الجديد في الرد الانتقامي الذي أصر”حزب الله” على القيام به ضد إسرائيل بعدما اتهمها باغتيال سمير القنطار انه لا يعبر فقط عن السياسة التي دأب الحزب على انتهاجها منذ انتهاء حرب تموز 2006 من خلال تبادل الضربات بينه وبين إسرائيل، بل هو أيضاَ مؤشر للتحفظ الإيراني عن التفاهم الروسي – الإسرائيلي الذي أمكن التوصل اليه عقب التدخل العسكري الروسي في سوريا. فقد أصبح واضحاً أن حادثة الاغتيال التي وقعت في مدينة دمشق، التي من المفترض أنها تحظى بحماية منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية المتطورة، لا يمكن أن تتم بالطريقة التي تمت فيها من دون تنسيق إسرائيلي – روسي يستند الى تفاهم عميق يأخذ في الاعتبار المصالح الأمنية الإسرائيلية الرامية الى منع “حزب الله” والإيرانيين بأي ثمن من بناء قاعدة عسكرية في هضبة الجولان السورية تستخدم منطلقاً لهجمات أو ردود انتقامية عليها.
من الواضح اليوم بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على التدخل العسكري الروسي أن التفاهم الذي تمّ التوصل اليه بين حكومة نتنياهو والرئيس الروسي بوتين، بدأ يتعارض مع مصالح إيران و”حزب الله”، ويشكل عقبة لا يستهان بها في وجه علاقات تقوم على الثقة المتبادلة بين القوتين الأساسيتين في هذا التحالف.
والواقع أن ليس هذا التفاهم وحده يشكل نقطة خلافية بين روسيا وإيران. فهناك نقاط خلافية أخرى مهمة تفرق بين الدولتين منها الموقف من المستقبل السياسي لبشار الأسد، ففي حين يرفض الإيرانيون طرح مصير الأسد على النقاش، يتخذ الروس موقفاً أكثر مرونة في نقاشاتهم مع الدول الأوروبية في شأن دور الأسد خلال المرحلة الانتقالية، واحتمال تنحيه في وقت مبكر.
ولا تقتصر الشكوك على الطرف الإيراني، فهناك أيضاً شكوك روسيا في التوجهات الإيرانية المستقبلية بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وتخوفها من أن يؤدي ذلك الى انفتاح إيران على دول الغرب، ونشوء تقارب إيراني- أميركي- غربي يأتي على حساب مصالح روسيا في المنطقة، خصوصاً أن أحد أهم اهداف التدخل العسكري الروسي في سوريا هو وضع حد للنفوذ الأميركي في المنطقة والذي قد يكون أكثر أهمية من محاربة “داعش”.
يعلق الإسرائيليون أهمية كبيرة على روسيا التي تربطهم بها علاقات جيدة. وهم يحاولون الدفاع عن حرية تحركهم العسكري ضد “حزب الله” من خلال التمسك بالتفاهم مع الروس. لكن السؤال، هل يعرض الروس تحالفهم مع إيران للخطر دفاعاً عن تفاهمهم مع إسرائيل؟
رندة حيدر
صحيفة النهار اللبنانية