هاريس تتجنب لعبة اللون والعرق وترامب يقدم نفسه محافظا

هاريس تتجنب لعبة اللون والعرق وترامب يقدم نفسه محافظا

واشنطن- تسعى كامالا هاريس إلى صنع التاريخ كأول امرأة سوداء وجنوب آسيوية تتولى رئاسة الولايات المتحدة، لكنها تفادت إلى الآن التطرق إلى عرقها أو نوعها الاجتماعي خلال حملتها الانتخابية.

ورفضت المرشحة الديمقراطية (59 عاما) أن تنجرّ إلى جدل مع منافسها الجمهوري دونالد ترامب وحلفائه حين شككوا في هويتها العرقية وأدلوا بهجمات متحيزة جنسانيا.

وتركز هاريس بدلا من ذلك على الحماسة الكبيرة التي أحدثها حلولها مرشحة رئاسية مكان الرئيس جو بايدن، وعلى قضايا مثل تكلفة المعيشة التي ترى أنها تستقطب اهتمام الناخبين بشكل أكبر.

وبدا ذلك واضحا بشدة عندما ظهرت ومرشحها لمنصب نائب الرئيس تيم والز في أول مقابلة تجرى معهما عبر شبكة “سي إن إن” الخميس.

سُئلت هاريس عن صورة متداولة لحفيدة أختها وهي تشاهد خطابها في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو، انتشرت على نطاق واسع كرمز لكسر الحواجز العنصرية والجنسانية في البلاد.

لكن هاريس لم تقع في الفخ، وأجابت “أنا أترشح لأنني أعتقد أنني أفضل شخص للقيام بهذه المهمة في هذه اللحظة لجميع الأميركيين، بغض النظر عن العرق والجندر”.

واتهم ترامب خصوصا منافسته بأنها “أصبحت سوداء” لأسباب انتخابية. وعندما سُئلت هاريس، المولودة لأب جامايكي وأم هندية، عن هذا الأمر، رفضت الخوض في تفاصيل قائلةً إنها “القصة القديمة نفسها”، مضيفة وهي تضحك “السؤال التالي من فضلكم”.

وأجرت هاريس هذه المقابلة قبل عشرة أسابيع من الاستحقاق المقرر في الخامس من نوفمبر المقبل.

ويقول جيسي جيه هولاند، الأستاذ المساعد في الإعلام والشؤون العامة في جامعة جورج واشنطن، إن أحد أسباب هذه المقاربة التي تتبعها هاريس هو أن هجمات ترامب حتى الآن لا تلفت الانتباه إلا إلى مكانتها المستندة إلى سيرتها الذاتية، بدلا من الإضرار بها.

ويضيف لوكالة فرانس برس “لماذا يضيع المرء وقته الثمين في الحديث عن أشياء بينما يفعل خصمه ذلك نيابة عنه، وربما ليس بنجاح؟”.

كما تساعد هاريس حقيقة أنها معروفة بالفعل كأول نائبة رئيس سوداء وأنثى وجنوب آسيوية، حتى لو كان الناخبون ما زالوا في طور الاعتياد عليها كمرشحة رئاسية.

وتفاخر هاريس بأصولها، وأشادت بخطابها في المؤتمر الديمقراطي بوالدتها واصفة إياها بـ”امرأة سمراء لامعة يبلغ طولها خمسة أقدام علّمت أطفالها عدم الشكوى أبدا من الظلم، بل القيام بشيء حيال ذلك”.

ويرى هولاند أن ترشيحها للرئاسة أثار حماسة العديد من الناخبين الشباب والإناث والسود، ولكن هناك أيضا ناخبون قد ينفرون من رئيسة أنثى أو سوداء.

وفي الوقت نفسه، يعتقد الديمقراطيون أن قضايا مثل الاقتصاد والهجرة من المرجح أن تؤدي دورا أكبر في الانتخابات.

ودعمت نانسي بيلوسي – رئيسة مجلس النواب الديمقراطية السابقة والتي كان لها دور حاسم في دفع بايدن للخروج من السباق – إستراتيجية هاريس المتمثلة بعدم التركيز على العرق والنوع الاجتماعي.

وقالت بيلوسي في بودكاست إن تولي امرأة منصب الرئاسة “سيكون جيدا ولكنه ليس الأمر الرئيسي”.

