أوبك (OPEC) منظّمة عالمية تأسست يوم 14 سبتمبر/أيلول 1960بمبادرة من الدول الخمس الأساسية المنتجة للنفط في حينه (السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا) في اجتماع عقد بالعاصمة العراقية بغداد، وبذلك أصبحت أوبك أهم منظمة أنشئت من طرف الدول النامية لرعاية مصالحها، وكان السبب الأساس لهذه المبادرة؛ هو التكتل في مواجهة شركات النفط الكبرى، والسيطرة بشكل أكبر على أسعار البترول وترتيبات الإنتاج.
تضم أوبك حاليا اثنتي عشرة دولة ست منها في الشرق الأوسط ( العراق ، إيران ،الكويت ،قطر ،السعودية ،الإمارات)، وأربع في أفريقيا(الجزائر، انغولا، ليبيا ،نيجيريا)، واثنين في أمريكا الجنوبية (الإكوادور، فنزويلا)، والأعضاء المتوقع انضمامهم للمنظمة (بوليفيا والمكسيك والسودان وسوريا) تم استدعائهم من طرف الأوبك .
وسيناقش أعضاء المنظمة في الاجتماع الذي تترقبه الأنظار في العاصمة النمساوية فيينا أواخر الشهر المستويات الحالية للإنتاج، وهبوط الأسعار التي ستكون على رأس أولويات الاجتماع؛ للتوصل الى حل يحد من تراجع الأسعار عالميا .
وتواصل المنظمة الترتيب لاجتماعها الذي يوصف من قبل خبراء في المجال النفطي على أنه مصيري والمقرر عقده في 30تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي في فيينا للتصويت على القرار الذي تم التوافق عليه في اجتماعها التشاوري غير الرسمي في الجزائر خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بتخفيض إنتاج المنظمة، إلى 32.5 مليون برميل يوميا من مستواه الحالي الذي يقارب 33.24 مليون برميل يوميا وتحديد سقف إنتاج لكل دولة.
وذكرت وكالة الإنباء الجزائرية (سبتمبر/2016): ان وزير الطاقة والصناعة والمواد المعدنية السعودي خالد الفالح الذي صرّح في الاجتماع ان ليبيا ونيجيريا وإيران تستثنى من اقتراحات التخفيض لرفع الأسعار، مشددا على ان كل اتفاق تصل إليه المنظمة يعني كل الدول الأعضاء باستثناء ليبيا بسبب ظرفها الأمني، ونيجيريا بسبب الهجوم على المنشات النفطية وإيران التي كانت تتعرض للمقاطعة من قبل الدول الغربية.
وعلى خلفية الاجتماع زار الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، طهران في زيارة رسمية، لإجراء مباحثات مع كبار مسؤولي النفط الإيراني، بخصوص مبادرة تجميد محتمل لمستويات إنتاج النفط، بهدف رفع أسعاره بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.
وناقش امين عام منظمة أوبك، ووزير النفط الإيراني، خلال المباحثات الوضع الراهن لسوق النفط، وإمكانية انضمام إيران لمبادرة تجميد غير مؤكدة لمستويات إنتاج النفط، بغية رفع الأسعار التي انخفضت إلى مستويات لم تشهدها السوق منذ 2003.
ومن المتوقع ان إيران لن تشارك في الاتفاق لأنها تهدف إلى رفع إنتاجها، بعد رفع العقوبات المفروضة عليها، في أعقاب الاتفاق النووي بين طهران والقوى الدولية. وزير النفط الإيراني قد عبر عن تفاؤله في قدرة دول أوبك على الاتفاق مشيرا الى ان سعر البرميل الواحد الذي يمكن أن يرضي المنتجين والمستهلكين، يتراوح بين 55 و65 دولارا.
اما روسيا فتعتقد أن تثبيت إنتاج النفط قد لا يدوم طويلا بسبب تعاف سريع متوقع في إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة، وفق ما نقلته وكالة انترفاكس للأنباء عن وزارة الطاقة الروسية مبينة ان وزير الطاقة الروسي من جهته “متفائل جدا” بإمكان توصل منظمة أوبك إلى اتفاق في وقت لاحق هذا الشهر لخفض الإنتاج النفطي.
وقد ابلغ وزراء طاقة من دول الخليج نظيرهم الروسي أن السعودية وحلفاءها الخليجيين في أوبك عبروا عن استعداداهم لخفض إنتاجهم النفطي المرتفع بواقع 4%.
وصرحت أكبر خمس شركات روسية لإنتاج النفط والمسؤوله عن ثلاثة أرباع الإنتاج في أكبر منتج للنفط في العالم إنها سترفع إنتاج الخام العام المقبل .
