العوامل الأكثر تأثيرا فى عملية التحول الديمقراطي

العوامل الأكثر تأثيرا فى عملية التحول الديمقراطي

ظهرت فى الفترة الأخيرة دراسات متعددة تحاول التعرف على العوامل الأكثر تأثيرا التى تمكن اللاعبين الخارجيين من إحداث التغيير فى دولة ما عن طريق ما يعرف بجهود نشر الديمقراطية (أو نشر الاستبداد أيضا).

ولا يزال الصراع السياسى بين الغرب وروسيا لبسط النفوذ على دول أوروبا الشرقية، محل أنظار العديد من الباحثين للتعرف على الدور الذى لعبته عوامل مثل الجغرافيا السياسية Geopoliticsمن ناحية، والدور الذى لعبته مكونات ما يعرف بـ «حراس البوابة» من الصفوة الداخلية (من حكام ومعارضين ورجال أعمال)، وعلاقاتها الخارجية، ودورها فى تمكين اللاعبين الخارجيين من ممارسة نفوذهم فى الداخل.

ونعرض هنا لدراستين حديثتين نشرتا فى مجلة الديمقراطية JournalofDemocracy، حيث تركز الدراسة الأولى على دور الجغرافيا السياسية فى عملية التأثير الخارجى ونشر الديمقراطية، بينما تركز الدراسة الأخيرة على دور «حراس البوابة» الداخلية من طبقة الصفوة باختلاف مكوناتها، وعلاقاتها الخارجية فى عملية التأثير الخارجى ونشر الديمقراطية من ناحية أخرى.

الدراسة الأولى:

«التأثير الخارجى وعملية التحول الديمقراطى»

انتقام الجغرافيا السياسية Geopolitics:

المؤلف:  غيا نوديا، مدير الكلية الدولية لدراسات القوقاز بجامعة ولاية إليا فى تبليسى بجورجيا، ورئيس معهد القوقاز للسلام والديمقراطية والتنمية، جورجيا.

المصدر: JournalofDemocracy, Volume25, Number4, October2014, pp. 139-150

الناشر: JohnsHopkinsUniversityPress

فى ظل الصراع السياسى القائم بين الاتحاد الأوروبى (والغرب) من ناحية، وروسيا، من الناحية الأخرى، للسيطرة على دول أوروبا الشرقية، والذى يصفه البعض بأنه صراع بين الديمقراطية والاستبداد، يرى مؤلف هذه الدراسة، غيا نوديا، أن النفوذ الذى كان يتمتع به الاتحاد الأوروبى، والذى نجح من خلاله فى ضم بعض دول أوروبا الشرقية إلى عضويته، ليس هو العنصر الوحيد فى حسم ذلك الصراع، فهناك النفوذ الروسى المضاد بحكم التاثير الجيوسياسى (geopolitical) الذى ساعد فى نجاح روسيا أخيرا فى ضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا.

ويعتقد نوديا أن الأزمة الأوكرانية الروسية الأخيرة قد قوضت العديد من الافتراضات التى كانت تتبناها الدول الغربية بشأن روسيا، لأن هذه الأزمة «ألقت بظلال من الشك، ليس فقط على الأفكار المتعلقة بروسيا، ولكن أيضا على بعض الأساطير الأساسية التى يقوم عليها المشروع الأوروبى بأكمله» كما يقول نوديا.

ويرى نوديا أن هذا الأمر له آثار مباشرة على النظريات الخاصة بنشر الديمقراطية ( (Democratization– فى الجوار الأوروبى على الأقل- لأن هذا المفهوم يرتبط بشكل وثيق بفكرة نشر النموذج الأوربى (Europeanization).

ويشير نوديا إلى الكتاب المهم للمؤلفين ستيفن ليفيتسكى، ولوكان واى (وهو كتاب بعنوان السلطوية التنافسية: الأنظمة الهجينة بعد الحرب الباردة – CompetitiveAuthoritarianism: HybridRegimesAftertheColdWar)، والذى حددا  فيه عنصر الروابط مع الغرب – خاصة الاتحاد الأوروبى- كأهم عنصر يمكنه أن يحدد نجاح أو فشل جهود نشر الديمقراطية فى دول الاتحاد السوفيتى السابق.

