المبادرة الإيرانية والرد الخليجي!

المبادرة الإيرانية والرد الخليجي!

المبادرة الايرانية

تأتي المبادرة الإيرانية التي كشفت عنها جريدة الراي الكويتية صباح أمس والتي تتضمن طلب وساطة كويتية لحل الاشكالات القائمة بالمنطقة من قبل دولها دون تدخل للقوى الخارجية وبعد أيام من لقاء الرئيس أوباما مع جريدة أتلانتيك والذي طالب فيه إيران والسعودية بحل مشاكلهما بنفسيهما وتحويل الصراع الساخن القائم الى صراع بارد قادم كون تدخل الولايات المتحدة في صراعات المنطقة يضرها ويضرهما.

****

وضمن ما أتى في الخبر أن الكويت طلبت من إيران كمبادرة حسن نية ولبناء الثقة وقف التدخلات في البحرين واليمن والسعودية والكويت ووقف لغة التصعيد التي ينتهجها حزب الله الذي أضر بالإجماع العربي وعطل الانتخابات الرئاسية اللبنانية ووقف التدخل العسكري الإيراني في العراق وسورية الذي أضر بالبلدين وأضر بإيران معهما، ومما أتى في موقف الخارجية الكويتية طلب توقف إيران عن الوصاية على المكون الشيعي في الاوطان الاخرى كونها تضر كثيرا بمبدأ المواطنة وتحرج من يتم الضغط عليه، وجاء في ختام الخبر أن الدول الخليجية تحضر ردودا على المبادرة الإيرانية تستشهد بفوارق كبيرة ماضوية بين الخطاب الرسمي الإيراني المتسامح القادم من قيادات إصلاحية مثل الرؤساء رفسنجاني وخاتمي وروحاني والممارسات الحقيقية على الارض القادمة من قيادات أخرى في إيران.

****

ولا شك أن الدول الخليجية والعربية ومعها الشعب الإيراني الشقيق هي الاسعد بعودة العلاقات العربية – الإيرانية الى مسارها الصحيح العاكس لاستحقاقات حسن الجوار وأخوة الاسلام، فالحروب القائمة والنيران المشتعلة في العراق وسورية واليمن يمكن لها أن تمتد بسهولة لإيران أو لدول خليجية وعربية أخرى والخاسر الاكبر من تلك الصراعات هي شعوب المنطقة قاطبة التي أصبحت بؤرة الصراع والحروب المدمرة في العالم في وقت اتجهت فيه أمم الأرض الاخرى التي اشتهرت بصراعاتها عبر التاريخ الى السلام والتنمية.

ان الحل سهل ومنطقي جدا ويتأتى عبر اهتمام كل دولة برفاه شعبها بدلا من التفرغ للتدخل في شؤون الدول الاخرى ومن ثم السماح بالمقابل للدول الاخرى بالتدخل في شؤونها، فإيران المهتمة بنفسها والمحافظة على مواردها لتنمية بلدها ورفاه شعبها أقوى ألف مرة من إيران المتدخلة في شأن الدول الاخرى بهدف السيطرة على قرارها، فذلك ما اكتشفه بالطريق الصعب مفكرو وساسة دول عظمى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وغيرهم بعد الحرب العالمية الثانية فتوقفوا عن استعمار واحتلال والتدخل في شؤون الدول الاخرى فتوقفت حروبهم وحُفظت فتحسنت أحوال شعوبهم، وخير لنا أن نبتدئ من حيث انتهوا على أن نبدأ من حيث بدأوا.

****

آخر محطة: (1) إن حسنت النوايا وصدقت المبادرات فخير شعار يرفع هو «ما فات مات» فالمهم الإعمار القادم لا الدمار الذي حدث، وليعلم العالم أنه لا وجود للطائفية والعنصرية إلا في أذهان المتآمرين على مستقبل المنطقة ومشعلي حرائق الفتن، أما الشعوب الخليجية والإيرانية والعربية فبريئة منها وستختفي مشاكل المنطقة بعد دقائق ولا نقول أيام على لقاءات المصارحة والمصالحة.

(2) المقترح الأمثل لحل المشاكل بين ساحلي الخليج بشكل دائم هو إنشاء مجلس حكماء يضم الشخصيات المعتدلة والعاقلة في الدول الخليجية وإيران يجتمع سرا وبهدوء كل شهر وعبر مناهجية الغرف المغلقة لرفع توصيات لحل أي مشكلة قائمة أو تطرأ فلا توجد مشاكل بين إيران والعرب لا يمكن حلها ولنا فيما يحدث في أوروبا بين أمم ودول متصارعة منذ قرون تحولت الى السلام البنّاء وتغير حال شعوبها من الفقر والدمار الى التقدم والثراء، خير عظة وعبرة.

سامي النصف

صحيفة الأنباء الكويتية