اما العراق العضو المؤسس لمنظمة أوبك العالمية وثاني اكبر منتج في المنظمة، فقد كان له أسبابه في رفع إنتاجه النفطي فقد ابلغ وزير الخارجية العراقي الأمين العام لأوبك برفع مستويات الإنتاج بسبب تزايد النفقات العسكرية في سياق الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية داعش.
ورغم جهود منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لتقليص الإنتاج أوضح الوزير أن “تراجع الأسعار أدى إلى ثغرة كبيرة في الموازنة العراقية وذلك في وقت علينا أن نرفع نفقاتنا العسكرية” وتأتي تصريحات الوزير على عكس ما تطمح إليه أوبك للحد من إنتاجها بهدف دعم الأسعار وكبح تخمة المعروض، وهي مشكلات أضرت بأسواق النفط العالمية على مدى العامين الأخيرين
وأشارت وزارة النفط العراقية في بيان لها الى ان وزيرها سيطرح مقترحات بلاده خلال اجتماع وزراء نفط الدول الاعضاء في منظمة اوبك بنهاية الشهر، ولم يكشف البيان عن طبيعة تلك المقترحات التي ستقدمها بغداد لإنجاح تطبيق اتفاق تم التوصل إليه في نهاية أيلول/سبتمبر للحد من الانتاج المفرط للنفط الذي يؤثر على تدني مستوى الأسعار منذ أكثر من عامين.
وأشار الأمين العام لمنظمة أوبك خلال زيارته لبغداد الى ان “العراق سيكون له تأثير ليس داخل المنظمة فقط وإنما في العالم لما يمتلكه من ثروة وارث كبير”، موضحا ان “زيارتي تأتي لدعم كأحد اكبر المصدرين والمنتجين في داخل المنظمة”.
وأوضح الأمين العام ان “منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك مرت بأوقات وظروف جيدة منذ أكثر من نصف قرن وفترات صعبة أيضا، والفترة الحالية هي الأصعب “، مؤكدا “حث الخطى من اجل التوصل إلى اتخاذ قرارات تخدم وتدعم أسعار النفط، ونحن نعمل مع العراق من اجل معالجة الموضوع والخروج من الأزمة الحالية”.
ولا تزال المواقف الرسمية إلى حد الآن مصرة على عدم خفض الإنتاج لكن محللين يعتقدون أن اجتماع فيينا القادم قد يكشف عن خطوات قد تشمل خفض مستويات الإنتاج ما من شأنه أن يحد من تراجع الأسعار عالميا.
ويرى المحللون الاقتصاديون المواقف الرسمية لا تزال إلى حد الآن مصرة على عدم خفض الإنتاج لكنهم يعتقدون أن اجتماع فيينا القادم قد يكشف عن خطوات قد تشمل خفض مستويات الإنتاج ما من شأنه أن يحد من تراجع الأسعار عالميا.
وأضاف مندوب أوبك “سيكون اجتماعا مهما وصعبا”. قد يتم الاتفاق على “العودة بالإنتاج إلى مستوى الحصص” في حالة عدم التوافق على تقليص هدف إنتاج أوبك. وقد يعني ذلك خفض الإنتاج حوالي 500 ألف برميل يوميا وهو حجم ما تنتجه أوبك حاليا فوق هدفها البالغ 30 مليون برميل يوميا بحسب أرقام المنظمة نفسها.
اما في حال عدم خفض المستويات الحالية للإنتاج سيواجه أعضاء كثيرون مثل الإكوادور وإيران وفنزويلا عجزا كبيرا في الميزانيات إذا ظلت الأسعار عند مستوياتها الحالية أو نزلت عنها، اذ يعتقد بعضهم أن المنظمة تقف عاجزة أمام زيادة الإنتاج الأميركي الذي زاد نحو مليون برميل يوميا في السنوات الثلاثة الأخيرة. وقد يفضي ذلك إلى ان عنصر المنافسة آخذ بالتناقص ويرى آخرون على أن الأسعار ستتعافى عندما يزيد الطلب خلال الشتاء.
من خلال من تقدم تبقى حالة التفائل موجودة كون اطراف المعادلة والقوة المسيطرة على القرارات هما المملكة العربية السعودية وايران مازلوا في حالة تريث رغم الاختلافات السياسية الان ان الاتفاق الاقتصادي مطروح لخلق توازن العرض والطلب
وبين نظرة تفاؤل وتحد لتخفيض مستويات الإنتاج ورفع الأسعار من جهة وبين تسويات تحفظ ماء وجه المؤيدين والمعارضين من الأعضاء السؤال هل ستتحول تطلعات أوبك الى حقيقة ام ظلال !؟.
شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية