مجموعة كبيرة من المجموعات الشيعية الجديدة والقديمة تهيمن على ساحات المعارك في العراق وسوريا، بحسب خبراء أمريكيين، مما يرفع المخاوف بشأن التأثير الإيراني المتنامي الذي قد يعزز الانقسامات الطائفية ويضعف القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
نمو هذه المجموعات -المعروفة بوحدات الحشد الشعبي- تثير لغزًا أمام إدارة أوباما وتحالف الـ60 دولة الذي تقوده ضد الدولة الإسلامية. في الوقت الحالي، المجموعات المدعومة من إيران توفر معظم “الأحذية على الأرض” التي تدفع قوات داعش من المناطق الرئيسة قرب بغداد، بما فيها محافظة ديالى. هذه المجموعات المسلحة تمنع داعش من الاقتراب نحو المناطق السورية، مع وجود تقارير مزعجة عن ارتكابها مجازر بحق سكان سنة من مقاتلين شيعة، قتلوا عددًا من المقاتلين الأمريكيين في السابق كذلك.
أثناء خطاب اعتماده في الرابع من شباط/فبراير كوزير للدفاع مكان تشيك هيجل، ساوى آشتون كارتر بين إيران والدولة الإسلامية كأكبر تهديدين للأمن القومي للولايات المتحدة، قائلًا: “لدي مخاوف من طبيعة نشاطات إيران الطائفية في العراق” أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، مضيفًا: “يجب أن تستمر الولايات المتحدة بتوضيح الأمور للحكومة العراقية بأن مسعى إيران في العراق يقوض المسار السياسي لكل الجاليات العراقية، والمطلوب لهزيمة الدولة الإسلامية“.
مساحة الولايات المتحدة للمناورة محدودة بأي حال.
المجموعات المسلحة المدعومة من إيران لعبت دورًا محوريًا في العراق منذ أسقط احتلال العراق نظام صدام حسين في 2003، مما عزز عودة آلاف المقاتلين المسلحين الشيعة، بما في ذلك أعضاء بمنظمة بدر، التي أنشئت في إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية 1980 – 1988، كجناح عسكري للمجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق، أحد أبرز الأحزاب في حقبة ما بعد صدام.
قائد ما يسمى منظمة بدر، هادي العامري، هو وزير العراق للمواصلات أصبح ظاهرًا في عدة معارك مع رجاله، كما هو الحال مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.
قال المحلل السياسي في مؤسسة راند، آليريزا نادر: “كيف يمكن أن نتحكم بتأثير إيران في العراق بمراعاة أن الأحزاب التي تيسطر على حكومة بغداد الآن هي أحزاب شيعية؟“، مضيفًا: “الحكومة العراقية هشة جدًا في هذه المرحلة لدرجة أنها تملك خيارات قليلة عدا العودة إلى إيران، التي بعكس أمريكا، تملك أناسًا على الجبهات يتلقون الخسائر“.
بعد إسقاط صدام، قامت إيران باقتراحات للولايات المتحدة لحوار طويل، إلا أنها رفضت. بدأت إيران تنظيم الميليشيات الجديدة، المسماة بـ”المجموعات الخاصة”، مثل عصائب أهل الحق، التي هاجمت الولايات المتحدة. عندما أنهت أمريكا عملياتها القتالية في العراق في 2009، تم تحرير وإعادة المسجونين والمحظورين من قادة الميليشيات، وبعضهم الآن له دور بارز في قتال الدولة الإسلامية.
من هؤلاء، أبو مهدي المهندس، قائد كتائب حزب الله، المصنف في قائمة الإرهاب الأمريكية.
حتى خبراء أمريكا في العراق الحذرون من دور إيران تنازلوا لكون هذه الفصائل توفر خدمة إضافة بينما تستمر الجهود لإعادة تشكيل الجيش العراقي وتنظيم قوات الحرس الوطني التي يمكن أن تقاتل بشكل أكثر كفاءة في المناطق السنية، مثل الموصل. وافقت الحكومة العراقية على إنشاء حرس وطني، ولكن البرلمان -الذي يهيمن عليه الشيعة والأكراد- لم يقره بعد.
بينما تهاجم أمريكا داعش من الجو، فإن المخاوف ظاهرة في واشنطن، كما هي لدى الأعضاء العرب السنة المقاتلين مع التحالف، أن إيران ستكون الرابح الأخير. لبعض النقاد، هذه المخاوف تأتي مع مسعى الصفقة النووية بين إيران وأمريكا.
