بعد مرور شهرين على الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية في إيران، من المقرر إجراء انتخابات الإعادة الحاسمة لملء المقاعد الشاغرة في 29 نيسان/أبريل. وتنص المادة 9 من قانون انتخابات «مجلس الشورى الإسلامي» بأنه يجب على المرشحين أن يحصلوا على ما لا يقل عن رُبع جميع الأصوات المدلى بها من أجل الفوز في مناطقهم بصورة مطلقة؛ كما أن بعض الفائزين في انتخابات شباط/فبراير لم يستوفوا هذه العتبة، الأمر الذي استلزم إجراء انتخابات إعادة لبعض المناطق لشغر المقاعد في البرلمان الجديد المؤلف من 290 مقعداً.
ملخّص الجولة الأولى
في 26 شباط/فبراير، أُجريت الجولة الأولى من الانتخابات لـ «مجلس الشورى» و«مجلس الخبراء». وقد أشاد شتّى المسؤولين، بمن فيهم الرئيس حسن روحاني وآية الله علي خامنئي، بنسبة المشاركة المرتفعة، التي توقعت الحكومة أن تبلغ 62 في المائة في جميع أنحاء البلاد و 50 في المائة في طهران، أي ما مجموعه 36 مليون شخص شاركوا في التصويت. وتُشابه النسبة في جميع أنحاء البلاد تلك التي ذكرتها التقارير في انتخابات «مجلس الشورى» عام 2012.
وفي البداية، كان من المقرر أن تُغلق صناديق الاقتراع في الساعة السادسة مساءً من يوم الانتخابات، ولكن وزارة الداخلية أصدرت عدة تمديدات لإبقائها مفتوحة حتى الساعة العاشرة مساءً. وعلى الرغم من توزيع ما مجموعه 130 مليون ورقة اقتراع لانتخابات «مجلس الشورى» و«مجلس الخبراء»، بدا أن بعض مواقع الاقتراع كانت تعاني من نقص في صناديق التصويت. وقال إشعار الانتخابات التي أصدرته الوزارة في حوالي الساعة 1:45 بعد الظهر: “نظراً للوجود المتحمس والمَلحمي للأمة الإيرانية … من الضروري لمراكز التصويت أن تقوم بِعَد أوراق الاقتراع غير المستخدمة، وإذا ما وجدت نقصاً فيها، عليها الاتصال بالمسؤولين المحليين لمعالجة النواقص في هذه الأوراق”.
إن البيانات الصادرة عن “مكتب الحاكم العام لطهران” – المؤسسة الوحيدة المسؤولة عن نشر النتائج الكاملة لجميع المرشحين لـ «مجلس الشورى» البالغ عددهم 1021 شخصاً والذين يتنافسون في المنطقة الرئيسية في طهران، أكبر مناطق إيران – تشير إلى أنه لم يكن هناك سوى 31 مرشحاً جدّياً للمنطقة التي يبلغ عدد مقاعدها 30 مقعداً. ووفقاً لوزارة الداخلية، تم وضع شاغل المنصب الحالي المحافظ البارز هادي عادل في المرتبة الواحد والثلاثين ولكنه فشل في الفوز بمقعد في «المجلس»، رغم حصوله على ما يقرب من نفس عدد الأصوات التي حصل عليها في انتخابات عام 2012، عندما فاز بأعلى الأصوات في المنطقة.
وعلى غرار الانتخابات السابقة لـ «مجلس الشورى»، صادق «مجلس صيانة الدستور» على نتائج الجولة الأولى عن طريق نشر إعلانات رسمية في الفترة بين 14 آذار/مارس و 13 نيسان/أبريل. وفي انتخابات عام 2012، التي جرت في 2 آذار/مارس من ذلك العام، تم التصديق على النتائج الأولية خلال مراحل، بين 4 آذار/مارس و 8 نيسان/أبريل. كما تطلبت تلك الانتخابات أيضاً إجراء جولة ثانية من التصويت لما يقرب من خُمس عدد مقاعد «مجلس الشورى»، وإجراء انتخابات الإعادة في 4 أيار/مايو.
