روسيا تلقي المزيد من الثقل خلف القوات المسلحة السودانية

روسيا تلقي المزيد من الثقل خلف القوات المسلحة السودانية

الخرطوم- يعكس إلقاء روسيا للمزيد من الثقل خلف القوات المسلحة السودانية بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان تحولا في موقفها من الحرب السودانية، إذ تعمل موسكو على مواءمة موقفها بشكل أوثق مع موقف إيران.

وأكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف التحول التدريجي لموسكو في 29 أبريل خلال زيارة إلى بورتسودان.

وبمحافظتها على قنوات مفتوحة مع جميع الفرقاء في السودان تستغل روسيا الآن هذه القنوات لتعديل بوصلتها وفق ما يتماشى مع مصالحها طويلة الأمد.

ويقول الباحث المتخصص في القضايا الأمنية أندرو ماكجريجور في تقرير نشرته مؤسسة جيمس تاون إن دعم القوات المسلحة السودانية والمجلس العسكري الانتقالي، مع السيطرة على بورتسودان، يجعل السياسة الروسية متوافقة مع السياسة الإيرانية.

وقامت إيران بتزويد القوات المسلحة السودانية بطائرات دون طيار متطورة. ويساعد هذا التبديل أيضًا على قطع علاقة القوات المسلحة السودانية مع أوكرانيا، التي كانت تزود القوات المسلحة السودانية بطائرات دون طيار والقوات الخاصة بمساعدة الجنرال عبد الفتاح البرهان منذ صيف عام 2023.

وأكد بوغدانوف تحول الكرملين خلال زيارته التي استمرت يومين إلى بورتسودان. وقد عرض وفده العسكري الثقيل على السودان “مساعدة عسكرية نوعية غير مقيدة” بينما رفض التعاون العسكري السوداني مع أوكرانيا.

وأوضح بوغدانوف لاحقاً أن روسيا تعترف بالمجلس العسكري الانتقالي باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوداني. وكان المسؤول الروسي قد التقى قبل يومين بنائب رئيس الوزراء الإيراني علي باقري كاني في محاولة واضحة لمواءمة نهج الكرملين الجديد مع نهج طهران.

وزعمت بعض التقارير أن عناصر وحدة “تيمور” التابعة للمديرية الرئيسية للاستخبارات الأوكرانية ينشطون في السودان. وفي حين أن قائد الوحدة لم يؤكد أو ينفي وجودهم، فقد أعلن “أينما يوجد جنود أو ضباط أو أشخاص يعملون في الخدمات الخاصة للاتحاد الروسي، فإننا نلاحقهم”.

وأفادت مصادر أوكرانية عن عمليات استمرت لأشهر نفذتها القوات الخاصة الأوكرانية في السودان ضد “المرتزقة الروس وشركائهم الإرهابيين المحليين”.

وتشير المصادر إلى أنه خلال زيارة بوغدانوف في أبريل، تعهد السودان بالتخلي عن التعاون العسكري مع الأوكرانيين.

◄ روسيا تعمل على مواءمة موقفها من حرب السودان بشكل أوثق مع موقف إيران ما يخدم مصالحها طويلة الأمد

وفي الوقت نفسه، أصبح ميناء طبرق الليبي فعليًا قاعدة بحرية روسية.

وإذا امتلكت روسيا قواعد بحرية في كل من ليبيا والسودان، فستتاح لها الفرصة لإنشاء خطوط إمداد إلى الدول غير الساحلية في الداخل الأفريقي والتي تستضيف الآن وحدات من الفيلق الأفريقي التابع لموسكو.

وتحرص موسكو على تنفيذ اتفاق 2019 مع السودان لإنشاء قاعدة بحرية روسية على البحر الأحمر بالقرب من بورتسودان قادرة على استيعاب ما يصل إلى أربع سفن في وقت واحد، بما في ذلك تلك التي لديها محطة للطاقة النووية. لكن التقدم توقف بسبب الغياب المستمر للبرلمان أو أي هيئة تشريعية أخرى في السودان قادرة على التصديق على الاتفاقية.

وفي 25 مايو، أعلن ياسر العطا عضو مجلس السيادة ونائب قائد الجيش أن المجلس العسكري الانتقالي مستعد للموافقة على الصفقة، على الرغم من أن الميناء لم يعد يوصف بأنه قاعدة بحرية.

وقال إن “روسيا اقترحت التعاون العسكري من خلال مركز إمداد لوجستي، وليس قاعدة عسكرية كاملة، مقابل إمدادات عاجلة من الأسلحة والذخيرة”.

وبينما قال عطا إنه من المتوقع التوصل إلى اتفاق شراكة مع روسيا قريبا، أكد أن السودان منفتح على اتفاقيات مماثلة مع دول من بينها مصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وعرضت الرياض، التي تعارض الميناء الروسي، استثمارات أكبر في السودان إذا أسقطت الصفقة.

وأكد السفير السوداني لدى روسيا لموسكو أن السودان لن يتراجع عن التزامه ببناء قاعدة بحرية روسية. ومع ذلك، أكد بوغدانوف في 12 يونيو أنه بينما استمرت المناقشات حول الميناء “لا توجد اتفاقيات ثابتة في الوقت الحالي”.

ويشكك العديد من القادة المدنيين في السودان في حق المجلس العسكري الانتقالي والقوات المسلحة السودانية في تنفيذ اتفاق له آثار على السيادة. كما أنهم يخشون من أن وصول المساعدات العسكرية الروسية قد يؤدي فقط إلى إطالة أمد الصراع المدمر.

وربما يتطلع السودان إلى نموذج جيبوتي الربحي المتمثل في استضافة قواعد بحرية لمختلف البلدان.

ومؤخراً وصف جبريل إبراهيم، وزير المالية السوداني (وهو أيضاً زعيم حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور، والمتحالفة الآن مع القوات المسلحة السودانية)، المنشأة الروسية المقترحة بأنها “ليست قاعدة كبيرة، بل مركز خدمة للسفن الروسية للحصول على الإمدادات”.

وأضاف إبراهيم أن ساحل السودان على البحر الأحمر يمكن أن “يستوعب الجميع إذا أرادت الولايات المتحدة شراء ميناء مماثل”.

وربما يستخدم قادة المجلس العسكري الانتقالي في بورتسودان المفاوضات الموسعة مع الكرملين كوسيلة لتركيز الاهتمام الغربي على الصراع.

ويقول السودان بشكل روتيني إنه لا يمكن تجنب تعاونه مع روسيا وإيران دون الدعم الغربي. وبخلاف ذلك، فإن درجة التعاون العسكري بين السودان وروسيا ستعتمد إلى حد كبير على مدى سعي السياسيين والجنرالات في بورتسودان إلى الحصول على أسلحة روسية قد تغير قواعد اللعبة.

العرب