الحرب اليمنية: القوى السلفية تقلب الاصطفافات الجنوبية

الحرب اليمنية: القوى السلفية تقلب الاصطفافات الجنوبية

20162493510185734_8

ملخص:
غيَّرت الاحداث العنيفة التي يشهدها اليمن ملامح الوضع فيه بشكل كبير، وحين الاتجاه جنوبًا يتضح كيف أن الاجتياح المسلح من قِبل قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح غيَّر خارطة القوى والأوضاع بشكل كبير هناك.

إن صعود قوى وفاعلين جنوبيين جدد، وانفتاح المشهد بشكل غير مسبوق على أدوار للاعبين إقليميين مثل السعودية والإمارات، علاوة على التعقيدات الأمنية الواسعة وحضور الجماعات المتطرفة، كلها متغيرات كبيرة أعقبت اندلاع هذه الحرب في جنوب اليمن وتحرير معظم المحافظات فيه، وكل ذلك يضع مآلات الوضع هناك قيد تشكُّل حثيث سيغيِّر من الوجهة التي سينتهي لها اليمن.

هذه الورقة تتعرف إذن على هذه التعقيدات في جنوب اليمن، مفسحة المجال لتفحُّص وضع القوى الجنوبية التقليدية ممثلة بالحراك، وتداعيات الحرب عليها، وما الذي سينتج عن الفراغ الأمني وتغيير أوزان القوى في ظل صعود فاعلين جدد، وتداعيات ذلك أيضًا على المستقبل السياسي لمطالب الحراك التقليدية بإعادة صياغة علاقة الشمال والجنوب.

المقدمة

يحتل تطور الأحداث في جنوب اليمن موقعًا مركزيًّا لأية محاولة فهم للمسارات التي سينتهي لها مستقبل اليمن بأكمله، خصوصًا وأن صياغة سيناريوهات واضحة لهذا المستقبل تبدو عملية صعبة في ظل الحرب التي تتحكم في المشهد بكامله حاليًّا، والتي تنشِّطها مُحركات إقليمية وعوامل انقسام محلية بدون وضوح للمآل الذي ستنتهي إليه.

يحتاج فهم مستقبل جنوب اليمن الالتفات إلى عدَّة وقائع، من بينها الحراك السياسي والشعبي المبكر في جنوب اليمن حتى قبل اندلاع أحداث الربيع العربي التي وصلت البلد عام 2011، وشكَّلت العنوان الأبرز في التحديات العميقة التي تهدِّد الكيان اليمني، وكذلك النتائج المترتبة على حرب الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق صالح في الجنوب، وهو أمر لا تزال تفاعلاته نشطة وغير واضحة النتائج نسبيًّا، خصوصًا انعكاس التطورات السياسية والميدانية على مصير قوى الحراك الجنوبي، وعلاقتها مع القوى التي صعدت في الجنوب نتيجة تداعيات القتال، والعلاقة بين هذه القوى فيما بينها، إضافة إلى كيف ستؤثر هذه التداعيات على مطالب القوى الجنوبية بإعادة صياغة العلاقة مع الشمال سواء بالفيدرالية أو الانفصال.

إن هذا التحليل سيحاول استكشاف الظروف الحالية في جنوب اليمن، ضمن تحليل يركِّز على صعود الفاعلين الجدد فيه، وكيف يبدو وضع القوى الجنوبية التقليدية ممثَّلة بفصائل الحراك المختلفة، وما الذي سيترتب على انكشاف الجنوب الأمني بسبب الحرب، والتدخل غير المسبوق في شؤونه من دول الجوار الإقليمي خصوصًا السعودية والإمارات ذات الدور المركزي حاليًّا في تقرير مستقبل اليمن كله.

الحرب وتعقيدات المشهد الجنوبي

أدَّى الاجتياح المسلح لعدن وعدد من المحافظات الجنوبية من قبل ميليشيات جماعة الحوثي والقوات التابعة لصالح إلى تغييرات كبيرة في المشهد الجنوبي، فعلاوة على كونه أضاف المزيد من التعقيدات للوضع المتأزم بالأساس بسبب فشل المرحلة الانتقالية في تسوية القضية الجنوبية؛ فقد غيَّر بشكل جذري المشهد السياسي وأوزان القوى في الجغرافيا الجنوبية، كما أنه قام بإسدال الستار على مرحلة انحصر فيها التمثيل السياسي في قوى الحراك الجنوبي بفصائلها الثلاث المحسوبة على كلٍّ من الرئيس الأسبق، على سالم البيض، والزعيم الجنوبي، حسن باعوم، إضافة إلى الفصيل المحسوب على كلٍّ من الرئيس الأسبق، علي ناصر محمد، ورئيس الوزراء، حيدر أبي بكر العطاس.

