فقد توصل مؤتمر المجموعة الدولية لدعم سوريا في ميونيخ أخيرا لاتفاق بوقف الأعمال العدائية في سوريا في غضون أسبوع واحد، على أن يسرّع إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر احتياجا، خصوصا التي تقع تحت الحصار.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد استبق المؤتمر، الذي عقد بمشاركة 17 دولة وثلاث منظمات، بالإعلان عن مبادرة روسية لوقف إطلاق النار، رغم أن روسيا كانت في السابق ترفض الحديث عن أي هدنة في سوريا قبل إلحاق الهزيمة بمن تعدها تنظيمات إرهابية.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في ختام اجتماع المؤتمر إن المفاوضات بين المعارضة السورية ونظام الأسد ستستأنف في أقرب وقت ممكن، معتبرا أن الأيام القادمة ستبين التزام الأطراف على الأرض بوقف العمليات العدائية.
انتقادات أميركية
يأتي هذا بينما تتعرض روسيا لانتقادات أميركية وأوروبية شديدة بسبب الغارات التي تشنها على حلب دعما لقوات النظام السوري، ويطالب الغربيون روسيا بوقف ضرباتها الجوية، خصوصا بعد نزوح عشرات الآلاف من المدنيين إلى الحدود التركية.
كما تأتي هذه التطورات في الشأن السوري بينما يتزايد الحديث عن إمكانية تشكيل تحالف دولي للقيام بعملية برية في سوريا لمحاربة التنظيمات الإرهابية، في تحرك تقوده السعودية مما ينذر باتساع دائرة الحرب.
يقول مدير معهد الدراسات والأبحاث الاستراتيجية قسطنطين سيفكوف إن روسيا اضطرت إلى الموافقة على وقف غاراتها على المدن السورية بسبب المعطيات الجديدة التي استجدت في الأزمة السورية.
وتتمثل المعطيات في فشل محادثات جنيف-3 وانسحاب المعارضة السورية، واشتراطها للمشاركة وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن المدن وفتح الطريق للمساعدات الإنسانية، مما وضع روسيا في موقف حرج وهز مصداقيتها أمام المجتمع الدولي، هذا بالإضافة إلى أن روسيا باتت تشعر بأن التوجه السعودي التركي المدعوم غربيا بالتدخل البري في سوريا قد اتخذ منحى جديا، وهذا تصعيد خطير ينذر بنشوب حرب كبرى.
أما المعارض السياسي بافل شيلكوفي فقد اعتبر أن إدارة الرئيس بوتين باتت تدرك أنها ورطت نفسها في المستنقع السوري دون أن تكون قادرة على تحقيق انتصار حاسم.
الرأي العام الروسي
وأضاف أن روسيا باتت تدرك أيضا أن صورتها في العالم العربي أخذت تهتز باستهدافها لخصوم الأسد واستخدامها لأسلحة فتاكة تؤدي إلى قتل وتشريد أعداد كبيرة من المدنيين، وأن الرأي العام الروسي قد يبدأ بالتحول نحو معارضة الحملة العسكرية في سوريا.
ولفت إلى أن التوجه الدولي نحو إرسال قوات برية إلى سوريا يسحب الغطاء عن روسيا ويجعلها في مواجهة مباشرة مع دول مؤثرة في المنطقة دفاعا عن الأسد، وليس في مواجهة تنظيمات إرهابية كما تزعم.
وزاد بافل شيلكوفي في حديثه للجزيرة نت أن إنشاء تركيا مخيمات للمدنيين الفارين من الغارات الروسية على الجانب السوري من الحدود معها يمثل تطبيقا عمليا لفكرة المناطق العازلة مع إمكانية فرض حظر جوي فوقها، وهذا عامل ضغط إضافي مهم.
من جهة أخرى رجح الخبير في شؤون الشرق الأوسط فاسيلي كاشين أن تغير الموقف الروسي والقبول بوقف الغارات الجوية على المدن السورية ليس مجانيا، وإنما يأتي في مقابل تعهدات أميركية بمراعاة المصالح الروسية في المنطقة في أي اتفاق يُتوصل إليه.
وأوضح أن موسكو تسعى للحفاظ على نفوذ قوي في منطقة الشرق الأوسط، لكنها في الوقت نفسه لا ترغب بإطالة أمد الحرب وتحمّل المزيد من تكاليفها المادية والسياسية والمعنوية.
افتكار مانع
الجزيرة نت