“القبعات الخضر”…من مناطق التمرد بإيران إلى الميدان السوري

“القبعات الخضر”…من مناطق التمرد بإيران إلى الميدان السوري

349
منتصف شهر مارس/آذار الماضي، خرج المساعد المنسق لقائد القوات البرية التابعة للجيش الإيراني أمير علي آراسته، ليتحدث عن احتمال إرسال عناصر تابعة للقوات الخاصة في الجيش المعروفين باسم “القوات ذات القبعات الخضر” لتقديم الاستشارات العسكرية ميدانياً في كل من سورية والعراق، للمرة الأولى. يومها كانت هذه القوات تجري تدريبات خاصة ومكثفة، قال عنها آراسته إنها لا تتعلق بمهمة سورية والعراق، لكنها تدريبات اعتيادية. ولم تكد تمر سوى فترة قصيرة حتى أعلن الجيش الإيراني رسمياً عن بدء إرسال عناصر تابعة للواء 65، الذي يمثل القوات البرية الخاصة في الجيش الإيراني، لتنضم إلى العسكريين الإيرانيين المتواجدين أصلاً في سورية منذ سنوات، وهؤلاء من مؤسسة الحرس الثوري، أو من قوات التعبئة المعروفة باسم “البسيج”، فضلاً عن وجود متطوعين تصفهم البلاد بـ”المدافعين عن الحرم”، والمقصود به مرقد السيدة زينب في دمشق.

وتوضح مصادر لـ”العربي الجديد” أن إرسال هذه القوات الخاصة، جاء بناء على طلب من قوات النظام السوري، حين بدأت بشن حملة قوية لاستعادة مناطق من حلب، على أن تكون العملية التالية لها في إدلب وما حولها.
وكان لدخول القوات الخاصة الإيرانية إلى سورية صداه البالغ، وهي التي تسمى بالفارسية اصطلاحاً “نوهد” وهي اختصار لكلمات تعني بالعربية “القوات الخاصة المحمولة جواً”. يعود تشكيل هذه القوات في الجيش الإيراني إلى العام 1953.

يومها تم إرسال عشر قادة عسكريين تابعين للقوات الجوية وللقوات البرية على حد سواء إلى فرنسا، فتلقوا أولى الدورات التدريبية للقفز المظلي هناك، وعادوا بعد ذلك إلى بلادهم مع خبراتهم حديثة العهد ليشكلوا فرقة القفز المظلي.
بعد سبعة عشر عاماً من هذا التاريخ، وتطوير مهام الفرقة تدريجياً، تحوّل اسمها إلى اللواء 23 للقوات الخاصة المحمولة جواً، وأضيفت إليها فرق أخرى منها ما تخصص بتحرير الرهائن، ومنها ما تعلق بالحروب غير المنظمة، وحروب الشوارع والعصابات، فضلاً عن تأسيس وحدات الدعم النفسي التي انضمت بدورها للواء أيضاً.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979، قرر النظام الحاكم الجديد الاحتفاظ بهذا اللواء الخاص، فتولى أفراده المهمات والعمليات الخاصة في مناطق خوزستان جنوباً، وسيستان وبلوشستان جنوب شرقي البلاد، حيث وقعت تحركات انقلابية حاولت إجهاض الثورة في حينه.
في 14 يوليو/تموز عام 1980، طالب الرئيس الحالي حسن روحاني، والذي كان عضواً في مجلس الشورى الإسلامي في حينه، بحلّ هذا اللواء. لكن وزير الدفاع آنذاك مصطفى شمران عارض الأمر بشدة.

خلال الحرب العراقية الإيرانية، أي فترة ثمانينيات القرن الماضي، بات هذا اللواء خاصاً بقوات المغاوير وتم تطوير عمله بشكل لافت. كما تولى مهمات عديدة ضد تنظيم “مجاهدي خلق” المعارض خلال سنوات فائتة. وقرر الجميع الاحتفاظ بما بات يسمى باللواء 65 وفصله عن الكتيبة 23، وبسبب لباسهم الأخضر الخاص، أصبحوا معروفين باسم القوات ذات القبعات الخضر. وقد اقترح قائد القوات البرية التابعة للجيش، أمير رضا بوردستان، على قائد الجيش عطاء الله صالحي، تعيين نوذر نعمتي قائداً للواء قبل أكثر من عام من الآن، وهو ما تم بالفعل.
شارك اللواء 65 في عدد من المناورات، فضلاً عن إرسال عناصر منه لمهام في خليج عدن، برفقة سفن حربية إيرانية جالت في المياه الحرة الدولية بهدف تعزيز القدرة العسكرية وإجراء تدريبات عملية.