إجراءات انتخابات الإعادة
سوف تحدد الجولة الثانية نتائج الانتخابات لـ 69 مقعداً من مقاعد «مجلس الشورى» المنتشرة في جميع أنحاء الدوائر الانتخابية البالغ عددها 56 دائرة موزعة على 21 محافظة من محافظات إيران الواحدة والثلاثين. وفي 21 نيسان/أبريل، بدأت فترة العشرة أيام من حملة الانتخابات الرسمية التي من المقرر أن تنتهي في الساعة 8 من صباح 28 نيسان/أبريل. ولا يحق للمواطنين المُلصق على وثيقة هوياتهم (“شناسنامه”) طابع منطقة معينة، التصويت في منطقة مختلفة في الجولة الثانية. أما المواطنين الذين لا يوجد على هوياتهم أي طابع، فيحق لهم التصويت في أي منطقة في الجولة الثانية. ووفقاً لوزارة الداخلية، سوف يفحص نظام مراقبة إلكتروني رقم الهوية الوطنية لكل ناخب للتحقق من عدم إدلاء هؤلاء الناخبين بأصواتهم في منطقة مختلفة في الجولة الأولى.
وعادة ما يكون الإقبال على الجولة الثانية من التصويت في الانتخابات الإيرانية أقل مما هو عليه في الجولة الأولى. ووفقاً لنائب وزير الداخلية محمد حسين مُقيمي، سيتم فتح15,800 موقع اقتراع؛ وتؤكد مصادر أخرى بأنه سيتم أيضاً استخدام محطات اقتراع متنقلة كما حدث في الانتخابات السابقة. وأشار المتحدث باسم وزارة الداخلية حسين علي العامري بأنه يتم طبع 19 مليون ورقة اقتراع جديدة لاستخدامها حصراً في انتخابات الإعادة.
عكس إحدى النتائج في أصفهان
في 18 آذار/مارس، أعلن العامري أنه “لا يتم التحقيق في نزاهة الانتخابات في أصفهان، على الرغم من إمكان تغيير أحد الفائزين في هذه المنطقة.” وكانت وكالات الأنباء الإيرانية الكبرى قد ذكرت في 22 آذار/مارس، نقلاً عن أحد المصادر قوله بأن “«مجلس صيانة الدستور» قد استبعد مينو خالقي، التي انتُخبت من قبل سكان أصفهان”.
وفي 29 شباط/فبراير أعلنت وزارة الداخلية النتائج النهائية للمقاعد الخمس في منطقة أصفهان، على الرغم من أن الأعضاء الأقوياء الاثني عشر في «مجلس صيانة الدستور» لم يكونوا في تلك المرحلة قد أكدوا بَعْدْ انتخاب أولئك الخمسة. وبالمثل، تضمّن الموقع الإلكتروني لنائب الرئيس لشؤون المرأة والأسرة في إيران فوز خالقي في العد الذي أجراه لأربعة عشر إمرأة كانوا قد فُزن في انتخابات الجولة الأولى. وحتى كتابة هذه السطور، لا يوجد أي تفسير رسمي لتنحيتها ولا أي ذكر لذلك على الموقع الإلكتروني لـ «مجلس صيانة الدستور». وتشير بعض المصادر إلى أنه قد تم إرسال صورة لها إلى «المجلس»، تَظهر فيها دون حجاب أو تصافح يد رجل، لكي تكون سند حقيقي على ما قامت به، وكلاهما غير قانوني. وفي هذا الصدد، بعثت مجموعة إصلاحية في أصفهان رسالة مفتوحة إلى الرئيس روحاني طلبت منه التدخل نيابة عنها، إلا أنه لم يُعلق علناً على هذا الموضوع. وعلى الرغم من أن بعض التقارير الأولية قد ذكرت أنه سيتم ملء مقعد خالقي خلال الانتخابات النصفية عام 2017، إلا أن التغطيات الصحفية الأخيرة – في أعقاب اجتماعات جرت بين «مجلس صيانة الدستور» ووزارة الداخلية – تشير إلى أنه من الممكن أن يُمنح المقعد إلى المرشح السادس في المنطقة، علي رضا آجوداني .