وفي عام 2016، صدم الديمقراطيون بما حدث لهيلاري كلينتون. فقد جعلت من فوزها المحتمل كأول رئيسة في الولايات المتحدة جزءا أساسيا من حملتها عبر شعار “أنا معها”. لكنها خسرت بعد ذلك أمام ترامب في نتيجة صادمة.

ورأى زيشان عليم في تعليق عبر قناة “أم أس إن بي سي” أن هاريس “محقة في عدم جعل عرقها ونوعها الاجتماعي” محور حملتها الانتخابية، مشيرا إلى أن شعار كلينتون كان “خاطئا”، إذ “من المفترض أن يكون الرئيس معنا، وليس أن نكون معه”.

ولطالما تجنبت هاريس أيضا محاولات تصنيفها في حياتها المهنية كمدعية عامة ونائبة عامة في كاليفورنيا وعضو في مجلس الشيوخ.

وفي أي تفاعل إعلامي، تبدي هاريس غالبا شيئا من الحذر، وتقدم إجابات مدروسة قد يكون من الصعب تحديدها.

ولكن قد يكون لذلك قيمة سياسية مضافة، في ظل سعيها إلى منع الجمهوريين من وضعها ضمن تعريف محدد في حملة انتخابية شديدة السخونة.

في المقابل، سعى ترامب مساء الجمعة إلى حشد قاعدته حول موضوع الدفاع عن القيم العائلية بعدما وجد نفسه في مرمى الاستهداف بسبب موقفه من الحق في الإجهاض.

وحل الملياردير السبعيني ضيف شرف في واشنطن على التجمع السنوي لجمعية “أمهات من أجل الحرية” المحافظة القوية والتي تأسست عام 2021 وتنظم حملات خصوصا من أجل الدفاع عن حقوق الوالدين وتُعارض الحديث عن الهوية الجنسية أو التوجيه الجنسي في المدارس.

◄ هاريس معروفة كأول نائبة رئيس سوداء وأنثى وجنوب آسيوية، حتى لو كان الناخبون يعتادون عليها كمرشحة رئاسية

ويفاخر ترامب بأن تعيينه ثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا أتاح في يونيو 2022 إلغاء الضمانة الدستورية للحق في الإجهاض.

لكن في مواجهة الانتقادات المتكررة من الديمقراطيين، وتأييد غالبية الرأي العام الحق في الإجهاض، يحرص الرئيس السابق الآن على تقديم نفسه مدافعا عن “الحقوق الإنجابية”. فقد قال على شبكته الاجتماعية الخاصة “تروث سوشال” الأسبوع الماضي “ستكون إدارتي عظيمة بالنسبة إلى النساء وحقوقهن الإنجابية”.

وذكر ترامب الخميس أنه يؤيد سداد تكاليف التلقيح الاصطناعي حتى يتمكن الأميركيون من إنجاب “المزيد من الأطفال”، وهي قضية حساسة جدا وتتخذ طابعا سياسيا في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر. وأضاف أن مهلة الأسابيع الستة حاليا للإجهاض في ولاية فلوريدا التي يقيم فيها، “قصيرة جدا”.

وخلال تجمّع جمعية “أمهات من أجل الحرية” الجمعة، لم يتطرّق الرئيس السابق إلى مسألة الإجهاض.

واتهم ترامب مرارا منافسته الديمقراطية بالرغبة في “إعدام” أطفال.

وتعتبر قضية حماية الحق في الإجهاض محورية في المناظرة بين ترامب وهاريس التي تواصل التنديد بتقلب مواقف المرشح الجمهوري.

ويجد ترامب نفسه متهما من المحافظين بخيانة الحركة المناهضة للإجهاض من خلال تعديل موقفه بشأن هذا الموضوع الرئيسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وقالت ميني تيماراجو رئيسة منظمة “الحرية الإنجابية للجميع” خلال مؤتمر عبر الهاتف إن “معظم الأميركيين يؤيدون الحق في الإجهاض والتخصيب في المختبر وحبوب منع الحمل. لقد فهم هذا الأمر أخيرا، وسيفعل كل شيء لصرف الانتباه عن سجلّه السيء والمروّع في هذه القضية”.

العرب