لندن- وقعت سوريا وإيران في طهران، أمس، 5 عقود منبثقة عن اتفاقية التعاون الاقتصادي المشترك الموقعة، تشمل مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والنفط والاتصالات. وتم توقيع العقود على مستوى رفيع بين البلدين، حيث مثل الجانب السوري وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أديب ميالة، وعن الجانب الإيراني وزير الشؤون الاقتصادية والمالية، علي طيب نيا، وذلك بحضور عماد خميس رئيس مجلس الوزراء السوري والنائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري.
وأعربت إيران عن رغبتها في إنشاء شبكة للاتصالات النقالة وميناء نفطي في سوريا في إطار سلسلة من اتفاقات التعاون وقعت خلال زيارة رئيس الوزراء السوري عماد خميس إلى طهران كما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. وأكد وزير الاقتصاد والمالية الإيراني أن “الاتفاق يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين سوريا وإيران، خاصة وأن سوريا بدأت مرحلة تعاف وهناك العديد من المجالات التي يمكن التعاون بشأنها لخدمة شعبي البلدين” بعد انتهاء مرحلة الحرب.
علي طيب نيا: الاتفاق يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين سوريا وإيران
وفي العام الماضي قدمت الحكومة الإيرانية نحو مليار دولار للحكومة السورية من أجل تمويل وارداتها من السلع الإيرانية. ويقول سلام السعدي، المتخصص في الشؤون السياسية والاقتصادية في بلدان الشرق الأوسط، إن إيران لعبت دورا اقتصاديا متواضعا في سوريا قبل اندلاع الاحتجاجات في العام 2011، لكن دورها تطور بصورة متزايدة خلال السنوات الماضية مدفوعا بمصالحها الاقتصادية التي باتت لافتة وتستحق الدفاع عنها.
وبعد أن دمرت الحرب قسما كبيرا من البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية السورية، قامت إيران، وبخلاف بقية دول المنطقة، بإبرام العديد من اتفاقيات التعاون والعقود الاقتصادية مع الحكومة السورية من أجل إعادة إعمار المنشآت المتضررة. وأضاف السعدي أن تلك الاتفاقات شملت مجالات الخدمات والبنية التحتية والكهرباء والصحة والمطاحن والمواد الغذائية والقطاع المالي، فضلا عن القروض التي أبرمت في العام 2013 لتمويل المستوردات بشرط أن تأتي نسبة كبيرة منها من إيران وعبر شركات إيرانية.
وقد أعفت دمشق في يوليو من العام 2013 شركة إيرانية مختصة في تصدير المواد الغذائية من كل الرسوم والضرائب لدى دخول بضائعها إلى سوريا. وقال النائب الأول لرئيس الجمهورية الإيرانية إسحاق جهانجيري في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس مجلس الوزراء السوري إن “إيران تدعم الحكومة والشعب السوريين”. واعتبر أن زيارة رئيس الوزراء السوري تفتح “صفحة جديدة في الأنشطة الاقتصادية بين البلدين”. وينص أحد الاتفاقات الخمسة على أن تستغل إيران مناجم الفوسفات في منطقة تقع على بعد 50 كيلومترا جنوب مدينة تدمر الأثرية التي سقطت مرة أخرى في قبضة تنظيم داعش مؤخرا.
وأعلن خميس أن العقود التي وقعت الثلاثاء “والعقد السادس المتعلق باستثمار أحد الموانئ السورية تشكل نواة لكتلة كبيرة من التعاون المشترك بين البلدين في مجال التعاون الصناعي واستثمار الشركات الإيرانية في سوريا وإعادة الإعمار”. وسيلتقي رئيس الوزراء السوري الذي يترأس وفدا اقتصاديا كبيرا، علي شمخاني الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي المكلف تنسيق العمليات الأمنية والسياسية والعسكرية مع روسيا وإيران.
سلام السعدي: مصالح إيران الاقتصادية في سوريا أصبحت كبيرة وتستحق الدفاع عنها
وتعد إيران أبرز حليف إقليمي لسوريا وتقدم دعما ماليا وعسكريا وسياسيا للجيش السوري عبر إرسال “مستشارين عسكريين” “ومتطوعين” للقتال إلى جانب قوات الحكومة السورية. ويرى رافي زاد، الخبير في الشؤون السورية والإيرانية، أن هناك “خطة إيرانية على المدى الطويل تهدف إلى السيطرة على سوريا اقتصاديا وجغرافيا بعد الحرب بغض النظر عن نتائجها”. ونسبت صحيفة “هافينغتون بوست” الأميركية إلى زاد قوله إن “هذا التحول في العلاقة الاقتصادية بين طهران ودمشق، يمكن أن تكون له انعكاسات كبيرة على نفوذ إيران الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة على المدى الطويل”.
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن “المساعدات الإيرانية المالية والعسكرية في مجال الطاقة، وكذلك الاستثمارات في البنية التحتية، لا يزال معظمها في شكل تسهيلات ائتمانية وقروض، لكن كيف ستتمكن سوريا من تسديد تلك القروض لاحقا وهي وفي وضع اقتصادي منهار”. وكانت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية قد نقلت عن المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا قوله إن ديون إيران على الحكومة السورية تصل إلى نحو 35 مليار دولار.
لكنه أشار إلى أن طهران لم تعد قادرة على الاستمرار في إغداق الأموال على سوريا، إلا بشروط أبرزها هيمنة إيرانية كاملة. وأكدت الصحيفة “أن مصادر مقربة من صناعة القرار في سوريا تتحدث عن بيع الأراضي لإيران، وتؤكد أن الحكـومة وافقت على بيع أو رهن مبان وأملاك تعود للدولة السورية مقـابـل استمـرار المساعـدات الماليـة المتدفقة من طهران”، ما يعزز هيمنـة النفوذ الإيراني في القرار السياسي والعسكري السوري.
العرب اللندنية