وبحسب نوديا، يبدو أن قصة الإحدى عشرة دولة التى كانت تحت حكم الاتحاد السوفيتى وانضمت إلى الاتحاد الأوروبى فى ثلاث موجات فى الفترة ما بين 2004  و2013 تؤكد هذا الافتراض الذى مفاده أن كل دولة تعزز مؤسساتها الديمقراطية فى إطار عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، ثم يدعم الاتحاد الأوروبى الشعور بأنه يعمل بحسم لصالح الديمقراطية فى هذه الدول. ولذا، يجب أن يصنف الاتحاد الأوروبى على أنه لاعب خارجى فعال فى عملية نشر الديمقراطية، على الأقل عندما تكون مسألة الانضمام إليه مطروحة على الطاولة.

ويقول نوديا إن العلاقة بين الاتحاد الأوروبى، وما يعرف بدول الشراكة الشرقية – أرمينيا، وجورجيا، ومولدوفيا، وأوكرانيا- كان يفترض أنها تسير فى نفس الاتجاه لكن فى عام 2013، حدث ما لم يكن متوقعا. فبرغم سنوات التحضير تلك، رفضت أرمينيا وبعدها أوكرانيا صفقة الاتحاد الأوروبى. وبدا جليا بعدها أن الاتحاد الأوروبى ونفوذه لم يكونا اللاعب الوحيد فى هذا المشهد، فقد كان هناك نفوذ مضاد وأكثر قوة، هو نفوذ روسيا على حكومتى البلدين.

ويرى نوديا أن هذا يعنى أن اختيار بعض الدول الاندماج مع الاتحاد الأوروبى، وهو الذى يشكل المصدر الأساسى لنفوذ الاتحاد، أصبح بمنزلة منافسة «جيوسياسية» مريرة بين الاتحاد الأوروبى (والغرب عموما) وروسيا، ويرى بعض الباحثين أن هذا يمثل صراعاً بين نشر الديمقراطية، ويمثله المعسكر الغربى، وبين نشر الاستبداد، ويمثله المعسكر الروسى.

ويرى نوديا أنه لا مفر من معضلة المصالح القومية مقابل الالتزام الأخلاقى بالديمقراطية. فإذا اتبعت الدول الغربية مصالحها القومية، فسوف تقابل بانتقادات شديدة بسبب دعمها للحكام المستبدين الذين تريد أن تبقى على علاقات جيدة معهم من أجل الحفاظ على تلك المصالح.

ويقول نوديا إنه فى محاولة لإيجاد حل لهذه المعضلة، قام تشالز كروثامر منذ عشر سنوات بصياغة تعبير «الواقعية الديمقراطية». فالغرب لا يمكنه أن يهاجم كل الأنظمة المستبدة فى كل مكان فى وقت واحد، لكن عليه أن يتعامل معها بشكل انتقائى بناء على مصالحه.

ومن وجهة نظر أوتوقراطية (أو الأنظمة المستبدة)، ليس هناك وجود لشىء مثل نشر الديمقراطية المثالى القائم على القيم، وإنما كل ذلك فى نظرهم مجرد نفاق، وأن الغرب يمارس لعبة القوى القديمة، لكنه يطلق عليها هذه المرة اسم «جهود نشر الديمقراطية».

لكن نوديا يطرح سؤالا مهما، وهو: لماذا تصبح بعض الدول ديمقراطية، بينما تفشل أخرى فى ذلك؟ ويرى أنه حتى الآن، لم تنجح الدراسات المتعلقة بالتحول الديمقراطى من طرح نظرية ذات مصداقية للإجابة على هذا السؤال، إذ لا تزال وجهة النظر الخاصة بمدرسة الحداثة منذ نحو نصف قرن من الزمن هى الأكثر اتساقا من الناحية المنطقية.

وتقول هذه النظرية إن مستوى مرتفعا من التنمية العامة بالتزامن مع وجود حرية اقتصادية سوف يقدم للمجتمع طبقة وسطى متعلمة ومتحضرة، والتى ستطلب فى النهاية من خلال عقليتها وعاداتها وجود مؤسسية للتعددية الديمقراطية.

