تقوم وزارة الدفاع الأميركية هذه الأيام بتصعيد عمليات جمع المعلومات الاستخبارية في ليبيا، في حين تقوم إدارة الرئيس أوباما برسم الخطط لفتح جبهة ثالثة في الحرب ضد مجموعة “الدولة الإسلامية”. ويتم التخطيط لهذا التصعيد المهم من دون إجراء نقاش يعتد به في الكونغرس الأميركي حول فوائد ومخاطر إطلاق حملة من المتوقع أن تشمل ضربات وغارات جوية تشنها قوات النخبة الأميركية.
يتسبب ذلك بالكثير من القلق العميق. فسوف يشكل تدخل عسكري جديد في ليبيا تطوراً كبيراً في حرب يمكن أن تمتد بسهولة إلى بلدان أخرى في القارة. ويتم التخطيط لذلك بينما يغرق الجيش الأميركي أعمق في ميادين المعارك في سورية والعراق؛ حيث طُلب إلى القوات البرية الأميركية أن تلعب دوراً أكثر مباشرة في القتال هناك.
في حديث له للصحفيين يوم الجمعة الماضي، قال الجنرال جوزيف دانفورد الابن، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، إن ضباط الجيش كانوا “يبحثون خيار القيام بعمل عسكري حاسم” ضد مجموعة “الدولة الإسلامية” في ليبيا؛ حيث يقدر مسؤولون غربيون أن لدى المجموعة الإرهابية نحو 3.000 مقاتل.
ويقول مسؤولون في الإدارة الأميركية إن الحملة في ليبيا يمكن أن تبدأ في غضون أسابيع. ويتوقعون أنها ستجري بمساعدة عدد قليل من الحلفاء الأوروبيين، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وإيطاليا. وتتكشف هذه الخطط وسط الفوضى السياسية التي تتواصل في ليبيا في أعقاب الحرب الأهلية التي بدأت في 2011، وانتهت بمقتل الديكتاتور الذي حكم البلد لفترة طويلة، العقيد معمر القذافي. وفي الأشهر الأخيرة، ناضلت الأمم المتحدة من أجل إقناع مجموعتين من المسؤولين الليبيين الذين يدعون أنهم القادة الشرعيون للبلاد بالاجتماع معاً. ويوم الاثنين، رفض البرلمان المعترف به من المجتمع الدولي اقتراحاً بتشكيل حكومة وحدة وطنية بوساطة من الأمم المتحدة.
خلق الصراع السياسي والاقتتال المتواصل بين الميليشيات المتناحرة فرصة أمام مجموعة “الدولة الإسلامية” للتواجد في ليبيا في العام 2014. وتسيطر المجموعة المتطرفة الآن على المدينة الساحلية، سرت، التي تقع بين أكبر مدينتين في البلاد، طرابلس وبنغازي. وقال الجنرال دانفورد للصحفيين إن من شأن ضرب خلايا مقاتلي “الدولة الإسلامية” في ليبيا أن “يضع جدار حماية” بين هذه الجبهة وبين المتعاطفين مع المجموعة في أماكن أخرى في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الأفريقية.
وهذا هدف معقول. لكنه ما يزال على المسؤولين العسكريين تقديم حجة مقنعة على أنه ممكن التحقيق. وحتى لو تمكنت وزارة الدفاع الأميركية وحلفاؤها من ضرب أهداف “الدولة الإسلامية” بنجاح، فإنه يبقى من غير المؤكد ما إذا كانوا سيتوافرون على قوة برية موثوقة يمكنها الاحتفاظ بالأرض. وهناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الضربات الجوية يمكن أن تخلق إغراء بنشر قوات برية لتقوم بجمع المعلومات الاستخبارية وتقديم الدعم التقني لقوات الثوار، كما سبق وأن فعلت في العراق وسورية.
في اليوم نفسه الذي ناقش فيه دانفورد خطط ليبيا، قال وزير الدفاع، أشتون كارتر، إن وزارة الدفاع الأميركية هي بصدد مضاعفة الجهود الرامية إلى مساعدة القوات المحلية في العراق وسورية. وقال آشتون في مقابلة مع محطة (أس. آن. بي. سي): “نحن نبحث عن فرص لبذل المزيد من الجهد، وستكون هناك قوات برية على الأرض -وأريد أن أكون واضحاً بهذا الخصوص- ولكن السؤال الاستراتيجي هو ما إذا كنت ستقوم بتمكين القوات المحلية بحيث تستطيع الاستيلاء على الأرض والاحتفاظ بها، بدلاً من محاولتك الحلول محلها”.
يبدو أن هناك القليل من الاهتمام في الكونغرس بمنح تفويض للحملة ضد مجموعة “الدولة الإسلامية”، والتي تستند، بغرابة، إلى قانون تم تمريره في العام 2001 بهدف اتخاذ إجراءات ضد الجناة في هجمات 11 أيلول (سبتمبر). ويجب أن يحفز احتمال فتح جبهة جديدة في الحرب المشرعين على إعادة النظر في هذه القضية.
لكن البيت البيت الأبيض قال إنه سيكون لطيفاً، وإنما ليس ضرورياً، أن يقوم الكونغجرس بتمرير تفويض جديد باستخدام القوة العسكرية. وقد سمح هذا الموقف للكونغرس -الذي يتحمل المسؤولية الأساسية عن إعلان الحرب بموجب الدستور- بتجنب إجراء تصويت مهم حول شأن يتعلق بالحرب.
علاء الدين أبو زينة
صحيفة الغد الأردنية