جاء في بيان مشترك أميركي روسي نشرته وزارة الخارجية الأميركية أن اتفاقا لوقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ في سوريا يوم 27 فبراير اعتبارا من منتصف ليل الجمعة-السبت بتوقيت دمشق (الجمعة 22,00 ت غ)، ما لم تحصل أي تطورات مفاجئة تعيق تنفيذه.
وفي حال تم الالتزام بتنفيذ الهدنة، فإن ذلك من شأنه أن يمثّل نقطة تحوّل في الحرب السورية الممتدة منذ 5 أعوام، كما من شأنه أن يؤدي إلى تسوية سياسية طويلة الأمد. وكان من الصعب التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في سوريا، لكن الحفاظ عليه سيكون أكثر صعوبة، وفق الخبراء مؤكّدين أن مآلات الوضع في سوريا ماتزال مجهولة، خاصة وأن الهدنة لن تشمل الجماعات الجهادية، على غرار تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، التي تشكّل جانبا هاما من القوى المتصارعة على الأرض.
واعتبر الخبراء أن هذا الاستثناء يشكّل ثغرة كبيرة في بنود الاتفاق الذي وصفه جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، بأنه “حصيلة جهود دبلوماسية ملتزمة للعديد من الدول والجماعات… وإذا ما تم تنفيذه والإلتزام به، لن يؤدي فقط إلى الحد من العنف، بل أيضا إلى الإستمرار في توسيع نطاق ايصال الإمدادات الإنسانية ذات الحاجة الماسة إلى المناطق المحاصرة ودعم عملية إنتقال سياسي نحو حكومة تلبي تطلعات الشعب السوري”.
|
لكن، جان الياسون، نائب الأمين العام للأمم المتحدة، يرى أن خطط وقف الأعمال القتالية في سوريا التي تستثني متشددي تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة ستمثل على الأرجح تحديا في ما يتعلق بشروط الاتفاق. وقال الياسون “إذا كان لدينا اتفاق وقف إطلاق نار ووقف للأعمال القتالية لا يغطي المناطق التي تسيطر عليها النصرة وداعش فسيكون بالطبع تحديا كبيرا لنا في ما يتعلق بالمراقبة وما يجب أن نواجهه لاحقا. لكنه وضع معقد للغاية بالتأكيد وأعتقد أن الخطر هو أن يتحول ذلك إلى وضع أكثر خطورة يوحد الجميع الجماعات المتشددة الآن.”
النوايا الحسنة لن توقف القتال
رغم أهمية هذه الهدنة والحاجة إليها، خصوصا على المسستوى الإنساني، إلا أن الإعلان قوبل بتباين في المواقف وتشكيك في نوايا تحقيقها، حيث يرى الخبير العسكري البريطاني جورج سيدوي أن “تحقيق الهدنة في سوريا يتوقف على النوايا الحسنة”، لكن المعطيات الميدانية والوقائع تذهب أكثر نحو القول إن صوت السلاح سيبقى أقوى من صوت الديبلوماسيين المتفائلين.
ولا يختلف موقف المعارضة السورية، التي ربطت المعارضة التزامها بها بوقف القصف وفك الحصار عن المدن، عن هذه الرؤية، حيث شكّك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في قدرة نظام الأسد على ضبط حزب الله وميليشياته الطائفية التي استقدمها من إيران وافغانستان لوقف الأعمال العدائية. وقال الائتلاف في بيان له أن “أن وجود بشار الأسد لن يسمح بالانتقال السياسي في سوريا وسيزيد من الفوضى وتصدير الإرهاب إلى خارج البلاد”.
وأوضحت نائب رئيس الائتلاف نغم غادري أن الغموض يلف الكثير من النقاط التي تضمنها الاتفاق، ولم يأت على ذكر خروج الميليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب الأسد، وميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
وفي إجابة على سؤال وجه له حول مسودة التفاهم الأميركي-الروسي قال رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية رياض حجاب “موقفنا واضح… نحن نقوم بدورنا وفق اتفاق المجموعة الدولية لدعم سوريا في ميونيخ، ونتحرك في حدود التخويل الممنوح لنا من قبل مكونات الهيئة، نحن بصدد التباحث معهم والتشاور مع الأصدقاء وسنرد بعد ذلك بصورة رسمية”.
وأضاف “ملتزمون من طرفنا بإنجاح الجهود الدولية المخلصة لحقن دماء السوريين ودفع جميع الأطراف إلى مائدة الحوار، لكننا قادرون في الوقت ذاته على مخاطبة النظام باللغة التي يفهمها”.
|
فرص السلام
ترى المعارضة السورية المسلحة أن الاتفاق سيوفر الغطاء للنظام السوري، وحليفه الروسي لمواصلة قصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث يتداخل وجود مقاتلي المعارضة والجماعات المتشددة، بحجة وجود جبهة النصرة أو داعش.
ووصف كبير المفاوضين والقيادي في جيش الإسلام محمد علوش الهدنة بأنها إجراء مؤقت ولم يكن مخطط لها. وأكد أن تنظيم داعش سلم نحو 25 قرية في ريف حلب إلى نظام الأسد منذ يومين، وهناك أنباء عن استعداد داعش لتسليم الرقة (معقله في سوريا)، مما يعزز وجود تنسيق أمني بين التنظيم والنظام.
رغم التصريحات المتفاؤلة من واشنطن وموسكو، بأن الاتفاق يمكن أن يغير وضع الأزمة في سوريا إلا أن وجهة النظر الحذرة لاترى انفراجة في الأوضاع ما لم يتوقف الجانبان عن استخدام التقدم العسكري كأداة للمساومة.
ويعتقد مراقبون ان وقف إطلاق النار قد يصمد لمدة أسبوع أو أقل كما جرت العادة قبل ان نستمع الى اتهامات متبادلة في خرقه؛ حيث قال نيكولاي كازانوف، وهو باحث غير مقيم في مركز كارنيغي في موسكو “من المرجح أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار محليا، أي يمكن أن يتم تنفيذه فقط في بعض الأماكن التي سوف تظهر فيها قوى المعارضة استعدادها للتفاوض”.