وسط تصريحات متضاربة بشأن تمكن تنظيم الدولة الإسلامية من فك الحصار جزئياً عن قضاء الفلوجة (40 كلم شرق الرمادي) مركز محافظة الأنبار، تسعى قيادة العمليات المشتركة إلى فتح ممرات آمنة تتيح خروج العوائل المحاصرة تمهيدا لتحرير القضاء الذي يعد أهم معاقل التنظيم في المحافظة الواقعة غرب العاصمة بغداد.
وسبق للتنظيم أن شن الأربعاء “هجمات انتحارية” للسيطرة على المجمع السكني في ناحية البغدادي التابعة لقضاء هيت (70 كلم غرب بغداد).
وقد تمكنت القوات الأمنية من صد الهجوم الذي أسفر عن مقتل مدير شرطة ناحية البغدادي واثنين من كبار الضباط وإصابة عدد من العناصر.
وفي سؤال عن إمكانية التنظيم مواصلة السيطرة على الأرض بعد ما تردد أنه سيطر على معبر الشيحة (شمال الفلوجة)، قال الخبير في الجماعات المسلحة هشام الهاشمي إنه “رغم إمكانية التنظيم القيام بعمليات اقتحام انتحارية تستهدف بعض الثكنات العسكرية فإنه لن يستطيع السيطرة على الأرض لمدة طويلة بسبب الحصار المفروض عليه والضربات الجوية التي يتلقاها بشكل مكثف”.
ويعد معبر الشيحة -قبل أن تتمكن القوات الأمنية من تطهيره العام الماضي- من أهم المعابر التي يعتمد عليها التنظيم في نقل عناصره وإمداداته من منطقة الثرثار والمناطق الأخرى، وصولاً إلى مدينة الفلوجةومن ثم إلى مناطق الأنبار الأخرى.
وحول إصرار التنظيم على تنفيذ الهجمات، قال الهاشمي إن “التنظيم يدرك جيداً أنه خسر جبهةالعراق، وهو يستعد لمعركة عنيفة في غرب الأنبار ونينوى (شمال بغداد)”.
وأضاف أن الخطة تتضمن -بحسب التوصيات الأميركية- إحكام الحصار على الفلوجة تمهيدا لتحرير هيت وفك الحصار عن حديثة والذهاب باتجاه جنوب نينوى.
عمليات عسكرية
من جانبه أشار المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة يحيى الزبيدي إلى عدم توفر معلومات دقيقة بشأن سيطرة التنظيم على معبر الشيحة، لكنه أكد أن العمليات العسكرية وتضييق الخناق مستمران على المناطق التي يسيطر عليها التنظيم تمهيداً لتحرير الأراضي المغتصبة، بحسب وصفه.
أما المحلل الأمني أحمد الشريفي فيرى أن تنظيم الدولة لا يزال يمتلك القدرة على المناورة والتعرض للقوات الأمنية في الأنبار، معللاً ذلك بتوفر الدعم اللوجستي الذي أتاح له تطوير قدراته كثيراً، الأمر الذي يثير المخاوف والقلق.
وعن كيفية وصول الدعم إلى المناطق المحاصرة، قال الشريفي إن هذا الدعم يصل من المناطق التي تمثل ملاذات التنظيم وليس من المدن المحاصرة.
وطالب بضرورة تهيئة القطاعات الأمنية والارتقاء بالجهود المساندة سيما الضربات الجوية للحد من عملياته، مشيراً إلى أن وصول الفرقة الأميركية المجولقة (101) سيقلب موازين القوى في المحافظة عبر تنفيذ عمليات على طول الحدود الرابطة بين العراق وسوريا.
وكانت السفارة الأميركية في بغداد قد بينت يوم 21 يناير/كانون الثاني الجاري أن الأسابيع المقبلة ستشهد استبدال الفرقة 82 المحمولة جوا بنظيرتها 101 للقيام بالمهام نفسها المتعلقة بتقديم المشورة والتدريب، في إطار إجراءات المناوبة الدورية من خلال التشاور والتنسيق مع الحكومة العراقية.
من جهته قلل الخبير العسكري عبد الكريم خلف من أهمية سيطرة تنظيم الدولة على معبر الشيحة.
وقال إنه لا توجد أهمية للمنطقة من الناحية التعبوية، خاصة أن المناطق التي تقع خلفها محاصرة من قبل القوات الأمنية وعناصر الحشد الشعبي.
أزمة إنسانية
وكشف شاهد عيان من داخل مدينة الفلوجة -رفض كشف اسمه- أن المدينة ستكون مضايا ثانية إذا استمر الحصار لفترة أطول.
وقال “نعيش كارثة إنسانية حقيقية ستسفر عن هلاك العشرات بسبب الجوع والمرض”، وأضاف أن العوائل باتت تستخدم مادة “الدخن” التي تعتبر طعاماً للطيور لصنع الخبر بعد نفاد الطحين من المدينة، حسب تعبيره.
وتابع “لا نعلم ما سيحل بنا فالقصف مستمر والحصار خانق سواءً من قبل القوات الأمنية أو عناصر التنظيم الذي بات يتعامل معنا بحذر بسبب تذمر العوائل”.
وكانت قيادة العمليات المشتركة قد نفت الخميس أنباء تحدثت عن محاصرة أهالي قضاء الفلوجة ومنع الماء والغذاء عنهم، مؤكدة وجود منافذ مؤمنة من وإلى القضاء لضمان استمرار نقل الغذاء وحركة المواطنين.
وأشار فالح العيساوي نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار إلى أن الوضع الإنساني في مدينة الفلوجة سيئ للغاية بسبب محاصرتها منذ أكثر من شهرين.
وأوضح أنه كانت هناك منافذ باتجاه مدينة الرمادي تؤمن المواد الغذائية والطبية للعوائل المحاصرة هناك، لافتا إلى أن تحرير الرمادي أدى إلى انقطاع المؤن عنها بشكل كامل.
وقال إن العمل يجري مع العمليات المشتركة من أجل تأمين ممرات آمنة لخروج أكثر من عشرة آلاف عائلة محاصرة داخل القضاء.
أميمة يونس
الجزيرة نت