بدأت طلائع المواجهة المقبلة مع القوات الامنية والعسكرية العراقية ومقاتلي تنظيم الدولة في محيط مدينة الموصل تتعاظم وتتوارد بشكل يومي وفق صيغ اعلامية وعسكرية واقتصادية واجتماعية واتخذت أشكالا وأنماطا عدة تمثلت باستخدام الجانب الاعلامي في توجيه أهالي المدينة باتباع أساليب الحيطة والحذر وعدم التقرب من أماكن ومواقع وجود مقاتلي التنظيم واتخاذ جميع صور الحماية الشخصية للمدنيين بابتعادهم عما يؤذيهم أو يؤدي الى هلاكهم نتيجة استمرار العمليات العسكرية تجاه مدينتهم .
وكان للحصار الاقتصادي الواسع الذي قامت به طائرات التحالف الدولي باستمرار قصفها للشريط الحدودي السوري-العراقي والاماكن والمناطق التي توصل بين مدينة الرقة السورية مرورا بالحدود ووصولا الى مدينة الموصل الأثر الكبير في انقطاع المواد الغذائية وشحتها داخل أسواق المدينة وافتقارها لأبسط مستلزمات العيش الكريم مع فقدان للأدوية والمستلزمات الطبية التي يحتاجها المواطن وكبار السن ، كما قامت القوات العسكرية بمحاولة لانهاك مقاتلي التنظيم واستنزافها بفتح عدة جبهات وايجاد مقرات عسكرية قريبة ومحيطة بالمدينة واشغال المقاتلين بمواجهات يومية وتعرضية واستهدافهم وهذا ما سعى اليه ايضا التشكيل العسكري للتنظيم في توجيه عدة ضربات أو ارسال مقاتلين انغماسين للتعرض للمقرات والتشكيلات العسكرية التي أقامتها وزارة الدفاع العراقية أو التي استخدمتها القيادة العسكرية للمقاتلين الاكراد شمال المدينة وتحديدا في مناطق (مخمور وشمال قضاء تلعفر وسنجار وسهل نينوى) غايتها اثبات قوة التنظيم وتشديد استحكاماتهم العسكرية ومحاولة نشر مقاتليهم على أكثر من جبهة وفي جميع المناطق التي يمكن الوصول اليها .
انعكاس المواجهة الحالية مع مقاتلي تنظيم الدولة على ادامة زخم معركة الموصل :
1.استمرار المواجهة العسكرية والتهيؤ للصفحة الاولى التي تركز على القصف الجوي المستمر من قبل طائرات التحالف الدولي وعلى جميع الاصعدة واستهداف وجود مقاتلي تنظيم الدولة داخل مدينة الموصل والمناطق والاقضية التي وجود فيها اضافة الى معالجة مواقع الاسلحة ومنصات الصواريخ التي استولى عليها بالمعارك السابقة التي خاضها ضد تشكيلات الجيش العراقي والحشد الشعبي في محافظات العراق التي تشهد نزاعا عسكريا بين الطرفين ومعالجة جميع الاماكن التي اتخذها التنظيم سواتر وكمائن لمواجهة أي تقدم لتشكيلات وزارة الدفاع العراقي أو المقاتلين الاكراد (البيشمركة) وبدأت بالاعداد الاولي بقصف أماكن مهمة واستهداف مواقع عسكرية للتنظيم تمكن مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية من الحصول على معلومات ميدانية مهمة ومن مصادر عسكرية خاصة أكدت حقيقة الاستحضارات التي سبقت بداية العمليات العسكرية الجارية الان على ارض الميدان وفق اجراءات فعلية حدثت ووقعت وشكلت الصورة الاولى للاحداث ويمكن لنا أن نوجزها بالآتي :
أ.بتاريخ 19 آذار 2016 استهدف طيران التحالف الدولي مدينة الموصل ومحيطها ب (8) طلعات جوية أدت الى مقتل (18) مقاتلا من التنظيم وتدمير مركز مهم لتجمع مقاتلي الدولة مع مخبأ للسلاح ومنصة صواريخ مضادة للطائرات وحرق عجلتين ومن فيها وموقعين لاطلاق الصواريخ .
ب.بتاريخ 19 آذار 2016 تم استهداف قاعدة لاطلاق الصواريخ بالقرب من قضاء سنجار ومقتل طواقمها .
ج.في الساعة 100 من يوم 20 آذار 2016 استهدفت الطائرات الفرنسية المشاركة ضمن طيران التحالف الدولي تدمير النقاط الاعلامية التابعة لتنظيم الدولة في مدينة الموصل (نقطة اعلامية في منطقة الغابات وقرب باب ملعب جامعة الموصل وباب كلية العلوم ومنطقة دورة حي الرسالة ومنطقة حي سومر وباب الطوب وحديقة الشهداء ودورة سيدتي الجميلة ودورة المحروق ومنطقة حي 17 تموز وحي اليرموك ) .
د.بتاريخ 20 آذار 2016 نفذت طائرات التحالف الدولي(2) طلعتين جويتين على مدينة الموصل استهدفت تدمير موقع دفاعي عدد (2) مع أفراده وعتادهم .
ه.بتاريخ 20 آذار 2016 استهدفت طائرات التحالف الدولي مركز قضاء تلعفر ب (6) طلعات جوية أدت الى تدمير (3) منصات لاطلاق الصواريخ مع مقتل عناصرها وتدمير موقعا دفاعيا وعدد من الهاونات وعتادها .