تساءل الخبير الأمريكي في الجيش العراقي، مايكل نايتس: “ماذا إذا هزمنا الدولة الإسلامية، وخسرنا العراق في النهاية؟“، مشيرًا لما أسماه “حزبلة (نسبة إلى حزب الله) القطاع الأمني العراقي“، في خطاب له في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في 6 شباط/فبراير في لحظة كانت أشبه بـ”لحظة يالطا” في مؤتمر عام 1945 في القرم، حيث أذعنت الولايات المتحدة للتحكم السوفيتي في شرق أوروبا بعد الحرب.
تحتاج الولايات المتحدة أن ترفع تعاونها الأمني مع حكومة بغداد و”أن تتفوق على الإيرانيين” لتجنيب العراق أن تكون وكالة إيرانية، كما قال نايتس. هذا سيتطلب “علاقة مبنية على رؤية لمدة عقد” مع الحكومة العراقية، مما يتضمن حضورًا أمريكيًا عسكريًا.
فيليب سميث، الخبير بالميليشيات الشيعية، رسم صورة أكثر قتامة وتعقيدًا للحال في سوريا، حيث ظهرت الكثير من المجموعات خلال العام والنصف الأخيرين، للقتال بجانب بشار الاسد المدعوم إيرانيًا.
بينما تركز الانتباه على العدد الكبير للمقاتلين الأجانب مع الدولة الإسلامية والمجموعات السنية الأخرى، فإن “واحدًا من أكبر التمثيلات الأجنبية في سوريا شيعية“، بحسب سميث؛ إذ إن معظم المقاتلين من حزب الله اللبناني أو الميليشيات العراقية، إلا أنه قال إن هناك تجنيدًا لبلدان أبعد مثل الهندس وأفغانستان وإفريقيا؛ إذ كانوا يستجيبون للإعلانات على الإنترنت. قال سميث إن: “هؤلاء المقاتلين يصل عددهم إلى عشرات الآلاف وأكثر من ألف منهم قتل في الحرب“.
المسؤولون الأمريكيون الذين تواصلت معهم المونيتور، قالوا إنه لا أرقام للمقاتلين الشيعة الأجانب في سوريا، بينما يقدر عدد الأجانب السنة بـ20 ألفًا، أكبر من عدد الذين انضموا للجهاد المضاد للأفغان في 1980.
كثير من هذه المجموعات الشيعية تعتبر نفسها للدفاع عن مرقد السيدة زينب في دمشق، حفيدة الرسول عليه الصلاة والسلام وأخت الحسين، الذي كان استشهاده في القرن السابع حدثًا محددًا للعلاقة بين السنة والشيعة، إلا أن سميث يقول إن الدفاع غطاء لمزيد من النشاطات المتوسعة في سوريا.
قال سميث: “لقد أمنوا حكم بشار الأسد وبنوا جبهة جديدة للجولان” على الحدود بين سوريا وإسرائيل؛ إذ هاجمت إسرائيل وقتلت قافلة من مقاتلي حزب الله، بينهم ضابط إيراني، بينما انتقم حزب الله بهجوم صاروخي قتل جندين إسرائيلين في منطقة متنازع عليها على حدود إسرائيل وسوريا ولبنان.
بعض المحللين قالوا إن المخاوف من “هلال شيعي” جديد من طهران عبر بغداد إلى دمشق وبيروت (مرورًا بصنعاء اليمن التي سيطر عليها المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران) مبالغ بها.
إيران لها مشاكل اقتصادية داخلية كبيرة، ودعمها لما تعتبره قضايا “عربية” محدود، بينما يملك الكثير من التنظيمات الشيعية الأنبية أجندتها وأسبابها التي ستقوم بها حتى بدون الدعم الإيراني.
ما من شك أن الدولة الإسلامية والتنظيمات السنية الأخرى -التي كفرت الشيعة- حفزت الشعور الشيعي في المناطق التي تحتوي آليات شيعية واضحة، كما كان استبدال أمريكا لصدام بحكومة تهيمن عليها الشيعة عزز ظهور سابقة الدولة الإسلامية، القاعدة في العراق.
وقال ب. ج. ديمر، العقيد السابق في الجيش مع خدمته الطويلة في العراق والشرق الأوسط، إن “هذا ليس جديدًا ورأيناه في لبنان وسوريا سابقًا“، وبالنظر إلى قرب إيران من ساحات المعارك والعلاقات القوية مع الجاليات الشيعية العربية “سنرى وقتًا عصيبًا“، سنحاول تقليل تأثيره، بحسب ديرمر.
التقرير