تعد منظمة المؤتمر الإسلامي، أكبر تجمع إسلامي، وإن كانت لا تضم جميع الدول الإسلامية، فهي تضم في عضويتها 57 دولة عضوا موزّعة على أربع قارات، وهي كذلك ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة. وتبقى المنظمة، على الرغم من كون قراراتها بمثابة توصيات، تبقى الصوت المعبّر عن رغبات وتطلعات أكثر من مليار مسلم في العالم، يحملون هموما وتحديات مختلفة، خاصة مع تزايد الإرهاب الذي يحاول التخفي تحت مظلة الإسلام.
قيادة تركيا لمؤتمر قمة إسطنبول
بعد أن تسلّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قيادة مؤتمر القمة الـ13 لمنظمة التعاون الإسلامي، من ممثل جمهورية مصر، الذي انطلق قبل يومين في مدينة إسطنبول التركية وانتهى مساء أمس، وكان تحت شعار: “الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام”، ويشارك فيها ممثلون عن أكثر من 50 دولة إسلامية بينهم نحو 30 زعيما، طرح أردوغان في خطابه أمنيات الشعوب المسلمة التي تدفع ثمن الإرهاب، حيث يكافح الملايين منها من أجل البقاء، ويتوقون للسلام والأمان والكرامة الإنسانية.
حيث قال “علينا إيجاد الحلول للإرهاب والأزمات الأخرى القائمة في الدول الإسلامية بأنفسنا؛ وذلك من خلال التحالف الإسلامي ضد هذه الظاهرة، بدلا من انتظار تدخل القوى الأخرى.”
وانتقد أردوغان ما وصفه بـ”ازدواجية” المجتمع الدولي في إدانة ومواجهة الإرهاب، مستطردا في هذا الصدد “نشعر بالأسف بسبب المواقف المتناقضة التي تتعاطف مع ضحايا هجمات باريس وبروكسل، ولا تأتي على ذكر ضحايا هجمات أنقرة وإسطنبول ولاهور (في باكستان). يجب مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية بنفس العزيمة”.
لقد أظهرت مؤتمرات القمة الإسلامية منذ تأسيس المنظمة في 1969 على إثر حرق المسجد الأقصى، اهتماما قويا بمشاكل الأمة الإسلامية، ابتدأت برفض وإدانة جريمة حرق الأقصى مرورا بالمساندة الكاملة والفعّالة لمصر وسوريا والأردن والشعب الفلسطيني، لاسترجاع جميع أراضيهم المحتلة في قرارات قمة 1974، وكذلك قرارات 1984 التي رفضت السيطرة الإسرائيلية على الجولان، وفي قمة 1994 كان أبرز ما فيها دعم البوسنة والهرسك وتحقيق سيادتها، وفي قمة 2003 مطالبة المجتمع الدولي بإجبار إسرائيل على وقف بناء وإزالة الجدار العنصري الذي يلتهم الأراضي الفلسطينية وأخيرا قمة 2013 وهي أول قمة إسلامية بعد أحداث الربيع العربي، وكان من أبرز قراراتها احترام وحدة سوريا، ودعوة النظام السوري للتحلّي بالحكمة، وتجنيب سوريا خطر الحرب الأهلية بتشكيل حكومة انتقالية.
أبرز فقرات البيان الختامي لقمة إسطنبول
تواجه قمة إسطنبول ظروفا صعبة متمثلة بتحرّك الإرهاب الذي يضرب المنطقة العربية وتوظيفه لتقسيم المنطقة مذهبيا وعرقيا، لذلك أشار البيان الختامي إلى أبرز تحد يواجه سياسة المنظمة التي تنتهج الأسلوب السلمي والتفاهم بين أعضائها، وهو سياسة إيران تجاه جيرانها من الدول العربية، حيث أدانت القمة الاعتداء الذي تعرّضت له بعثتا السعودية الدبلوماسيتين في طهران ومدينة مشهد، شمالي إيران، في يناير/كانون الثاني الماضي، وعدّته “خرقا” لاتفاقية فيينا للعلاقات الدولية، وللقانون الدولي.
وأكّدت على أهمية أن تكون العلاقات القائمة بين الدول الإسلامية وإيران “قائمة على حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها، وحل الخلافات بالطرق السلمية، والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها”. وهو ما أثار حفيظة الرئيس روحاني الذي لم يحضر جلسة قراءة البيان.
وتضمّن البيان أيضا، دعوة أرمينيا إلى “سحب قواتها فورا وبشكل كامل” من إقليم “قره باغ” الأذربيجاني، ودعما لـ”القضية العادلة للمسلمين القبارصة الأتراك”، والمفاوضات الأممية من أجل تسوية شاملة لها.
وكذلك دعما لتسوية الأزمة السورية وفق بيان “جنيف”، والعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة لتحقيق انتقال سياسي يقوده السوريون.
وفي هذا السياق، دعت القمة المجتمع الدولي والدول الأعضاء في منظمة التعاون، إلى دعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين بأقصى سرعة ممكنة.
وأكّدت القمة على “مركزية” قضية فلسطين والقدس الشرقية بالنسبة للأمة الإسلامية، وأعلنت “دعمها المبدئي لحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف؛ بما في ذلك حق تقرير المصير، وإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي المحتلة قي يونيو/حزيران 1967”. وأيضا “دعم الشرعية الدستورية” في اليمن، التي قال بيان القمة إن الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، “يمثلها”.
مظفر مؤيد العاني
تركيا بوست