سافر أحد عاملين داعش عبر الحدود السورية السنة الماضية، واستقر في مدينة تركية حدودية، وبدأ من هناك مهمة لتهريب الجهاديين إلى أوروبا. كانت مهمة ناجحة بحسب قوله في مقابلة قرب الحدود السورية التركية، قائلًا: “انتظروا فقط“.
العامل، سوري في ثلاثينيات عمره بلحية سوداء مقصوصة قال إن “داعش ترسل مقاتلين مخفيين إلى أوروبا“، كما قال مهربان إنهم ساعدوه. يهرب هذا العامل المقاتلين في مجموعات صغيرة، مخفية في سفن شحن مع مئات اللاجئين، وينوون تنفيذ تهديدات داعش بنقل الهجمات إلى الغرب، بحسب قوله. ينظر المقاتل لذلك كثأر لضربات التحالف الجوية ضد التنظيم، التي بدأت في العراق الصيف الماضي، وفي سوريا الخريف الماضي، قائلًا: “إذا هاجمني أحد، فسأرد عليه بكل تأكيد“، قائلًا للصحيفة مع شرط إخفاء شخصيته.
قلقت الحكومات الغربية حتى قبل الهجمات الجوية، أن تجد داعش طريقة لنقل مقاتليها المتمرسين في المعارك إلى أوروبا عبر الحدود. العامل هو أول عضو من داعش يناقش هذه الخطط مع الإعلام. فصل هذا العامل سمة تستفيد من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، والتي أدت لإرسال 3.8 مليون لاجئ من سوريا، أكثر من 1.5 مليون منهم في تركيا وحدها.
من المدن التركية الحدودية مثل إزمير ومرسين، آلاف اللاجئين توجهوا نحو البحر، تحديدًا نحو إيطاليا. ثم يذهبون من هناك عادة نحو بلدان أكثر ترحيبًا مثل السويد وألمانيا، مسلمين أنفسهم للحكومات وطالبين للجوء. العامل قال إنه عمل مع المهربين لتمرير المقاتلين في هذه الموجة الإنسانية العارمة، قائلًا: “إنهم يذهبون مثل اللاجئين“.
مهربان للاجئين في تركيا قالوا إنهم ساعدوا داعش على إرسال مقاتلين إلى أوروبا بهذه الطريق. أحدهم وضع أكثر من 10 منهم في سفنه، ثم خاف وتوقف عندما طلب منه أكثر، بحسب ما أخبرنا الخريف الماضي. الآخر قال إنه كان يرسل مقاتلي داعش لشهور وهو مستمر بذلك، قائلًا: “أنا أرسل بعض المقاتلين الذين يريدون زيارة عائلاتهم، بينما يذهب البعض لأوروبا ليكونوا جاهزين“، في مقابلة جنوب تركيا، مع إخفاء شخصيته.
بين المهربين الآخرين في المدينة الحدودية جنوب تركيا، يملك هذا المهرب سمعة بنقل المقاتلين. تواصلنا معه بعد لقاء عامل داعش، لنتحقق من ادعاءاته. في البداية أنكر أنه هرب مقاتلين، ثم قال إنه احتاج “إذنًا” ليناقش هذه القضية مع صحفي. بعد ذلك، كشف أنه عمل مع عامل داعش، الذي أقر وسمح بالمقابلة.
قال المهرب إن بعض المقاتلين كانوا سوريين، من خلال لهجتهم التي ميزها آخرون من الشرق الأوسط، بينما لا زال البعض يتحدث العربية بشكل ضعيف أو لا يتحدثها إطلاقًا. أخبره البعض أنهم كانوا من بلدان أوروبية، وادعى البعض أنهم من أمريكا.
بالرغم من إيقاف الشرطة التركية، تستمر داعش بنقل المقاتلين عبر الثغرات الحدودية بطول 565 ميلًا، وكانت نقطة انتقال للجهاديين من وإلى حرب سوريا. بعض الذين احتاجوا جوازات سورية مزيفة أخذوها، والتي تعتبر سهلة التحصيل نسبيًا. بعد أن يستقبل المقاتلين، يضعهم المهرب في فندق، منتظرًا قائمة السفر لسفينة اللاجئين أن تمتلئ والجو أن يكون مناسبًا. يغادرون تركيا مثل أي لاجئين: في قوارب صغيرة تأخذهم لسفن شحن راسية في المياه الدولية. قال المهرب إن لديه 10 مهربين ينتظرون في مدينة حدودية واحدة “وسيرسلهم في السفينة القادمة“.
عامل داعش قال إنه هذه الطريقة بنقل اللاجئين كانت مهمة للتنظيم؛ لأن الحكومات الغربية مع السلطات التركية، كثفت جهودها لتعقب الجهاديين العائدين من سوريا، مما جعل السفر الجوي من تركيا خطرًا. من المتوقع أن يرتفع التشديد الأمني، بينما تسعى العواصم الغربية لمنع الهجمات الإرهابية مثل تلك التي ضربت فرنسا هذا الشهر، قاتلة 17 شخصًا. تملك داعش أكثر من 20 ألف مقاتل غير سوري في صفوفها، بحسب تقدير قريب، خمسهم تقريبًا مدنيون أو مقيمون من بلدان أوروبية غربية. إذا عاد هؤلاء الجهاديون إلى أوروبا في سفن لاجئين، يستطيعون السفر لبلدانهم عبر حدود مفتوحة بإجراءات أقل تشديدًا من المطارات. يمكن للسفن أن تضع سوريين أو مقاتلين شرق أوسطيين في أوروبا في ارتباك أزمة اللاجئين التي تستاء مع الأيام.
عضوان بارزان في مجلس الشيوخ الأمريكي أخبرونا أنهم يعلمون بأن داعش تهرب المقاتلين إلى أوروبا في سفن لاجئين، مما يجعله أول اعتراف من أشخاص في الكونجرس الأمريكي، فقد قال رئيس لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ ريتشارد بير في مقابلة له الثلاثاء الماضي: “أعتقد أنه من الآمن أن نقول إن هذا يجري، دون أن أكون متأكدًا أننا نعرف لأي درجة“.
بينما قال عضو لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ ليندسي جراهام “سمعنا بهذا”، مضيفًا أنه بينما تستمر الحرب في سوريا بالطحن، فإن اللاجئين وداعش سيستمرون باستخدام تركيا للانتقال داخل وخارج المنطقة، قائلًا: “إذا لم نجعل سوريا تستقر، لن نسيطر على هذا. سيكون لديك معضلة التفريق بين لاجئ شرعي أو جهادي ذاهب لمكان آخر“.
عامل داعش، الذي كان عضوًا في القوات الأمنية السورية، انضم إلى المعارضة بداية الحرب وقاد كتيبا مسلحات تحت اسم الجيش السوري الحر المدعوم أمريكيًا. بايع ورجاله داعش قبل عام، مقتنعًا برؤيتها لبناء خلافة صلبة. استمر بالعمل كقائد، مقاتلًا كلًّا من الثوار والنظام، قبل الانتقال للدور الذي وصفه بـ”الأمني”، الذي يتضمن الاغتيالات. قال إنه يراقب في تركيا التنظيمات الثورية المنافسة عبر الحدود، إضافة لعمله بإرسال المقاتلين، قائلًا: “حلمنا أن يكون هناك خلافة عالمية، لا في سوريا فقط، وسنحقق ذلك بإذن الله“.
هذا العامل مطلوب بين حلفائه الثوار السابقين. أحد القادة قال لنا إنه كان يصطاد هذا العامل، بعد أن سمع بانضمامه لداعش ومقدمًا صورًا له لتأكيد هويته، قائلًا: “لقد قُتل الكثيرون من قادة الجيش السوري الحر“.