وأجرت مناطق أخرى إعادة حساب الأصوات، بما فيها “ماكو”، و”مشهد”، و “بوير أحمد”. وفي “ماكو”، انحصر السؤال حول ما إذا كان المرشحون الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات قد استوفوا الحد الأدنى من الأصوات البالغ 25 في المائة. وقد نجمت إعادة حساب الأصوات في “مشهد” و”بوير أحمد” عن شكوى المرشحين من حدوث مخالفات انتخابية.
الانتماء السياسي
من غير الواضح تماماً ما هي الانتماءات السياسية للمرشحين في انتخابات الإعادة. ففي 9 نيسان/أبريل، أشارت بعض وسائل الإعلام أن “قائمة الأمل” – كتلة مرتبطة بروحاني وبالرئيسين السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي – ستكون ممثلة بـ 68 مرشحاً، إلا أن مصادر أخرى نشرت أقل من هذه الأرقام. بالإضافة إلى ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان جميع المرشحين الواردة أسماؤهم في هذه التقارير قد تلقوا دعماً من “قائمة الأمل” في الجولة الأولى من الانتخابات. وقد أشارت وكالة الأنباء شبه الرسمية “فارس” أن 25 من شاغلي المناصب الحاليين يتنافسون في انتخابات الإعادة. كما أدرجت 70 من شاغلي المناصب الذين فازوا بالفعل في الجولة الأولى و 115 الذين خسروا مقاعدهم.
ويمثل تحديد التوجه السياسي للفائزين في الجولة الأولى تحدياً هو الآخر، ويرجع ذلك جزئياً لأن الكتلة “الأصولية” المحافظة وفصيل (كتلة) الإصلاحيين استمرّا في إضافة مرشحين لقائمتيهما إلى حين وقت قصير من موعد الانتخابات في شباط/فبراير. وهناك نكتة سياسية شائعة في إيران، بأن “حزب آباد”، الذي يُترجم حرفياً إلى “حزب الريح” هوالحزب الأكثر شعبية [في البلاد]، وغالباً ما يُستخدم لوصف الانتهازيين السياسيين الذين يحوّلون انتمآتهم في الانتخابات المختلفة. ويبدو أن نتائج الجولة الأولى لـ “قائمة الأمل” تعكس النكتة القائلة بأن: من بين الفائزين الأربع وثمانين المدرجة أسماءهم على موقع الكتلة، ظهرت أسماء إحدى عشر شخصاً من بينهم في قوائم أخرى أيضاً، وفي بعض الحالات مع أجندات سياسية متعارضة (لمعرفة المزيد عن ظاهرة تعدد الأسماء في القوائم [المختلفة]، إقرأ المرصد السياسي 2582، “الإصلاحيون يعتمدون نظرية “أهون الشرور” في الانتخابات الإيرانية“). وبالمثل، حدد “مراقب «مجلس الشورى»” 80 فائزاً من تلك القائمة، في حين ذكرت “وكالة انباء الطلبة الايرانية” ان 75 “أصولياً”، و 83 إصلاحياً، و 58 مرشحاً غير منتسب قد فازوا بمقاعد في«المجلس» .
ويُفترض أن تصبح الصورة أكثر وضوحاً بعدَ أن يعقد «مجلس الشورى» الجديد جلسته الأولى، المقررة حالياً في السابع والعشرين من أيار/مايو. وفي ذلك الحين، سيصوت الأعضاء لاختيار رئيس «المجلس». وعادة ما تم الطعن في الماضي في انتخابات الرئيس، الأمر الذي يكشف الكثير عن القوة النسبية للكتل المختلفة. وتؤكد العملية أيضاً حقيقة أن الكتل البرلمانية الإيرانية هي تحالفات فضفاضة تميل إلى تشكيل [إئتلافاتها] وتغييرها وفقاً للقضايا الفردية.
باتريك شميدت
معهد واشنطن