و.بتاريخ 20 آذار 2016 تم استهداف منصة للاطلاق الصواريخ بالقرب من محيط قضاء سنجار وتدميرها وقتل طاقمها .
ز.بتاريخ 21 آذار 2016 استهدف(5) مقاتلين انغماسيين من تنظيم الدولة يرتدون أحزمة ناسفة مقر (فق 15 )في مركز قضاء مخمور .
2.مواجهة محاولة تقدم عناصر التنظيم على المناطق المحيطة بمدينة الموصل واشغال القطعات العسكرية والامنية التي بدأت تنتشر على تخوم المدينة ومحيطها في مناطق (مخمور والقيارة ) واستهدافهم بعمليات ومواجهات تشكل حالة استنزاف وايقاف للاهداف العسكرية المعلنة .
3.معالجة حالة القوات التي أطلق عليها (قوات الاحتياط) التي تستعد لمعركة الموصل والتي تم استقدام جزء منها وأعلن عن وجودها الان في تخوم المناطق المحيطة بناحية القيارة جنوب الموصل .
4.مشاركة المقاتلين الذين تم اعدادهم لمعركة الموصل من مقاتلي وحدات الجيش العراقي والشرطة الاتحادية ووحدات مكافحة الارهاب وتهيئتهم واعداد الخطط الكفيلة بانجاح مهمتهم في استعادة مدينة الموصل وبالتنسيق مع قيادة التحالف الدولي ومعالجة جميع الظاهر العسكرية التي قد تحدث وايجاد السبل الكفيلة بالرد عليها .
5.اعداد مخطط مراحل تنفيذ عملية الموصل ميدانيا وباستخدام التقدم عبر الاراضي الواقعة جنوب الموصل تحديدا من ناحية القيارة وباشراف وتنسيق أمريكي عراقي مشترك وبغطاء جوي دولي من قبل قيادة التحالف لحماية التقدم العسكري للقوات العراقية والياته ومعداته وأفراده .
6.غاية وأهداف القوات الامنية والعسكرية هي حماية وتأمين طريق القيارة -حمام العليل باتجاه مدينة الموصل مع تناغم هذا التقدم بالتنسيق مع القطعات العسكرية التي تتقدم ضمن مناطق الجزيرة الان لتصل لاهدافها جنوب قضاء الحضر حتى تتمكن أن تلتقي بشكل متواز مع القوات التي تنطلق من محور جنوب الموصل ابتداء من ناحية القيارة وتشكيل خط متواز يدعم تقدم القطعات العسكرية نحو مدينة الموصل وضواحيها .
7.تشير جميع المعلومات الميدانية الى ان استراتيجية استهداف قادة التنظيم وقتلهم من خلال القصف الجوي أو العمليات الخاصة لا يمكن لها أن تؤثر على التنظيم بشكل فعال وحازم لأن قيادة التنظيم تسعى دائما لعملية (التحول والتعويض) السريع ويعد هذا التوجه من مستلزمات المواجهة وسياقات العمل العسكري والمجابهة الخاصة بالتنظيم وما يؤمن به .
8.يعتمد التنظيم على صيغة قتالية هي ( القدرة التنظيمية للجماعة والدعم المحلي ) وهي صيغة اعتمدها التنظيم في كل مراحل وجوده على أرض الواقع الميداني ومعالجته لكل حدث يجري بسرعة مستندا الى خبرته التي اكتسبها في المعارك التي خاضها في العراق ، وان الفكرة تقوم على أنه ان كان لديك القدرة على قتل قادة التنظيم واستهدافهم اذن عليك ان تفكك منظمة الدولة وان تقوض الدعم المحلي لها .
9.القيادة العسكرية الكردية المتمثلة بالمقاتلين الاكراد (البيشمركة) سيكون لهم الحظ الأوفر في التقدم في المحور الممتد من شمال مدينة الموصل وهو ما يطلق عليه الان (سهل نينوى) والمناطق المحيطة به وسيكون هناك دعم واسناد لهم ممثلا بالحشد الوطني والعشائري لمقاتلي وابناء المدينة وبحماية ودعم واسناد جوي من قيادة التحالف الدولي .
10.يسعى الاكراد للسيطرة على جميع مناطق سهل نينوى وهي منطقة جغرافية تابعة لمحافظة نينوى وتقع شمال وغرب مدينة الموصل وتتألف من ثلاثة اقضية هي (الحمدانية والشيخان وتلكيف ) وتابع لها مناطق (برطلة وعين سفني وبعشيقة وكرمليس وتلسقف والقوش) ثم استهداف وجود مقاتلي الدولة فيها وبسط نفوذهم وسيطرتهم في هذه المناطق ثم التقدم باتجاه مدينة الموصل والدخول اليها بعدة محاور وبالتنسيق مع المحور الجنوبي الذي يتقدم من ناحية القيارة .
هذه هي أهم المحاور وصور الاستحضارات العسكرية ودوافع استعادة مدينة الموصل وصور المواجهة الاولى فهل تتمكن القطعات العسكرية والامنية والقوات الكردية من تنفيذ صفحاتها القتالية وبمساعدة القوات الاميركية وقيادة التحالف الدولي ،أم سنرى هناك مفاجآت ميدانية ومواجهات عسكرية وعمليات خاصة انغماسية من قبل مقاتلي التنظيم لايقاف تقدم القطعات العسكرية ومنعها من تحقيق اهدافها باستعادة مدينة الموصل؟
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية