ويرى متابعون أن توقيت الإعلان عن وجود القوات الروسية في سلمى يشير إلى أن روسيا عقدت العزم على تقسيم سوريا وإقامة الدولة العلوية في الساحل السوري، وهي تريد أن تفرض ذلك كأمر واقع على المتحاورين في مفاوضات سوريا المقررة في جنيف.
سلمى أكبر مدن جبل الأكراد وتتمتع بالإضافة إلى رمزيتها بموقع إستراتيجي مهم، فهي محور الجبل وتشرف على الكثير من قراه، إضافة إلى كونها منطقة محمية طبيعيا حيث تفصلها عن مواقع قوات المعارضة أودية عميقة يصعب احتيازها.
توسيع السيطرة
ويقول أبو الهدى الكردي، وهو قائد ميداني في الفرقة الأولى الساحلية المعارضة، إن روسيا تعمل مع النظام الآن على بسط السيطرة على كافة القرى والتلال القريبة من سلمى لإبعاد خطر مقاتلي المعارضة عنها، وقد دخلت ليلة الأحد إلى قرية دويركة المقابلة لسلمى من جهة الشرق.
ولم يستبعد الكردي أن تتمدد قوات النظام والمليشيات الداعمة لها إلى مناطق جديدة لتتمركز فيها وتتولى حماية القوات الروسية في سلمى التي لم تشارك فعليا في المعارك.
وأوضح أن المشاركة الروسية اقتصرت حتى اللحظة على القصف الجوي والبحري والإشراف من غرف العمليات على قيادة معارك النظام ضد المعارضة في المنطقة.
وكانت قوات النظام قد سيطرت على مدينة سلمى منتصف الشهر الحالي بعد أن أحكمت الحصار عليها من عدة جهات وباغتت قوات المعارضة فيها من أكثر من محور وأرغمتها على الانسحاب منها، وفشلت معركة “رص الصفوف” التي أطلقتها المعارضة في الاقتراب من سلمى بسبب تكثيف الطيران الروسي قصفه لها بالصواريخ العنقودية والفراغية.
ويرى الخبير العسكري المقدم محمد حمادو أن روسيا تسعى لإقامة قاعدة عسكرية لها في مدينة سلمى من أجل ترسيخ هيمنتها العسكرية -بعد السياسية- على الساحل السوري، وأكد أنها ستستمر في دعم قوات النظام حتى تستولي على كافة المناطق الواقعة غرب نهر العاصي تمهيدا لإقامة ما أسماه الكانتون العلوي.
ويرى حمادو في حديثه للجزيرة نت أن هدف روسيا من إقامة هذا الكانتون “حماية استثماراتها النفطية التي وقعت اتفاقاتها مع النظام في المياه الإقليمية والتي ستبدأ بالعمل فيها قريبا بعد وصول معدات التنقيب إلى السواحل السورية”.
وأكد أن إفشال المخطط ممكن إذا ما توحدت فصائل المعارضة في ريف اللاذقية مع المؤازرات التي وصلتها مؤخرا في غرفة عمليات واحدة، على أن يتم تزويدها بالعتاد الحربي الثقيل وفي مقدمته السلاح المضاد للطيران.
حماية النظام
وفي السياق يرى المنسق العام لتجمع العمل الوطني التابع للمعارضة محيي الدين بنانة أن “العدوان الروسي في سوريا لم يأت تحت ذريعة مقاتلة الإرهاب كما تدعي موسكو، بل جاء لتحقيق المصالح الروسية التي تتوافق مع وجود بشار الأسد في الحكم”.
ووصف بنانة وجود القوات الروسية في مدينة سلمى بأنه احتلال مباشر يهدف لتحقيق عدة غايات منها حماية مناطق انتشار النظام ولا سيما مسقط رأسه في القرداحة، والقضاء على دور تركيا في المنطقة باعتبار سلمى قريبة من حدودها.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن روسيا تسعى لتحقيق انتصارات على الأرض لتقوية موقف النظام التفاوضي في جنيف، ودعا المعارضة إلى عدم الذهاب إلى التفاوض في هذه المرحلة والتفرغ لدعم المقاتلين على الأرض بالتنسيق مع السعودية وتركيا.
وكانت روسيا قد أقامت قاعدة جوية لها في مطار حميميم في اللاذقية قبل ثلاثة أشهر، إضافة إلى امتلاكها قاعدة بحرية قديمة في مرفأ طرطوس.
عمر أبو خليل
الجزيرة نت