وافق العامل على المقابلة بعد إصرار ثائر سابق قاتل معه سابقًا في الحرب. جالسًا في مطعم جنوب تركيا، ومعه مساعدان يراقبون المدخل من سيارة في الخارج ويتلقون مكالمات كل ثلاثين دقيقة للتأكد من سلامته. قال إنه تلقى الإذن بالمقابلة من مشرفه في داعش، الذي يسميه بالأمير، قائلًا: “هناك بعض الأشياء التي يسمح لي بقولها وبعضها لا“.
بعد الوصول له من خلال واسطة مع اتصالات مع مسؤولي داعش، رفض الأمير التحدث ولكن سمح بلقاء العامل.
في المطعم، ادعى العامل أن داعش أرسلت 4000 مقاتل لأوروبا. وبناء على الجهود الدولية لتقويض التنظيم، فإن العدد يبدو عاليًا جدًا، ويبدو أنه استشهاد لمحاولة رفع مكانة التنظيم ونشر الخوف. في تعليقات أخرى، تحدث العامل عن جهد آخر تقوم به داعش للبقاء متقدمة على السلطات التركية والغربية، قائلًا: “نحتاج تهريب المقاتلين بسرعة. ولكن المهربين أصروا حتى تمتلئ سفنهم بالسعة المناسبة، أحيانًا بـ700 شخص. لا نستطيع أن ندفع لكل هؤلاء اللاجئين لإرسال السفينة فقط”.
قال العامل إنه أجبر على نقل عمله من مدينة لمدينة كاستجابة لمحاولة السلطات التركية إيقاف تهريب اللاجئين، وأنه كان قلقًا من إلقاء القبض عليه، قائلًا إن الأمير نصحه بالتظاهر كلاجئ في تركيا ومراعاة إيجاد عمل اعتيادي كواجهة.
قال عدة مرات إن “العالم كله يقاتل داعش”، في إشارة إلى التحالف الدولي المشترك في الضربات الجوية، وأمل أن ضربات داعش في الغرب ستحطم التحالف، مسببة توقف الضربات. قال كذلك إنه يعتقد أن أي ضربات ستستهدف الحكومات الغربية، لا المدنيين، بالرغم من أنه حتى لو كان مخلصًا، فهو شيء لا يملك السيطرة عليه.
مسؤول في وزارة الخارجية التركية قال في بيان أرسله بالإيميل إن السلطات كانت تعمل لإيقاف تهريب اللاجئين بشكل عام. وأشار إلى أن أوروبا توافق على عدد قليل نسبيًا من اللاجئين عبر القنوات القانونية، وهي حقيقة ترفع نسبة الحاجة للتهريب. وقال المسؤول، الذي رفض التعريف عن نفسه، إن “الهجرة غير الشرعية كانت قضية مهمة وتركيا تقاتلها بشكل فاعل. بالطبع، الحل الأكثر تأثيرًا لإنهاء كل هذه المشاكل هو تحرك فوري من المجتمع الدولي لحل الصراع السوري“.
قال المسؤول إن الحكومة التركية كانت حذرة من تهريب مقالتي داعش لأوروبا في سفن التهريب، قائلًا: “نحن لا نملك هذه الاستخبارات المحددة. تركيا كانت تأخذ إجراءات مشددة لمقاتلة داعش، بكل القدرات التي تملكها الحكومة“.
مهرب معروف في المدينة الساحلية أنطاليا، قال إنه لم يتعامل مع الجهاديين، أخبرنا أن السلطات التركية سألته مؤخرًا عن الموضوع.
المهرب نفسه الذي عمل مع مقاتلي داعش قال إن السلطات سائلته كذلك، مجيبًا: “أخبرتهم لا. كل الأجهزة الاستخباراتية حول العالم تتابعنا وتحاول القبض علينا. ولكن إذا سألني شخص إذا أرسلت مقاتلين، سأقول له لا، أنا أرسل اللاجئين فقط وأساعدهم لإيجاد حياة أفضل“.
بزفيد – التقرير