بالتأكيد، لقد شهد هذا التمثيل تنازعًا وانقسامًا سبق الحرب الحالية وذلك على خلفية الانقسامات التي شهدها الحراك بشأن المشاركة في الحوار الوطني الشامل، ونشوء حراك مسيطَر عليه من الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي في الفترة الانتقالية، شارك في عملية الحوار وشهد هو ذاته لاحقًا انقسامات متعددة فيه.

تغييرات القوى في الجنوب

لقد أدت العمليات القتالية التي شهدتها عدن والضالع وأبين ولحج وشبوة بفعل المعارك الواسعة التي استمرت فيها بعد اجتياحها عسكريًّا، وسقوط المكلا وأجزاء واسعة من حضرموت بيد تنظيم القاعدة، إلى تغييرات عميقة في أوازن القوى الجنوبية. فقد لعبت الهوية الطائفية ضمنيًّا في الصراع مع جماعة الحوثي إلى ترجيح تعريف إضافي للقتال يتعدى الدفاع عن الجنوب واستقلاله ضد قوى شمالية، يشدِّد على الهوية السُّنِّية ضدَّ الشيعة (الروافض في التعريف السلفي لهم)، وهو ما استتبع صعودًا للقوى الإسلامية وخصوصًا السلفية في الجنوب.

لقد شكَّلت الجماعات السلفية القوام الأساسي للقوى التي انخرطت في المعركة ضد جماعة الحوثي خصوصًا في مدينة عدن، ولقد أدَّى ما اتسمت به من التزام عقائدي وحماسة وانضباط تنظيمي إلى أن تصبح القوى الأكثر استقطابًا للمقاتلين والدعم. وقد شكَّلت أجندة القوى السلفية ذات الطابع الديني والملتزمة بشكل صارم بقتال الحوثيين دافعًا لالتفات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات نحوها، فهي من ناحية تعد بديلًا عن جماعة الإخوان المسلمين (حزب التجمع اليمني للإصلاح) التي تثير حساسية شديدة خصوصًا لدولة الإمارات، وليست لديها مطالب سياسية جامحة من قبيل فكِّ الارتباط مثل فصائل الحراك الجنوبي (1)، وهو أمر ليس ضمن أولويات التحالف أو ضمن دائرة اهتمامه على الأقل ضمن فترة القتال المستعر حاليًّا مع الحوثيين. كل ذلك جعل من الجماعات الإسلامية السلفية في الجنوب الحصان المأمول الذي انعقدت عليه الرهانات خلال فترة القتال ضد الحوثيين وحليفهم صالح، وسيمكِّنها دورها من حصاد نتائج سياسية في الفترة المقبلة.

تداعيات على الحراك الجنوبي

وعلى الرغم من أن الصوت العالي للحراك ظل هو المهيمن جنوبًا لفترة طويله، فقد كان واضحًا وجود تعقيدات مختلفة أثَّرت على حضور فصائله المختلفة في المشهد خلال الفترة الأخيرة؛ حيث اتسمت العلاقات السابقة بين بعض فصائل الحراك وجماعة الحوثيين بعدد من علامات الاستفهام حول موقفها من اجتياح الحوثيين؛ فالفصيل الذي يقوده الزعيم الجنوبي، حسن باعوم، كان متحفظًا في الإعلان عن موقف، بينما أثارت تصريحات الرئيس الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، بخصوص المعركة في عدن والتي بدت متفهِّمة لما يدَّعيه الحوثيون من كون قتالهم في الجنوب يستهدف الجماعات الإرهابية، الكثيرَ من اللغط (2)، ليضاف إليهما اللبس في البداية في موقف الرئيس السابق علي سالم البيض المعروف بارتباطه الوثيق بإيران وحزب الله وهما الحليفان الإقليميان الأهم للحوثيين (3)، قبل أن يذهب البيض في زيارة مفاجئة للسعودية قبل مؤتمر الرياض لتوضيح موقفه.