ويبدو أن الحقيقة الواضحة التى تفيد بأن الدول الرأسمالية الغنية هى الأكثر احتمالا فى أن تكون ديمقراطيات مستقرة مقارنة بالدول الفقيرة أو التى تسيطر فيها السلطة الحاكمة على الاقتصاد، تعزز ذلك الرأى.

ويرى نوديا أن الأسطورة الأوروبية التى حطمتها الأزمة الأوكرانية تتلخص فى فكرة أن قيم أوروبا ومؤسساتها الديمقراطية يمكن أن تمتد وتنتشر دون أن تثير صراعا جيوسياسيا.

ويختتم نوديا دراسته بالتذكير بأن نشر الديمقراطية وتقدمها يمثل تهديدا للدول المستبدة، ويجب أن نتوقع منها رد فعل قوياً رفضا لذلك الاتجاه. ويرى نوديا أن ذلك يمثل درسا يجب أن يتعلمه اللاعبون السياسيون، بالإضافة إلى العلماء والباحثين السياسيين فى مجال دعم الديمقراطية.

الدراسة الثانية:

النفوذ الخارجى ونشر الديمقراطية: حراس البوابة والروابط

(GatekeepresandLinkages):

المؤلف: جاكوب تولسترب، الأستاذ المساعد فى العلوم السياسية بجامعة أرهوس، الدنمارك، ومؤلف كتاب (روسيا فى مواجهة الاتحاد الأوروبى: المنافسة على النفوذ فى دول ما بعد الاتحاد السوفيتى 2013).

المصدر:  JournalofDemocracy, Volume25, Number4, October2014, pp. 126-138

الناشر: JohnsHopkinsUniversityPress

يقول مؤلف هذه الدراسة، جاكوب تولسترب، إننا لا نزال فى حاجة لفهم أفضل للعوامل التى تجعل اللاعبين الخارجيين قادرين أو غير قادرين على دفع دولة ما نحو الديمقراطية أو الاستبداد.

ويشير تولسترب إلى دراسة ستيفين ليفتسكى، ولوكان واى، والتى يستخدمان فيها مفهومى «النفوذ» و «الارتباط» للإجابة على هذا السؤال. ويقول الباحثان إن القوة المطلوبة لامتلاك القدرة على التأثير مشروطة بما يلى:

-1 الاختلاف فى القوة بين اللاعب الخارجى والدولة المستهدفة (فيما يعرف بقوة النفوذ (leverage)

-2 كثافة وقوة الروابط بين هذين الطرفين (فيما يعرف بقوة الارتباطlinkage).

ويقول الباحثان إن قوة النفوذ ضرورية من أجل تدخل خارجى ناجح، لكن ذلك فقط عندما تكون القوة المجردة مدعومة بروابط سياسية، واقتصادية، واجتماعية قوية وكثيفة لدرجة تمكن اللاعبين الخارجيين من إحداث التأثير بشكل فعال.

لكن هذه النظرة تثير تساؤلا جديدا. فإذا كانت قوة العلاقة تمثل عاملا رئيسيا، فما الذى يحدد مدى كثافة هذه الروابط والعلاقات؟ ويرى  تولسترب هنا أن نظرية ليفتسكى، و واى تصبح أقل إقناعاً فى هذا الصدد. فمن وجهة نظرهما، الروابط هى متغير  هيكلى يتحدد فى الأساس من خلال الجغرافيا، والعلاقات التاريخية طويلة المدى.

وهذا يعنى أننا ينبغى أن نتوقع من اللاعبين الخارجيين أن يكونوا بارعين فى نشر الديمقراطية أو الاستبداد فقط فى الدول القريبة منهم أو التى تربطهم بها علاقات ثنائية قوية. لكن تولسترب يرى أنه رغم بساطة تلك الرؤية، فإنها رؤية غير ناضجة وليست متطورة. كما أنها لا تفسر تلك الحالتين اللتين تكون فيهما الدول قريبة جغرافيا وثقافيا (مثل الكوريتين)، لكنها تختلف بشكل كبير فيما يتعلق بعلاقاتها بالعديد من اللاعبين الخارجيين، أو التى تتعرض فيها قوة العلاقات الثنائية بين الدول إلى تغيرات جذرية (مثل ازدهار العلاقات الروسية – الفنزويلية منذ عام 2000).

