أما في إيران، فقد عبّر الرئيس الإيراني حسن روحاني عن فخره بما اعتبره إنجازاً لحكومته ولوفده المفاوض الذي تولى هذه المهمة الصعبة. وقال في خطاب متلفز إن اتفاق بلاده النووي أثبت أن التعامل الدبلوماسي البنّاء هو السياسة الصحيحة والمناسبة لحل أكثر الملفات تعقيداً، مخاطباً من انتقد الاتفاق في الخارج وتخوّف من إلغاء العقوبات عن إيران، قائلاً إن بلاده لن تستخدم الاتفاق ضد أية جهة. وأشار روحاني إلى مكسب إيران الأول الذي تريد حصده من قرار إلغاء الحظر عنها، قائلاً إن البلاد جاهزة لفتح حوار مع الآخرين، بما يصب لصالح حلحلة الملفات الإقليمية، مؤكداً رغبة طهران بالتقارب مع كل الأطراف، على الرغم من انتقاده سياسة السعودية. روحاني، كما مسؤولون إيرانيون كثر، اعتبر أن طهران لم ترضخ للتهديد وللضغط والعقوبات، وها هي اليوم تعرض الاتفاق النووي أمام الداخل والخارج كقرار أممي لاقى موافقة المجتمع الدولي برمته.
كل هذا يجعل إيران تتحضّر للمرحلة المقبلة، التي يعدّ الاقتصاد على رأس ملفاتها، ومن كل التصريحات الرسمية يبدو واضحاً أن البلاد تسعى لتطوير قطاع الطاقة بالذات، فالنفط والغاز والصناعات البتروكمياوية مغرية كثيراً للمستثمرين الأجانب، كما أن عائدات هذا القطاع من جهة ثانية قد تنتشل الإيرانيين من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي أثقلت كاهلهم طيلة سنوات الحظر الفائتة.
وخلال حضور ظريف وروحاني، قال رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني، إن النظام في إيران اتخذ قراراً صائباً، حيث احتفظ بالتكنولوجيا النووية باعتراف الكل دولياً، وحصل على امتياز إلغاء العقوبات، مضيفاً في كلمته إن ما جرى ما هو إلا الخطوة الأولى، وعلى الكل بعدها العمل على ترميم وبناء اقتصاد البلاد.
من جهته، قال النائب نوذر شفيعي، إن مخالفي الاتفاق لا يستطيعون الوقوف بوجه تطبيقه بعد الآن، ووجّه جزءاً من حديثه الذي نشرته بعض المواقع الإيرانية لمنتقدي الخارج، واصفاً هؤلاء بأنهم تدخّلوا كثيراً لعرقلة المفاوضات النووية، معتبراً أنه لم يعد ممكناً منع طهران من الحصول على الامتيازات.
أما رئيس لجنة الأمن القومي علاء الدين بروجردي فأكد أن هذه اللجنة ستكون بالمرصاد للطرف الغربي، وستراقب تنفيذ التعهدات عن كثب، ولن تتوانى عن الرد على أي نقض، متوقعاً حصول المزيد من الضغوطات على إيران في ظل رفض اللوبي الصهيوني والمتشددين في الكونغرس الأميركي لحل المسائل مع بلاده، حسب رأيه.
وعلى الرغم من كل التفاؤل والإيجابية في تعاطي معظم المسؤولين الإيرانيين مع قرار إلغاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية للعقوبات، لكن يبدو الحذر واضحاً بين التصريحات، وقد نشرت بعض المواقع الإيرانية المحسوبة على المحافظين في وقت سابق تقارير تظهر التخوّف من فرض عقوبات أميركية جديدة لا ترتبط بالنووي، وهو ما حدث بالفعل مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية، عصر أمس الأحد، فرض عقوبات جديدة تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، مشيرة إلى أنها أدرجت خمسة مواطنين إيرانيين وشبكة من الشركات العاملة في الإمارات والصين على القائمة المالية الأميركية السوداء.
وعقب الإعلان الأممي الذي أكد رفع الحظر، عقدت اللجنة الشعبية الإيرانية للحفاظ على الحقوق النووية اجتماعاً استقبلته وكالة “فارس” المحسوبة على الطيف المتشدد، صدر عنه بيان يدعو لعدم تطبيق بنود الاتفاق على الطريقة الأميركية والحذر من خداع الغرب.
في الساحة الإعلامية الإيرانية وعلى الرغم من الترحيب بالتطورات، فإن عدداً من الخبراء دعوا لعدم التفاؤل كثيراً، والتعامل بواقعية مع المعطيات الحقيقية على الأرض ولا سيما تلك المتعلقة بالاقتصاد. أما فيما يتعلق بالتزامات إيران المتبقية، فبعد تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنفيذ البلاد لتعهداتها التقنية والفنية في المنشآت النووية، فهناك ملف آخر متعلق بتوقيع إيران على البروتوكول الإضافي من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. يذكر أن ظريف قال خلال إصدار بيان فيينا المشترك، إن بلاده ستلتزم بكل التعهدات وستدخل في البروتوكول الإضافي. ويبقى التوقيع على هذا البروتوكول أمراً طوعياً وليس إجبارياً، وهذا ما جاء في نص الاتفاق النووي المعلن عنه في يوليو/تموز الماضي، لكن الحكومة الإيرانية تحاول التوقيع عليه من باب حسن النوايا ومد جسر الثقة مع الغرب. إلا أن القرار النهائي يقع على عاتق البرلمان المحافظ حالياً.