غداً أو بعد غد أو بعد أسبوع أو شهر، سيلتئم مجلس النواب من جديد في اجتماع كامل ليواصل أعماله المعتادة، إنْ بهيئة رئاسته الحالية المغضوب عليها من النواب المعتصمين الداعين لإقالتها، أو بهيئة رئاسة جديدة يجري التوافق عليها إجماعياً أو من الأكثرية الساحقة.
من طبيعة الأمور أن يتوصّل الطرفان المنقسمان في المجلس إلى حلٍّ وسطٍ يتيح استئناف الحياة البرلمانية، فكل مشكلة لها حلّ، والمشكلة الحالية ليست استثناءً، وحلّها ينتظر اللحظة المناسبة التي ستحين في يوم من الأيام المقبلة، ينتهي معه الاعتصام البرلماني الحالي فتعود الأمور إلى طبيعتها تحت قبّة البرلمان.
ليس فقط نوّاب الأقلية المعتصمة، وإنما أيضاً الأغلبية منهم وربما بأجمعهم، دعوا وأعادوا الدعوة في الأيام الاخيرة، وبخاصة في ذرة خلافهم وانقسامهم، إلى إصلاح العملية السياسية وإلغاء نظام المحاصصة الذي قامت عليه هذه العملية منذ ما قبل عشر سنين. لم يبق أحد من أفراد الفريقين لم يرفع شعار الإصلاح ومغادرة نظام المحاصصة.
الاجتماع المقبل سيكون اختباراً حاسماً لأعضاء المجلس جميعاً.. مَنْ مِنهم بعَوْرة ومَنْ مِن دون عَوْرة، والأخير هو النائبة التي، أو النائب الذي سيطرح في الدقائق الأولى لبدء الاجتماع موضوع إلغاء المحاصصة في تشكيل هيئة الرئاسة تمهيداً لإلغائها عند تشكيل الحكومة الجديدة لاحقاً… النوّاب الذين من دون عورة سيقترحون انتخاب هيئة رئاسة على أساس مخالف للصيغة الراهنة التي تُوجب – مِن دون أيّ سند دستوري، بل بخرقٍ سافرٍ لأحكام الدستور- أن يكون رئيس المجلس عربيّ القومية مسلم الديانة سنّي المذهب، والنائب الأول له عربياً مسلماً شيعيّ المذهب والنائب الثاني كردياً مِن دون اعتبار لديانته ومذهبه … النواب الذين من دون عورة سيقترحون، بدلاً من ذلك، أن يجري انتخاب أعضاء هيئة الرئاسة على وفق اعتبارات الكفاءة والمهنية والنزاهة فيُصبح متاحاً لجميع الأعضاء البالغ عددهم 328 الترشُّح للمناصب الثلاثة. .. والنواب الذين من دون عوْرة يمكن أيضاً أن يقترحوا نظاماً بديلاً لانتخاب هيئة الرئاسة يتوافق هو الآخر مع أحكام الدستور التي قرّرت أنّ العراق يتشكّل من قوميتين رئيسيتين هما: العرب والكرد ومن قوميات أخرى هي، التركمان والكلدان والآشوريون والأرمن، وعلى هذا سيُصاغ الاقتراح بأن يكون رئيس المجلس عربياً والنائب الأول كردياً والنائب الثاني إما تركمانياً أو كلدانياً أو آشورياً أو أرمنياً، من دون أيّ اعتبار لديانة أيّ منهم ومذهبه.
النوّاب الذين لا يقبلون بأيٍّ من هاتين الصيغتين هم من ذوي العَوْرات .. إنهم محاصصاتيّون إلى النخاع، وكلّ كلامهم عن الإصلاح وإلغاء المحاصصة ومكافحة الفساد الإداري والمالي ليس سوى محض أكاذيب وشعارات فارغة، يُراد بها الضحك على الذقون.
في الاجتماع البرلمانيّ المرتقب غداً أو بعد شهر، سيَبانُ لنا كم عضواً في برلماننا من دون عَوْرة، وكم بعَوْرة.
عدنان حسين
صحيفة المدى