لا تزال دعوة رئيس الوزراء العراقي حيدر العباديإلى تشكيل حكومة كفاءات (تكنوقراط) تثير الجدل في الساحة السياسية، ورغم أن أيا من الكتل السياسية في الحكومة والبرلمان لم تعلن رفضها لذلك، فإن الكثير منها يتحفظ على التفاصيل، لا سيما وأن تصريحات العبادي تؤشر على استبعاد وزراء منتمين لهذه الكتل.
ولا يقتصر الخلاف بين الكتل على تمثيلها في الحكومة المقبلة، فالموقف من مليشيات الحشد الشعبيومطالبات البعض بإعادة هيكلتها وكفّ يدها عن السياسة، يعتبره أنصار الحشد انصياعا للرغبات الأميركية.
وجاء دخول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على خط المطالبة بالإصلاح ليعطي مزيدا من القوة لموقف العبادي في التحرك داخل البيت الشيعي، فالصدر استقبل وزير الدفاع خالد العبيدي في منزله فيالنجف، وأصدر بيانا دعا فيه للتغيير وتحويل أفراد الحشد الشعبي “المنضبطين” إلى صفوف الجيش والشرطة، في تناغم واضح مع خطوات العبادي.
صنع الأزمات
ولا تبدو الكتل السياسية حتى الآن متفقة على رؤى موحدة، فلا تزال المشاورات بشأنها جارية، في ظل ارتفاع نبرة الانتقادات المتبادلة.
واعتبر النائب عن ائتلاف الوطنية حامد المطلك الجدل محاولةً من قبل البعض لتخطي الأزمة الحالية عبر صنع أزمات جديدة وإلهاء الناس عن المخاطر المحدقة بالبلاد، وقال للجزيرة نت إن التغيير الحقيقي لا يكون بالخطابات الإعلامية وإنما بأفعال جدية، مضيفا أن الحكومة القادمة إذا لم تكن حكومة مؤسسات وقانون ومواطنة فستفشل كسابقاتها.
وأكد المطلك أن الأميركيين بدؤوا “يقلقون” من تصرفات بعض المنتسبين للحشد، مما دفعهم للضغط لتقليص حضوره في السياسة والحياة العامة.
أما النائب عن كتلة الفضيلة المنضوية في التحالف الوطني عمار طعمة فيرى أن رئيس الوزراء كثيرا ما يلجأ إلى طرح مبادراته دون مشاورة الكتل السياسية خوفا من الالتفاف على “خطواته الإصلاحية”، مؤكدا أن العبادي في موقف صعب، وأن على الكتل السياسية أن تدعمه، دون أن يمنع ذلك استمرار النقاش وتبادل الآراء.
وأشار طعمة إلى أن عملية التغيير لا تتوقف على التغييرات الوزارية وإنما على المنهج الذي أفرز “هذا الكم من الفساد والفوضى”، مضيفا أن هناك مقترحات بضرورة ربط الحشد الشعبي بإحدى الوزارات الأمنية ليتحول إلى قوة إسناد للجيش والشرطة وليس موازيا لهما، ولتقنين وجوده وتنظيم عمله مع تقدير “التضحيات” التي قدمها.
استمرار الانقسام
وتبدو المفارقة في أن جميع الكتل السياسية تعلن تأييدها لفرض القانون ومحاربة الفساد، لكنها تتنازع في التفاصيل وتتبادل الاتهامات فيما بينها.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد خالد عبد الإله أن الجهة المعنية بشكل رئيسي بالتغييرات القادمة ستكون هي التحالف الوطني، الذي تحمل أطرافه رؤى متضاربة حول عملية الإصلاح ومحاربة الفساد المالي، ولا تزال -بحسب عبد الإله- تضع شروطا وتحفظات على أية خطوات جادة يقوم بها العبادي.
وأكد عبد الإله أن موقف المرجعية الشيعية المنتقد لسياسات الحكومة، بالإضافة إلى الحراك الشعبي في الشارع، هما من دفعا العبادي لإطلاق مبادرته الأخيرة، معتبرا أن أهم ما سيواجه العبادي في المرحلة القادمة هو التعنت السياسي والغطاء الذي يوفره بعض الساسة لحماية الفاسدين.
وأضاف أن على الجميع أن يعي أنهم يعيشون في محيط يشهد تحولات كبيرة، وأن ارتدادات ما يحصل في سوريا قد تنتقل إلى العراق إذا استمر الحال على ما هو عليه، حسب قوله.
مروان الجبوري
الجزيرة نت