يتولى هذا اللواء مسؤولية حرب العصابات والقفز المظلي في المناطق البرية والبحرية، ويتدرب أفراده على هذه العملية بالذات خلال دورة مكثفة تستمر لستة أشهر. كما يخضع عناصر الجيش الذين يسمح لهم بالانضمام للواء القوات الخاصة إلى دورات أخرى، منها ما يتعلق بالعمليات النفسية وهي الأساليب التي تمارس ضد العدو المفترض. كما يخضعون لدورات صحافية، فضلاً عن تدريبات صحية، وتلك المتعلقة بالاتصالات، التدمير، جمع المعلومات واستخدام الأسلحة الفردية والجماعية. ويضاف إلى ذلك أساليب الحرب على الإرهاب، ودورات الغوص والمداهمة وتفكيك الألغام.
وبحسب ما ينقل موقع “افتاب نيوز” عن قائد اللواء نوذر نعمتي، فإن الأسلحة التي توضع بخدمة هذا اللواء تعتمد على نوع المهمة التي تقع على عاتقه، فضلاً عن تأكيده على وجود وحدات قناصة مدربة تنتمي لهذا اللواء، وتستخدم في حال الحاجة إليها.
وعلى الرغم من التأكيدات الرسمية الإيرانية على إرسال عناصر من هذه القوات إلى سورية، يتحدث بعض القادة العسكريين الإيرانيين أن مهامهم تنحصر بتقديم استشارات عسكرية لا قتالية.
وقد أوضح قائد الجيش الإيراني، عطاء الله صالحي، في تصريحات نقلتها عنه وكالة “أنباء فارس” الأربعاء، أن مؤسسة الجيش ليست المسؤولة عن إرسال هذه العناصر لسورية، بل تقع هذه المهمة على عاتق مؤسسة أخرى، لم يحددها، وهي التي تنظم إرسال المستشارين. ولفت إلى أن هذه العناصر تذهب طوعا إلى سورية، مؤكداً أن من هؤلاء المستشارين العسكريين من ينتمي للواء 65، ومنهم من ينتمي لفرق عسكرية أخرى.
تصريحات مماثلة أخرى جاءت على لسان المساعد المنسق لقائد القوات البرية التابعة للجيش، أمير علي آراسته، الذي قال لموقع “تسنيم” الإيراني في وقت سابق إن المستشارين ليسوا من القوات الخاصة وحسب. وكان قائد القوات البرية في الجيش أحمد رضا بوردستان قد قال أيضاً إن الجيش الإيراني سينضم لمساعدة قوات الحرس الثوري في سورية إن اقتضت الحاجة.
من جهته، اعتبر نائب قائد الحرس حسين سلامي، في وقت سابق أنه لا يمكن للمستشارين العسكريين أداء مهامهم من خلف أبواب مغلقة، قائلاً إن عليهم التواجد في الميدان في سورية، فقدم المبرر لسقوط قتلى من هؤلاء العسكريين الإيرانيين. وكان قائد القوات البرية التابعة للحرس محمد باكبور قد ذكر أن قوات برية تابعة للواء “الصابرين” في الحرس قد توجهت أيضا لسورية، وكل هذا يدل على محاولات تكثيف العمليات البرية في سورية.
ومنذ الإعلان عن إرسال قوات القبعات الخضر لسورية، أعلنت البلاد عن مقتل أربعة منهم، كان أولهم الملازم الثاني محسن قطاسلو، فيما أعلنت مواقع عن مقتل خامس مستشاري القوات الخاصة وهو النقيب حمد الله بخشنده، إلا أن مواقع ثانية نفت الخبر قائلة إنه مصاب. كما نقلت مواقع إيرانية الأربعاء خبر مقتل كل من صادق شيبك وحسين همتي وهما أيضاً من اللواء 65.

فرح الزمان شوقي

صحيفة العربي الجديد