يزداد المشهد الانتخابي الاميركي غرابة وشراسة مع مرور كل يوم، ومع كل كلمة ينطق بها المرشح المفترض للحزب الجمهوري دونالد ترامب الذي يصر على جر البلاد الى أدنى مستوى ممكن من السفالة والكراهية. لم يسبق للبلاد ان شهدت مثل هذا الخطاب الانتخابي الكريه منذ الحملات الانتخابية للمرشح العنصري وحاكم ولاية الاباما جورج والاس في ستينات القرن الماضي وآخرها في 1972. وأدى الاستغلال البشع لدونالد ترامب لمجزرة أورلاندو لتجديد اتهاماته للمسلمين في الخارج دون استثناء بانهم يدعمون الارهاب، وتشكيكه الرخيص بولاء المسلمين الاميركيين لبلادهم، وحتى تشكيكه الصارخ في ولاء الرئيس أوباما نفسه لاميركا وتلميحه انه متعاطف مع الارهابيين، الى اشاعة أجواء محمومة بالخوف والقلق والاستهجان.
غرابة المشهد الانتخابي بدت واضحة للغاية عندما شن الرئيس أوباما والمرشحة المفترضة للحزب الديموقراطي هيلاري كلينتون وغيرهما من القادة الديموقراطيين هجمات قوية منسقة على ترامب، وقت نأى قادة الحزب الجمهوري بانفسهم عن ترامب الذي بدا وحيداً في الحلبة يتلقى اللكمات المتتالية. وتأتي هذه التطورات على خلفية اتساع الهوة بين كلينتون وترامب، اذ أظهرت استطلاعات الرأي ان كلينتون تتقدم خمس نقاط ترامب في 11 ولاية تعتبر محورية للفوز في الانتخابات.
وسلوك ترامب المبني على سياسة التخويف وشيطنة الاخرين والتمييز ضدهم والتشكيك في جدوى التعددية الثقافية، يتعارض الى حد كبير مع القيم الاميركية وخصوصاً في العقود الاخيرة في ضوء التحولات الديموغرافية والاجتماعية التي شهدتها البلاد. ولا يكتفي ترامب بشيطنة المسلمين والمكسيكيين والمهاجرين بل انه، على عكس بعض السياسيين الذي يبالغون في الاخطار أو مزاياهم وسجلهم، يكذب بشكل سافر لا يعرف الخجل. فهو يتهم الرئيس أوباما بادخال عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الى أميركا، بينما الواقع انه تم استيعاب 2805 لاجئين فقط من العدد الذي حدده الرئيس أوباما في السنة المالية الراهنة، أي 10 آلاف لاجئ. وادعى ترامب ان عمر متين المسؤول عن مجزرة أورلاندو “افغاني” على رغم انه من مواليد نيويورك، من ابوين افغانيين. ويتهم ترامب كلينتون بانها تؤيد اعتماد سياسية هجرة تسمح بمجيء جهاديين محتملين الى اميركا، ويدعي ان ذلك بمثابة حصان طروادة رهيب.
مواقف ترامب الاخيرة تسببت بحال من الرعب في أوساط قادة الحزب الجمهوري ودفعت رئيس مجلس النواب بول رايان الى القول إن فرض الحظر على المسلمين “لا يعكس مبادئنا”، وقال السناتور الجمهوري رون جونسون إن اتهامات ترامب لاوباما “مهينة”. وتبين مختلف المؤشرات ان ترامب لن يغير أسلوبه ونبرته، مما يعني انه سيتسبب بكارثة للجمهوريين في الانتخابات.
هشام ملحم
صحيفة النهار