إضافة لذلك، فإن الصراع والتنافس القديم والمستمر الذي وسم علاقة القوى والقيادات الحراكية ببعضها، أدَّى إلى عدم إنضاج كيان موحَّد يأخذ بزمام المبادرة ميدانيًّا وسياسيًّا في مواجهة الحوثيين وصالح، فأدَّى ذلك ضمنًا إلى تشرذم جمهور الحراك وانضمام المقاتلين المتحمسين إلى القوى الجاهزة في الميدان مثل السلفيين الذين استطاعوا استيعابهم ضمن كيان فضفاض اسمه المقاومة الجنوبية يتصدر قيادته مشايخ سلفيون مثل الشيخ هاشم السيد، وهو الكيان الذي يتحرك في إطاره السلفيون في مواجهة الحوثيين خارج الحدود الشطرية السابقة بين الشمال والجنوب، وهو ما يمنحهم أفضلية ملموسة لدى دول التحالف العربي، وذلك لكونهم قوة متحررة من تحفظات قوى الحراك التقليدية حول مشاركة مقاتلين جنوبيين في الحرب على الحوثيين في الشمال، وخصوصًا في معارك تعز وباب المندب.

دوافع متعددة للقتال

في معظم المحافظات الجنوبية كانت مُحركات القتال ضد الحوثيين متعددة، تراجع فيها نسبيًّا دافع “الهوية الجنوبية” أو الدعوات الحراكية لتصنيف المعركة في مواجهة الشمال، لصالح الدافع المذهبي، كما عبَّر عنه السلفيون والجماعات الإسلامية المختلفة بما فيها القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، والعصبية القبلية خصوصًا في مناطق العوالق في محافظة شبوة، ومناطق الصبيحة في محافظة لحج، وحتى في معظم محافظة الضالع التي حضر فيها الحراك بشكل واضح لكن كانت العصبية القبلية ذات دور حاسم في الحشد والدفع للقتال. هذا الدور القبلي في إطار القتال سيضمن صعود قيادات من الوسط القبلي الجنوبي ضمن الأدوار السياسية القادمة، ولا يُتوقَّع كثيرًا أن ترغب هذه القيادات “المشيخية” بأن تظل ضمن صيغة الحراك الجنوبي السابقة، بل سيكون حضورها في شكل مستقل حتى لو تقاطعت مع الحراك في شعاراته السياسية ولكن مع احتفاظها بمسافة من خيارات قياداته القديمة وبما يلبِّي مصالحها مباشرة. ويشكِّل حلف قبائل حضرموت نموذجًا لافتًا للخيارات القبلية الصاعدة في الجنوب، فهو وإن تشكَّل قبل الحرب الأخيرة، إلا أنه أحد المستفيدين من تفكك قبضة الحراك الجنوبي على التمثيل السياسي في الجنوب -وارتخاء سلطة الدولة أيضًا- خلال المرحلة الانتقالية وخلال الوضع الذي نشأ في الحرب الأخيرة، وهو يعطي الأولوية بشكل جلي لمصالح القبائل المنضوية في إطاره قبل أي شيء آخر، وذلك في علاقته بكل القوى والأطراف المحلية والإقليمية.

فاعلون متعددون في تغيير الخارطة الجنوبية

إن المشهد الذي انتهى له الجنوب بعد تحرير معظم محافظاته من قوات الحوثيين وصالح ما زال سائلًا وغير مستقر؛ حيث تحدِّد ملامحه أطراف متعددة يأتي على رأسها التحالف العربي بقيادة كلٍّ من السعودية والإمارات، حيث يتعدى دور الأخيرتين الدعم العسكري للسلطة الشرعية وطرد الحوثيين من مناطق الجنوب فقط، لتصبح العلاقة معهما حاكمة في ترجيح الحضور السياسي لأية قوة في المشهد القادم جنوب اليمن، ولذلك كان كسب ثقة كل من أبو ظبي والرياض يشكِّل المسعى الأساسي لقيادات جنوبية مختلفة سواء التاريخية منها أو تلك التي برزت نتيجة القتال. وعلى الرغم من أن تقديرات العاصمتين الخليجيتين الأكثر نفوذًا في اليمن حاليًّا غير واضحة للمستقبل السياسي في الجنوب، وهل هي متطابقة أو هناك تباين فيها، إلا أن حجز مقعد في دائرة اهتمامهما هو ما تسعى له القيادات والقوى الجنوبية كما يبدو الآن، وذلك على الرغم من التفضيل الواضح حتى الآن من قِبل دول التحالف للقيادات السلفية الجنوبية (4)، وتنميتها لعلاقات متعددة مع القبائل والقوى المختلفة بشكل يضمن خيارات متعددة أمامها في ظل أي تطورات قادمة.

