يشكل كشف المملكة العربية السعودية مؤخرا عن استعدادها لتدخل بري في سوريا، ضمن صفوف «التحالف الدولي لمكافحة الارهاب« الذي شاركت في تأسيسه قبل اكثر من عام، خطوة جديدة تندرج في اطار اتباع سياسة اكثر حزماً تعتمد درء الخطر قبل استفحاله جسدتها منذ اطلاقها «عاصفة الحزم» في اليمن لمواجهة التغوّل الايراني في دول المنطقة.
فقد بحث وزير خارجيتها عادل الجبير مع نظيره الاميركي جون كيري الذي تقود بلاده حملات التحالف في تفاصيل هذه الخطوة بما يؤشر الى جديتها وفق ديبلوماسي لبناني سابق خصوصا وان الحديث عن امكانها يتزامن مع انطلاق مناورات «رعد الشمال» غير المسبوقة في حفر الباطن شمال المملكة والتي تحمل في طياتها رسائل متعددة ابرزها ان السعودية لن تتأخر كما فعلت في اليمن عندما لم تعلن «عاصفة الحزم» إلا بعد سقوط عدن. فـ«رعد الشمال» اول خطوة عملية لـ«التحالف العسكري الاسلامي» الذي تقوده السعودية والتي سبق للجبير ان اعلن انه قد يصل الى تشكيل «قوة ضاربة» للتعامل مع احداث ارهابية لا يقتصر تنفيذها على «داعش».
ومن المؤشرات أيضاً الى جدّية هذا الاستعداد، حملة التهديدات التي اطلقها على الفور النظام السوري بلسان وزير خارجيته وليد المعلم بالعودة في «صناديق خشبية«، في حين اطلقتها ايران بأصوات متعددة. فمن توعد قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري «بالهزيمة اذا اقدمت» الى تحذير نائبه حسين سلامي «من مغبة التدخل» مهددا من دون اعطاء تفاصيل بأن المنطقة ستشهد حينها «احداثاً مفجعة ومؤلمة»، وصولاً الى تلويح القائد السابق للحرس الثوري وأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي ان هذه الخطوة «ستؤدي الى اشعال المنطقة كلها ومنها السعودية». اما روسيا فقللت من اهميتها عندما تساءلت عبر احد مسؤوليها عما اذا كانت الحرب قد انتهت في اليمن، في حين وضع وزير خارجيتها سيرغي لافروف، الذي تنحو بلاده بوضوح باتجاه فرض حلّ عسكري، الرهان على هذا النوع من الحلول في خانة السعودية، وإن لم يسمِّها، عندما قال «هذا السيناريو اصبح واقعياً بسبب تصريحات عن خطط لإرسال قوات برية».
وقد اعقب الاعلان السعودي فشل «جنيف 3» بسبب تصعيد الغارات الروسية الى حدّ غير مسبوق سمح باختراقات ميدانية اذ وصلت قوات النظام الى مشارف تل رفعت التي تبعد حوالي 25 كلم عن الحدود التركية وهو اكبر تقدم منذ عسكرة الثورة. فيما باتت مدينة حلب بين كماشة النظام ومقاتلي الاكراد اضافة الى «داعش» بما يهدد بإفراغها من اهلها وبما يمس بالامن القومي التركي وهو ما سيسمح حكماً بالتنسيق بين الدولتين في حال تنفيذ خطوة تدخل بري وفق المصدر نفسه.
وطالبت المعارضة في حلب، وفق معلومات صحفية، السعودية بالتدخل في صرخة «انجدونا وإلا انهزمنا» كما سبق لكيري ان توقع ان تؤدي ثلاثة اشهر من القصف الى «فنائها».
ويبقى السؤال هل تشهد «المجموعة الدولية لدعم سوريا» التي تلتئم اليوم في ميونخ، وفق الوعود الاميركية، مساعي متجددة لوقف اطلاق النار وايصال المساعدات للمدنين تطبيقاً للقرار الدولي 2254 الذي ربط بدء المفاوضات بهذه الشروط، بما يعني حكماً تراجع الهجمة الروسية علّ ذلك ينقذ العملية السياسية التي دخلت في موت سريري بعد تعثر «جنيف 3»؟.
ويتساءل المصدر «هل ستدفع روسيا هذه المرة في اتجاه وقف لاطلاق النار حفاظاً على مكاسب التقدم الميداني، خصوصاً وان الهدف المرجح للتدخل العسكري السعودي، الذي في حال تنفيذه سيستهدف بالفعل «داعش» لا الفصائل المعتدلة كما يفعل الروس، هو العودة بالجميع الى طاولة التفاوض؟».
ربى كبارة
صحيفة المستقبل