ويقول تولسترب إنه يعتقد أن مستويات الارتباط  يمكن بالفعل أن تتغير وفقا لخيارات الدول السياسية، وأننا بالتالى يجب أن نولى اهتماما أكبر بالأوضاع الداخلية التى تشكل مثل هذه الخيارات. ويرى تولسترب أن من ينتسبون لطبقة الصفوة الداخلية يعملون بوصفهم «حراس البوابة» الداخلية التى تستطيع وتقرر بالفعل أن تزيد أو تخفض مستوى العلاقات مع هذا اللاعب الخارجى أو ذاك.

وبتلك الطريقة، تلعب هذه الطبقة من صفوة المجتمع دورا كبيرا فى تحديد ما إذا كانت المحاولات الخارجية لممارسة النفوذ ستنجح أو تفشل. وبالتالى فإن بناء شبكة العلاقات والروابط مع الداخل هى عملية سياسية يقودها لاعبون سياسيون يسعون بنشاط إلى صياغة علاقة مع العالم الخارجى بطرق تساعدهم فى كسب عوامل القوة السياسية والاقتصادية والحفاظ عليها.

ويقسم تولسترب تلك الطبقة من الصفوة إلى ثلاثة مكونات، وهى الصفوة الحاكمة (وتضم هؤلاء الذين يديرون شئون البلاد اليومية)، والصفوة المعارضة (وتضم قادة أحزاب المعارضة، والحركات السياسية، ومنظمات المجتمع المدنى الذين يريدون تغيير النظام الحاكم)،  والصفوة الاقتصادية (التى تضم كبار رجال الأعمال، وقادة المؤسسات الاقتصادية الضخمة فى مجتمع ما).

يرى تولسترب أن الطبقة الحاكمة هى التى تحدد إطار العلاقات الخارجية، ومستوى وقوة تلك العلاقات مع الدول الأخرى، وأن طبقة الصفوة من المعارضة تفضل فى الغالب أن تكون على علاقة بالدول الغربية والمنظمات الداعمة للديمقراطية، وتفضل أيضا الحفاظ على مصالحها، وقد يكون بعضها غير ديمقراطى أيضا. أما الصفوة من رجال الأعمال، فهم من يحددون الدول التى يفضلون التبادل التجارى معها، وإقامة علاقات اقتصادية قوية أو ضعيفة، بحسب القرار السياسى الذى تشارك كل مكونات الصفوة فى تحديده تقريبا، سواء من خلال الاتفاق أو الصراع فيما بينها.

ويرى تولسترب أن المحددات الجغرافية والتاريخية تخبرنا فقط بجانب واحد من جوانب النفوذ الخارجى، وتترك لنا مساحة كبيرة غير مفسرة فيما بين الدول وبعضها بعضا وفى داخلها أيضا. ويمكن عند ملاحظتنا لكيفية ممارسة الصفوة لدورها وتأثيرها فى عنصرى النفوذ والارتباط أن يعطينا مزيدا من التفاصيل حول كيفية وأسباب صعود أو هبوط الروابط السياسية مع اللاعبين الخارجيين فى دولة ما.

كما يرى تولسترب أن الصفوة الداخلية فى بلد ما، والتى يطلق عليها اسم «حراس البوابة» الداخلية، هم الذين يحددون متى وكيف تفتح هذه البوابة ومتى يغلقونها. وتحاول كل طبقة من هذه المكونات الثلاثة أن تحقق مصالحها الخاصة بها.

ويرى تولسترب أن هناك أربعة عوامل أساسية هى التى تحدد الإرادة والقدرة الخاصة بتلك الصفوة بمختلف مكوناتها:

العامل الأول:هو الأكثر أهمية، وهو نوع النظام القائم. فالمؤسسات السياسية، خاصة درجة التعددية السياسية، هى التى تحدد شكل إدارة الدولة. فنوع النظام الحاكم يؤثر فى مدى استقلالية الدولة، وبالتالى امتلاكها للحرية التى تمكنها من المناورة ما بين المكونات المختلفة للصفوة أمام اللاعبين الخارجيين.

