ليبي من الوضع العام في علاقة بجملة من المشاكل التي تم تأجيلها وتتمسك طرابلس بفتحها، تتعلق بتشابه الأسماء والمساجين الليبيين في الأراضي التونسية، والأموال الليبية المجمدة في البنوك التونسية، والبوابات والاكتظاظ وغيرها .
وشدد عبدالكبير على أن هذه النقاط طرحت في كل الجلسات دون التوصل لاتفاق، مبينا أن الطرف التونسي يريد حصر المفاوضات في علاقة بفتح المعبر وعدم فتح ملفات أخرى.
وأشار إلى أن الجانب الليبي يتحدث عن منع دخول النساء التونسيات دون محرم، ومنع السيارات القديمة من الدخول، وتحديد قيمة الأموال التي يتم ادخالها إلى الأراضي الليبية ومنع بعض البضائع من الدخول، لافتا إلى أن هذه الاجراءات يطبقها الجانب الليبي على بقية الدول ويريد الآن أن يتعامل مع تونس مثل البقية وهذا مرفوض، وفق تعبيره.
وأفاد بأن الحديث الآن يتم عن التعامل مع تونس كبقية الدول، مؤكدا أن هذه الاجتماعات يجب أن تحمل قرارات حقيقية ومفاوضات جادة من أجل فتح المعبر.
وأكد أنه خلال الفترة الأخيرة هناك بعض التجاوزات حصلت من الجانب الليبي في علاقة بإهانة التونسيين وتمزيق وثائقهم الرسمية وهذه مسائل غير مقبولة ويجب ان يتم طرحها.
وشهد منفذ رأس جدير الحدودي في مارس الماضي، اشتباكات مسلحة في الجانب الليبي بين قوات وزارة الداخلية بحكومة الوحدة، ومسلحين من المنطقة الحدودية، ما دعا الوزارة لإعلان إغلاق المنفذ وهو القرار نفسه الذي أعلنته السلطات التونسية في اليوم نفسه.
وبالموازاة، قام محتجون بمدينة ذهيبة التونسية بإغلاق معبر وازن الحدودي مع ليبيا مساء السبت، ومنع المسافرين من العبور الى داخل البلاد دون أن تتضح الأسباب، وفق ما كشفت جريدة “تونس تيليغراف” المحلي.
ومنذ إغلاق معبر رأس أجدير في مارس الماضي، جرى تحويل حركة المسافرين وشاحنات التجار نحو معبر ذهيبة وازن متسببا في ضغط كبير ومدة انتظار طويل تستغرق عدة ساعات، حيث أفادت رقابة منفذ وازن البري، في بيان سابق لها أن المعبر شهد ازدحاما شديدا في الخروج والدخول، على الجانب الليبي وأن مدة الانتظار قد تجاوزت 15 ساعة.
العرب