إضافة لدول التحالف العربي، يلعب الرئيس هادي دورًا أساسيًّا في المشهد الجنوبي وصياغة تبدلاته النشطة أخيرًا، فهو علاوة على كونه مركز قوة جنوبيًّا بذاته، يعمل من خلال الدولة والشرعية التي يحوزها على تمكين أي طرف جنوبي يتحالف معه بما يضمن صعوده إلى الواجهة. ولقد استطاع هادي في فترة إقامته في الرياض استقطاب أسماء مهمة من القيادات الجنوبية، بعضها من الصف الأول مثل المهندس أبي بكر حيدر العطاس، الذي عُيِّن مستشارًا له، علاوة على انفتاحه على عدد من قيادات الصف الثاني والثالث للحراك والتي التقت به في زيارات متعددة للرياض، وصدر ببعضهم قرارات تعيين في مواقع تنفيذية مهمة، مثل القائد الحراكي العسكري البارز، عيدروس النقيب، الذي قاد معركة تحرير الضالع وعُيِّن محافظًا لعدن، والقيادي الجنوبي البارز، ناصر الخبجي، الذي عُيِّن محافظًا لمحافظة لحج.

آفاق القوى والوضع في الجنوب

إن التغيرات المتسارعة في مشهد جنوب اليمن أدَّت إلى تجاوز القوى فيه لتحديات الصراع والتنافس فيما بينها على احتكار تمثيل القضية الجنوبية، وإلى وضعها في مواجهة صعود قوى جنوبية أخرى مثل السلفيين الذين لم يعد يمكن تصور عودتهم كجماعة دينية فقط بعد التمكين السياسي الذي منحتهم إيَّاه الحرب.

ومن الواضح أيضًا أن انعكاسات هذه الحرب ستغير بشكل حثيث أوزان القوة ضمن فصائل الحراك الجنوبي؛ فقد أصبح على القيادات التاريخية للحراك الآن التعامل مع تحدي ضعف حضورها الرمزي والسياسي، وذلك في ظلِّ صعود قيادات جديدة تتطلع إلى جني استحقاقات دورها البارز في القتال ضد قوات الحوثيين وصالح، وهو الأمر الذي منحها مصداقية ورمزية شعبيه عالية في أوساط جمهور الحراك. وإضافة لذلك لم يعد بإمكان قيادات مثل البِيض وباعوم أو علي ناصر أن يحتكروا التمثيل السياسي والتفاوض باسم الحراك والقضية الجنوبية؛ حيث أنهت الحرب ذلك نسبيًّا، ومكَّنت القيادات الصاعدة من إنشاء قنوات اتصال مباشرة مع دول أساسية مثل السعودية والإمارات.

من زاوية أخرى ما زال غير واضح كيف يُمكن لقوى الحراك الجنوبي التعامل والاستفادة من الفرصة السياسية التي أتاحتها الحرب لها بالتعامل مباشرة مع دول الجوار ذات الدور المركزي في تقرير مستقبل اليمن، مع الأخذ بالحسبان أن التقدير المنخفض لدور قوى الحراك في مواجهة الحوثيين وصالح، والضعف الذي ميَّز حضوره في التطورات السياسية والميدانية في الجنوب سيخفض من عائدات هذه الفرصة السياسية كثيرًا.

وإضافة لما سبق ستؤثِّر بشكل كبير فوضى السلاح وغياب الدولة على فرص معظم الأطراف في الجنوب، حيث تستفيد الجماعات الإسلامية المتطرفة من الفراغات الأمنية التي أعقبت الحرب -وبشكل فعَّال وواضح-، مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وتنظيم القاعدة، الذي فرض سلطته فعليًّا على المكلا عاصمة محافظة حضرموت الغنية بالنفط.

هذه التنظيمات المتطرفة، علاوة على استفادتها من الفراغ الأمني (5)، تتغذَّى بشكل حثيث على بيئة الاستقطاب الطائفي التي أثارتها المواجهة مع الحوثيين، واستطاعت من خلالها كسر الحصار الاجتماعي حولها، بل والدخول في تحالفات ضمنية مع القوى الاجتماعية مثل القبائل باعتبار المعركة مشتركة ضد خطر الحوثيين، ليتعدى الأمر ذلك بالضرورة إلى فرض سلطتها وحضورها الفعلي على الأرض في مختلف المحافظات الجنوبية وصولًا إلى عدن.

