بعد أن انقشع غبار الانتخابات الرئاسية في تونس بفوز الباجي قايد السبسي بدأ الحديث عن صعوبات وتحديات ستواجه الرئيس الجديد على عدة محاور اقتصادية وأمنية في بلد يسعى لشق طريقه بعد ثورة انطلقت احتجاجا على مثل هذه التحديات.
يرى بعض المراقبين أن مهمة الرئيس التونسي الجديد الباجي قايد السبسي ستكون صعبة في المرحلة القادمة في بلد يشكو من هشاشة أمنية وتراجع في نمو الاقتصاد وغلاء في الأسعار وارتفاع بنسب البطالة والفقر.
وانتخب زعيم حزب نداء تونس رئيسا عقب فوزه بنسبة 55.68% على منافسه في الجولة الثانية الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي الذي حصل على 44.32% من الأصوات.
ورغم أن السبسي غير من نبرته في خطابه التلفزيوني أمس الاثنين بعد إعلان فوزه، وتعهد بأن يكون رئيسا لكل التونسيين والعمل على تحسين الأوضاع وحماية الحريات فإن البعض ما زال متوجسا من حصول انتكاسة في الثورة.
يقول رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني للجزيرة نت إن السبسي سيواجه تحديات كبيرة خلال المرحلة القادمة، على رأسها توطيد الممارسات الديمقراطية وترسيخ الانفتاح السياسي وحماية الحريات.
مخاوف
ويرى الرحموني أن الانتقال الديمقراطي في تونس ما زال هشا، وأن ما حصل هو انتقال سياسي بعد نجاح المسار الانتخابي، مشيرا إلى أن البلاد قد تشهد انتكاسة إذا لم تتوفر لدى السبسي إرادة لإنجاح المسار الديمقراطي.
وتساءل مستغربا “ما معنى أن يقول السبسي يجب طي صفحة الماضي؟”، مؤكدا أن تونس لم تنتقل بعد من مرحلة الاستبداد إلى النظام الديمقراطي الفعلي نتيجة تعثر العدالة الانتقالية في الكشف عن التجاوزات وجبر أضرار الضحايا.
ويقول إن “المطلوب من السبسي هو الشروع في بناء دولة القانون وإصلاح مؤسسات الدولة، ولا سيما المؤسسات القضائية لتكريس مبدأ استقلاليتها حتى لا تكون حبرا على ورق، والشروع في تحقيق العدالة الانتقالية للمرور للمصالحة”.
وليس الملف الحقوقي أقل شأنا من التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد باعتبار ما شهدته سابقا من اعتداءات مسلحة على قوات الأمن والجيش واغتيالات سياسية وتهريب للسلاح من ليبيا الجارة التي تعيش اضطرابات أمنية.
تحديات أمنية
وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي للجزيرة نت إن “مهمة السبسي لن تكون سهلة، لأن التحديات الأمنية متعددة وخطيرة داخل البلاد وخارجها”.
وبما أنه سيكون قائد القوات المسلحة ومشرفا على الأمن القومي يقول الحناشي إن “السبسي مطالب بوضع خطة إستراتيجية لحماية الحدود من خطر تهريب السلاح ومحاربة الإرهاب”.
ويرى أن التهديدات الأمنية التي تواجهها البلاد تكمن في أن آلاف المقاتلين التونسيين المتواجدين في سوريا وليبيا قادرون على التسلل إلى تونس عبر الحدود من أجل شن هجمات مسلحة.
إلى ذلك، يقول الحناشي إن السبسي مطالب في إطار الصلاحيات المتاحة للرئيس بإرجاع العلاقات مع بعض دول الخليج وإعادة العلاقات مع سوريا والاستفادة من الدبلوماسية الخارجية.
ويتوافق مع هذا الرأي الخبير الاقتصادي معز الجودي الذي يقول إنه لا بد للسبسي من أن يكون حاضرا بقوة في المحافل الدولية وتعزيز العلاقات الدولية نحو شراكات جديدة.
صعوبات اقتصادية
وعلى المستويين التنموي والاقتصادي يقول الجودي للجزيرة نت إن مهمة السبسي ستصطدم بصعوبات كثيرة لتحسين الوضع العام، لكنه يقول إن المهمة ليست مستحيلة أبدا.
وأشار إلى أن هناك عوامل إيجابية يمكن أن يستفيد منها السبسي وكذلك الحكومة التي سيشكلها حزبه نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية، أبرزها نجاح المسار الانتخابي.
ويقول إن مدة عمل الحكومة المنتخبة القادمة والرئيس الجديد ستمتد إلى خمس سنوات، “وهي فترة كافية نسبيا للشروع في إجراء إصلاحات جوهرية على المستوى الاقتصادي”.
ويرى أن الملفات العاجلة التي يتعين على السبسي والحكومة القادمة أن يعملا على معالجتها هي إنعاش الاقتصاد وجذب الاستثمار ودفع التنمية والتحكم في الأسعار وغيرها.
خميس بن بريك- الجزيرة
http://goo.gl/vEeG2x