لو اتفقت روسيا والولايات المتحدة الأميركية على حل سياسي لإنهاء الحرب الدائرة في سوريا، هل تملك إيران القدرة على إعاقة ذلك الاتفاق، أو على الأقل الإبطاء في تنفيذه؟
صار معروفا أن إيران تساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الحرب إلى جانب النظام السوري. جنرالاتها المخضرمون حاضرون هناك، بل وقُتل عدد منهم. مخازن أسلحتها مفتوحة للفتك بالشعب السوري. هناك أيضا أفواج من الحرس الثوري التي تحمي دمشق. هذا من جهة ومن جهة آخرى فقد استعان النظام الإيراني بالميليشيات التابعة له، لبنانية وأفغانية وعراقية لتقاتل بذريعة حماية الأماكن المقدسة لدى الشيعة.
إيران تقاتل في سوريا دفاعا عن مصالحها. وهي مصالح تمتد إلى لبنان، حيث يشكل حزب الله هناك قبضتها الضاربة. هذا مفهوم. وما هو مفهوم أيضا أن إيران قد استغلت النظام السوري لتعزز وجودها في العراق وسوريا ولبنان.
ولكن ذلك كله لا يعني أن إيران قد تحولت إلى لاعب أساسي في الحرب السورية.
لا تملك إيران سلطة اتخاذ القرار المصيري الذي يدفع في اتجاه التهدئة مثلا. لا يزال في إمكان النظام السوري أن يحسم الأمور التي تؤدي إلى ذلك المنحى.
جغرافيا فإن المنطقة التي تحارب فيها إيران وعملاؤها صغيرة إلى درجة أنها لا يمكن أن تقارن بالمناطق التي يسيطر عليها المتطرفون من أعداء النظام.
فلمَ يلتفت العالم إلى إيران كلما حان موعد الحل السياسي للحرب السورية؟
أقدّر مشاعر المعارضين السوريين وهم يجدون في التدخل الإيراني جريمة بحق بلادهم. لذلك يبالغون في تضخيم الدور الإيراني من أجل إثارة اهتمام العالم. ولكنني لا أفهم الأسباب التي تدعو الولايات المتحدة وروسيا إلى النظر إلى إيران، باعتبارها دولة فاعلة في الأزمة السورية.
أما كان الأجدى مثلا الالتفات إلى قطر باعتبارها الدولة الراعية للجماعات المسلحة التي تحتل الجزء الأكبر من سوريا؟ سؤال أضعه على طاولة المفاوضات السورية التي ترعاها القوى الكبرى في العالم.
لمَ تغمض المعارضة السورية عينيها عن قطر، الدولة التي رعت وموّلت أطرافا من المعارضة السورية، وروّجت لها في المحافل الدولية وهناك أنفاق سرية مفتوحة على أكثر التنظيمات المسلحة غموضا؟
كانت قطر حاضرة في عمليات تبادل الأسرى بين النظام السوري وإيران من جهة، والجماعات المسلحة من جهة أخرى. وهو ما يعني أنها تضع يدها على الخرائط التنظيمية لتلك الجماعات.
في مقابل تلك الذخيرة ما الذي تملكه إيران لتكون لاعبا رئيسا كما يشاع؟
إذا ما أقرت الهدنة تمهيدا للمفاوضات المتعلقة بإقامة حكومة “شراكة” لن يكون لإيران دور تلعبه. فلا هي تملك القدرة على تعطيل العمل بالاتفاق، ولا حزب الله الذي هو ذراعها الضاربة سيجرؤ على خرق تلك الهدنة.
المشكلة الجوهرية التي ستظل عصيّة على الحل تكمن في موقف الجماعات المسلحة التي استبعدت من المفاوضات من الاتفاق. وهو موقف سيكون سلبيا كما هو متوقع.
حينها لا بد من الاستنجاد بقطر.
لا أعتقد أن هناك أي نوع من الحرج الأخلاقي سيقف بين قطر وبين العودة إلى الساحة السورية من باب حاجة المجتمع الدولي إلى التخلص من عار المنظمات الإرهابية المسلحة التي تسيطر على الجزء الأكبر من التراب السوري.
بناء على ذلك فإن العالم إذن سيكون في حاجة إلى قطر. فما حاجته إلى إيران؟
من وجهة نظري فإن تضخيم الدور الإيراني في المسألة السورية يهدف إلى ابتزاز العرب، أكثر مما يعبّر عن الإيمان بحقيقة الدور الإيراني.
من شأن إيران أن تصدق الكذبة التي تسعى أطراف دولية إلى تمريرها. لكن أن تصدق أطراف عربية لها خبرة لا يستهان بها بلعبة السياسة تلك الكذبة، هو ما يدعو إلى الاستغراب.
فاروق يوسف
نقلا عن العرب اللندنية