إن التداعيات التي ينتجها مثل هذا الوضع الأمنى الخطير ستتقاطع مع مخاوف دولية وإقليمية من تعاظم مخاطر الإرهاب في اليمن وخصوصًا في الجنوب، فتقلل حظوظ دعم مطالب الحراك الجنوبي في انفصال الشمال عن الجنوب؛ حيث ستصبح الأولوية منصبَّة على تعزيز الأمن عبر دولة قائمة مهما كان الضعف يعتريها، وليس عبر استحداث دولة جديدة في الجنوب يمكن أن يكون مسار قيامها فوضويًّا للغاية وتستفيد منه بالضرورة الجماعات الإرهابية.

إن خيارات القوى الجنوبية المختلفة وفرص صعودها السياسي متصلة بشكل وثيق بانتهاء الحرب في اليمن وطبيعة الصيغة التي ستنتهي لها السلطة في صنعاء وذلك كجزء من مستقبل البلد كليًّا، وشكل الدولة القادم، سواء كان سيمضي ضمن خيار الصيغة الفيدرالية التي أقرَّها مؤتمر الحوار أو غير ذلك، كما أن التعقيدات الأمنية في الجنوب ومستقبل الجماعات المتطرفة فيه سيكون عنصرًا حاكمًا في الوضع النهائي للجنوب والقوى التي فيه.

وبالتأكيد، فإن تغييرات القوى التي حدثت بفعل الحرب وصعود فاعلين جدد وقيادات جديدة ستنشئ صراعًا متناميًا على التمثيل الجنوبي بينها، سيتم استثماره من قِبل أطراف عدَّة محلية وإقليمية في أجندات ستعيد صياغة مصالح القوى الجنوبية.
________________________________________
ماجد المذحجي – مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية

الهوامش
1 لقد تحفَّظ التحالف العربي على دعم المقاتلين المحسوبين على قوى الحراك الجنوبي في أكثر من مكان، وعلى سبيل المثال فإن المقاتلين الذين انتظموا ضمن شعارات الحراك في محافظة الضالع، التي كانت أولى المحافظات الجنوبية التي تحرَّرت من قوات الحوثيين وصالح، لم يتلقوا إلا دعمًا محدودًا من التحالف العربي رغم المناشدات المتكررة من قِبلهم.
2 في مقابلة صحفية له، قال الرئيس علي ناصر محمد: إن الحوثيين (وعدوني بأنهم يقاتلون الإرهابيين): الرئيس علي ناصر: الحوثيون أكدوا لي أن معركتهم ليست مع الشعب وإنما مع التنظيمات الإرهابية، صدى عدن، 2 يوليو/تموز 2015، (تاريخ الدخول: 28 ديسمبر/كانون الأول 2015)، http://www.sadaaden.net/read-news/315268
3 احتضنت العاصمة اللبنانية، بيروت، مقرَّ إقامة الرئيس الأسبق علي سالم البيض، بعد خروجه من سلطنة عُمان وكسر صمته السياسي الذي رافقه بعد هزيمته في حرب صيف 1994، وقدَّم حزب الله الدعم الفني والمالي لإطلاق قناة عدن لايف كناطقة باسم فصيل الحراك الجنوبي الذي يقوده البيض.
4 أخبار اليمن، في زيارة تُعد الأولى من نوعها: محمد بن زايد يلتقي قيادات سلفية من عدن في أبو ظبي، 22 ديسمبر/كانون الأول 2015، )تاريخ الدخول: 27 ديسمبر/كانون الأول 2015(، http://24.com.eg/yemen/618852.html
5 في رسالة من الرئيس هادي لقادة الخليج أشار لمخاطر استفادة القاعدة من انفلات الأوضاع في الجنوب بسبب حرب الحوثيين: ماذا كتب هادي إلى قادة الخليج عن الحوثيين والقاعدة وداعش لإقناعهم بالتدخل العسكري؟ سي إن إن بالعربية، 26 مارس/آذار 2015، (تاريخ الدخول: 28 ديسمبر/كانون الأول 2015)، http://arabic.cnn.com/middleeast/2015/03/26/hadi-letter-gulf-states

 المصدر: مركز الجزيرة للدراسات