مبروك عليكم أن تنظيم «داعش» يوشك أن ينتهي ويرتاح العالم من شرهم، هذا ما بشرنا به الأميركان والأوروبيون بعد أن ادعوا أنهم قد حرروا الرمادي والفلوجة في العراق، ومنبج والقامشلي في سورية، وبدأ الزحف الأخير على الموصل والرقة لتقويض عواصم «داعش»!!
هل نفرح ونشعر بأن مشكلة العصر قد انحلت وإن ذلك الكابوس الذي جثم على صدورنا ثلاث سنوات قد انزاح، أم ننتظر مفاجأة جديدة تنسينا ما تكابدناه من مآسٍ كما حدث بعدما حلّ «داعش» مكان تنظيم القاعدة؟!
وهل أخذوا الإذن من إيران لكي تتوقف عن دعم «داعش» أو تسخيرها لضرب وحدة المسلمين؟!
لقد أصبحت اللعبة مكشوفة، وتبين بوضوح بأن «فرانكشتاين» الذي صنعوه ليحقق ما يطلبونه منه قد بدأ يتخبط في أفعاله ويزيد على القائمة المكتوبة له لينفذها!!
أرسل لي أحد الإخوة رسالة يقول فيها: هل تعتقد بأن تكثيف «داعش» عملياته على فرنسا في الآونة الأخيرة مردّه إلى إعلانها عن مبادرة لحل القضية الفلسطينية، وعقدها مؤتمراً لرؤساء الدول ثم تخلف الكيان الصهيوني والقيادة الفلسطينية عن المشاركة فيه وهاجمه نتنياهو بشدة، وكذلك بسبب استضافتها لمؤتمر المعارضة الإيرانية وغضب إيران عليها؟!
قلت لهذا الأخ بأني لا أستبعد شيئاً، ففرنسا على الرغم من انسياقها مع الترتيبات الدولية التي تصب في مصلحة النظام العالمي ولا تتخلف عنه، لكن يبدو أنها قد تخطت بعض الخطوط الحمراء التي لا يُسمح لها بتخطيها، لذلك فقد جاء الرد قوياً وصاعقاً إلى درجة الهجوم على كنيسة ونحر القسيس القائم عليها!!
إن هؤلاء المهيمنين على مجرى الأمور في كثير من بلدان العالم لا يتورعون عن تصفية أقرب المقربين إليهم وبث الفوضى والرعب في كل مكان من أجل تحقيق أحلامهم وهيمنة جمعياتهم السرية على مقاليد الأمور، وهو ما شاهدناه بوضوح من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا التي لا نشك بأنهم كانوا وراءها، وبالتالي تعطيل الدور التركي في دعم القضايا العربية والإسلامية إلى ما شاء الله!!
على ماذا يتناقش كيري ولافروف؟!
سؤال طالما سألته من دون أن أجد له جواباً: إذا كان العالم قد أوكل إلى الأمم المتحدة مسألة جمع الفرقاء السوريين من أجل التفاوض لحل مشاكلهم وتقرير مصير القضية السورية، وعقدوا لأجل ذلك «جنيف 1 و2 و3»، وغيرها من المؤتمرات، وإذا كان أصدقاء سورية يجتمعون دورياً لجمع التبرعات للسوريين، ويشارك الأميركان والروس في تلك المؤتمرات واللقاءات، فماذا يفعل كيري ولافروف في لقاءاتهما المتكررة والحديث عن تنازل أميركي للروس في سورية؟!
في تصوري فإن هذه ليست إلا «سايكس – بيكو» جديدة الهدف منها تقسيم سورية وتوزيع التركة بينهما، وهنالك مؤشرات كثيرة على ما نقول اهمها ان الاميركان قد صمتوا تجاه ما تفعله روسيا ضد السوريين في حلب ودرعا وحمص وغيرها، من قصف متواصل بالطيران وتعمد تدمير المستشفيات لدفع الشعب السوري إلى الهجرة خارج سورية، وحديثها المتواصل – أميركا – عن قرب التوصل إلى حل للقضية السورية، مع أن الواقع يكذب ذلك!!
البعض يتكلم عن خلافات داخل الإدارة الأميركية حول الحلول والموقف من المعارضة، وأنا لا أشك بأن هناك خلافاً حول المعارضة المعتدلة والمتطرفة، فالكل عندهم متطرفون ويستحقون الاستبعاد، وها هي جبهة «النصرة» قد فكت ارتباطها بـ «القاعدة» أملاً في أن ينظر لها الأميركان والروس نظرة اعتدال، ولكن ذلك أشبه بحكم إبليس في الجنة، وكل ما نقوله هو: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، فها هي سورية تضيع كما ضاعت فلسطين ونحن نتفرج!
وائل الحساوي
صحيفة الرأي الكويتية