ففى الدول الديمقراطية، تسمح الصفوة الحاكمة للمعارضة بحرية العمل والحركة، وتهتم بشكل أساسى بتوفير الخدمات والسلع العامة من أجل ضمان دعم الناخبين فى المنافسات الانتخابية المقبلة. وتحدد هذه الدول ما إذا كانت تزيد علاقاتها مع دولة ما أو تخفضها، أو تقطعها تماما، عندما يدعم ذلك رفاهية شعبها ويدعم، أو على الأقل لا يضر، أمنها القومى. وتختلف اللعبة تماما فى الدول المستبدة، حيث تتركز السلطة السياسية فى يد الصفوة الحاكمة، وتفرض قيودا صارمة على أنشطة الأحزاب والحركات المعارضة. كما أن المنافسة السياسية لا تدور حول محاولة تحقيق مطالب الناخبين.

العامل الثانى:التحرر الاقتصادى وتنوع الأعمال. فكلما كانت الموارد الاقتصادية متركزة فى يد الطبقة الحاكمة، قلت فرصة امتلاك المكونات الأخرى من الصفوة لحرية العمل والمناورة والاختيار، ويشمل ذلك بالطبع قلة الفرص الخاصة بإقامة العلاقات مع اللاعبين الخارجيين، سواء من قبل الصفوة الاقتصادية أو الصفوة المعارضة.

العامل الثالث:هو أن معظم قرارات العلاقات الخارجية تتأثر من خلال تقييم ما يطلق عليه علماء العلاقات الدولية «تكلفة الجمهور». فكل اللاعبين السياسيين، سواء كانوا ديمقراطيين أو غير ديمقراطيين، يجب أن يهتموا بمصالح واهتمامات الجماعات التى تؤيدهم. فالجمهور يمكن أن يشكل ليس فقط الناخبين، ولكن أيضا هؤلاء الذين يملكون مصالح مهمة، مثل كبار رجال الأعمال، وجماعات المصالح، أو المؤسسة العسكرية. ويمكن لقطع العلاقات مع أحد اللاعبين الخارجيين المفضلين فى الداخل أن يكلف الطبقة الحاكمة أو المعارضة أيضا الكثير فيما يتعلق بالدعم الشعبى أو دعم جماعات المصالح.

العامل الرابع: هو أن الاستراتيجيات التى تتبناها الصفوة سوف تتأثر بما هو متاح من البدائل الخارجية من الشركاء. ويرى تولسترب أن أهمية وجود بدائل من الشركاء يفيد فقط إذا تمت دراسة ذلك من خلال رؤية جميع أطراف الصفوة، بمعنى أننا نقبل بأن تكون هناك سلطة للفاعلين السياسيين فى الداخل لكى يختاروا أى اللاعبين الخارجيين نقبل وأيهم نرفض، وأيهم يمكن العمل والتعاون معه.

ويختتم تولسترب دراسته بعرض نموذجين لكل من بيلاروسيا وأوكرانيا، ويشير إلى الدروس المستفادة من تجارب تلك الدولتين التى تساعد ناشرى أو داعمى الديمقراطية. ومن هذه الدروس، أن الدول الغربية لن تفلح فى توسيع علاقاتها مع الدول المستبدة، والأفضل من ذلك هو ضرورة دعم الصفوة من جماعات المعارضة المؤيدة للديمقراطية بشكل يضمن أن يكون هناك ضغط مستمر على تلك الأنظمة، وذلك ليس فقط من أجل تحقيق نجاحات ديمقراطية، ولكن أيضا من أجل الحد من الممارسات القمعية لتلك الدول المستبدة.

ومن هذه الدروس أيضا، هو أنه يجب كسب عقول وقلوب الناس أولا باتجاه تحقيق الإصلاح الديمقراطى، خاصة وقد أصبحت الاحتجاجات أكثر انتشارا وأكثر فعالية فى الفترة الأخيرة، وأصبح الحكام المستبدون يولون اهتماما متزايدا بهذا التهديد القادم من الداخل.

وسوف يدرك القادة فى الدول المستبدة أن الأمر سيصبح مكلفا بالنسبة لهم فى حال قمع قوى المعارضة التى تتمتع بعلاقات وثيقة مع الدول الغربية أو المنظمات الغربية الداعمة للديمقراطية، مقارنة بهؤلاء الذين لا يتمتعون بمثل هذه الروابط الخارجية.

عرض هناء عبيد

مجلة الديمقراطية